ممر داوود و دور االدروز المحتمل في خطط إسرائيل لتقطيع شرايين الجسد السوري.
مقالات
ممر داوود و دور االدروز المحتمل في خطط إسرائيل لتقطيع شرايين الجسد السوري.
علي وطفي
9 نيسان 2025 , 14:57 م


بكل وضوح الكيان الإسرائيلي يعمل على استخدام الدروز السوريين كـ" طابور خامس " او منطقة نفوذ له في سورية ، لكن الرهان حتى الآن لم يتحقق ، على الرغم من التصريحات الاستفزازية للمسؤولين في تل أبيب لا يزال الدروز السوريون يعلنون أن "القبلة" بالنسبة لهم هي دمشق ، و انهم عرب سوريين ، على الرغم من استمرار التوترات مع الحكومة الانتقالية بل هي في تزايد.

ظهر ذلك بعد حادثة ضاحية "جرمانا "بدمشق ، التي قتل مسلحان من الجماعات الدرزية المحلية موظفا في جهاز الأمن العام التابع للحكم الانتقالي، مما ادى إلى محاصرتها من قبل هذه القوات.

سريعا قررت إسرائيل التدخل في الوضع ، و قدمت نفسها

" مدافعة عن الدروز." و طلب وزير الدفاع ، يسرائيل كاتس ، من الجيش الجهوزية للتدخل لدعم الدروز في بدأت القوات السورية في تطهير الضاحية. مؤكداً : "لن نسمح للنظام الإسلامي الراديكالي في سوريا بإيذاء الدروز ، إذا فعل ذلك سوف نضربه.

كما أكد رئيس الدائرة العسكرية : " نتعهد لإخواننا الدروز في إسرائيل" ببذل كل ما في وسعنا لمنع إلحاق الأذى بـإخوانهم في سوريا " ، و يعتزم اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لضمان سلامتهم ، إذا تحاول إسرائيل الاستفادة من الوضع غير المستقر في سوريا لتدمير مقدرات البلاد ، التي قد تشكل في المستقبل تهديدا لإسرائيل.

لقد غيرت أحداث 7 أكتوبر 2023 إسرائيل بشكل كبير في تقييمها لأمنها و إجراءات الحماية و الآن ، ربما يبدو أن الحفاظ على الفوضى في البلدان المجاورة بدلا من الاستقرار هو الخيار الأفضل لتل أبيب من أجل وقف أي تحديات مستقبلية ، لم تكن القيادة الإسرائيلية مهتمة بسقوط نظام الأسد معتقدة أن هذا سيؤدي إلى اضطراب خطير على الحدود و هي الآن تفعل كل شيء لضمان عدم قدرة السلطات السورية الجديدة على استقرار الوضع ، بل إنها تريد أن تصبح سورية كدولة غير قابلة للإستمرار من حيث المبدأ و تتحول إلى عدة كيانات.

بالطبع ، في هذا السيناريو قد تؤثر بعض" المناطق" في الصراعات أيضا على إسرائيل ، لكن هذه بالتأكيد لن تكون موجات عنيفة مثل "طوفان الأقصى"و يصبح من الأسهل بكثير مواجهتها كما تتحدث إسرائيل عن هذه الخطط مباشرة و بلا تردد حيث أعرب وزير الخارجية الإسرائيلي "جدعون سار" علنا عن تفضيل حكومة نتنياهو لسوريا مجزأة جاء في خطابه خلال انعقاد قمة الاتحاد الأوروبي - إسرائيل عندما دعى إلى تقسيم البلاد إلى دويلات مستقلة منفصلة وفقا للتنوع العرقي و الديني إنها الوسيلة الافضل لحماية الأقليات في البلاد الذين يتعرضون للتهديد من الحكومة الجديدة ، لأن صوملة سورية هي بداية نجاح مشروع "ممر داوود" في إسرائيل و مشروعية ليهودية الدولة.

اما قيام " الممر" في المرحلة الأولى التي أصبحت واقعا اليوم من خلال إنشاء منطقة أمنية في جنوب سوريا في محافظتي درعا و القنيطرة المتاخمتين لإسرائيل و يمكن للدروز في محافظة السويداء المجاورة ، حيث يشكلون الأغلبية الاندماج مع هذه المنطقة و هذا من شأنه أن يخلق شريطا آمنا للسيطرة الإسرائيلية في جنوب سوريا بحيث يصبح الدروز عبارة عن ركيزة محلية لإسرائيل كما كان دور المسيحيون الموارنة في لبنان و غيرهم في "جيش لحد" العميل جنوب لبنان حتى عام 2000.

و تجلت حقيقة إطلاق المرحلة الأولى من السيناريو في الإنذارات المتكررة من قبل حكومة نتنياهو بشأن انسحاب جميع القوات المسلحة للحكومة السورية الجديدة من المناطق الجنوبية من سوريا.

في المرحلة الثانية من المخطط هو تمديد ممر داوود عبر المناطق الصحراوية على طول الحدود مع العراق ، بالاعتماد على قاعدة التنف الأمريكية.

على أن يتم توفير هذا الحزام الأمني من قبل القبائل العربية التي كانت جزءا من "الجيش السوري الحر" الموالي لأمريكا المتمركز في التنف و أن يمتد إلى الأراضي التي تسيطر عليها التشكيلات الكردية "قوات سوريا الديمقراطية" في شمال شرق سوريا و بالتالي يتم عزل إسرائيل عن مناطق العراق الشيعية الموالية لإيران بواسطة مجموعة قوية من القوات المتحالفة معها و مع الولايات المتحدة و استطراداً عزل الحكومة "الإسلامية" في دمشق.

للقيام بذلك يجب على العلويين في الساحل وفقا لهذه الخطة الانفصال عن سوريا و تشكيل شبه دولة، بالفعل تجري اليوم شائعات في الصحافة الغربية بأن إسرائيل ترغب في بقاء القواعد الروسية في سوريا و تتفاوض على ذلك ليس فقط مع روسيا و لكن أيضا مع الولايات المتحدة.

من الواضح أن هناك تلميح إلى أن الجانب الروسي قد يصبح راعياً سياسياً لـهذه "الدولة العلوية"، بينما الولايات المتحدة مهمتها في رعاية الدروز و الأكراد و الإسرائيليين و حماية "ممر داوود ."

الدروز بين مطرقة تل أبيب و سندان دمشق....

لكن خطط إسرائيل بعيدة المدى تصطدم بعقبة قوية ،عندما رفض الدروز على الفور أي مساعدة خارجية مؤكدين من جديد وحدة سوريا و عدم قابليتها للتجزئة عبروا عن ذلك بمظاهرات بالأعلام السورية ضد تصريحات " نتنياهو و كاتس" و جدير بالذكر أن الشخصيات الدينية والسياسية الدرزية المؤثرة من السويداء هي من توسطت في حل النزاع بين سكان "جرمانا" و جهاز الأمن العام التابع للحكومة الانتقالية و دخل بالكامل إلى هذه الضاحية.

من ناحية أخرى ربما محافظة السويداء تلعب لعبتها الخاصة من خلال استخدام الدعم السياسي للدروز الإسرائيليين و طبيعة هذه "اللعبة" هي في الضغط المنهجي على دمشق للحصول على بعض امتيازات الحكم الذاتي في السياق السوري العام و في الوقت نفسه لا ينبغي مساواة ارتباط الدروز السوريين بالدروز الإسرائيليين بعلاقة الدروز السوريين مع إسرائيل ، بالفعل في مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل ، و التي أعلنت تل أبيب ضمها في ثمانينات القرن الماضي حافظوا على الهوية الوطنية السورية في الجولان حتى يومنا هذا و يرفضون الخدمة في الجيش الإسرائيلي و الجنسية الإسرائيلية في غالبيتهم ، لكن لا ينبغي الاستهانة بأنشطة أجهزة المخابرات الإسرائيلية و خاصة الموساد الذي يستخدم بعض الدروز إسرائيل لإنشاء شبكات موالية لإسرائيل بين أبناء الطائفة في سوريا و من الواضح تشكيل "المجلس العسكري" في السويداء الذي تم إنشاؤه مؤخراً يمكن اعتباره موالياً لإسرائيل حيث أعلن عن نفسه بصوت عال بعد إعلان خطط إسرائيل لتقسيم سورية ، لكن يبقى تأثير هذا المجلس بين الدروز السوريين ضئيل جداً على الرغم من وجود أفراد عسكريين مؤهلين تأهيلا عاليا في صفوفه تم تدريبهم في قاعدة "التنف" الأمريكية عام 2023م على عكس " لواء الجبل" و قوات "شيوخ كرم" حيث يفوق عدد هذه التشكيلات المسلحة بشكل كبير هذا المجلس الذي لا يلقى دعم زعماء دين الطائفة.

يبقى مفتاح حل المشكلة في دمشق و الموقف الذي سوف يتخذه الدروز يعتمد إلى حد كبير على تصرف السلطات السورية الجديدة نفسها ، واضح عدم الثقة من خلال مواقفهم المعلنة اتجاه حكومة الشرع الإسلامية في دمشق و تجربتهم السلبية مع جماعة *جبهة النصرة قبل أن تتحول إلى هيئة تحرير الشام* و تحكم دمشق حين أجبرت المناطق الدرزية في إدلب على اعتناق الإسلام و تم أسر و قتل الكثير منهم بعد إعلانهم "مرتدين" رغم ذلك تم الآن حل العديد من المشاكل مع السلطات الجديدة إلى ان توافقوا في كانون الثاني على نشر قوات الأمن العام التابعة للحكومة الانتقالية في محافظة السويداء بعد أن منعوهم الدخول إليها في السابق ، كما تقوم قوات الامن بالفصل بين الفصائل المتحاربة من القبائل الدرزية و القبائل البدوية المحلية و رغم ذلك تبقى الميلشيات المحلية الضامن الرئيسي لأمن المحافظة و فصائل دمشق ، لأن ذلك يمكن أن يُسّرع في اندماجها حيث عدم الثقة حاضرة في العلاقة، بل تتزايد بسبب دعوات الحل الجذري لوضع محافظة السويداء من بعض ميليشيات الأكثر تطرفاً في منظمة"هيئة تحرير الشام " المهيمنة على السلطة في الوقت الحالي و هذا يؤثر بشكل خطير و يباعد بين دمشق و المجتمع الدرزي في البلد"و قد يستثمر الموساد ذلك بالاتفاق مع المتطرفين من الهيئة و هندسة الصدام بين الطرفين.

في كل الاحوال تواصل إسرائيل الضغط و التلاعب على الاطراف السورية المختلفة باستخدام كل وسائل التحريض على الكراهية خصوصاً ضد المكون الدرزي من قبل العرب السنة و بالعكس من أجل توسيع و تعميق الصراع العرقي و الديني مما يؤدي الى حتمية طلب الحماية من تل أبيب و تحقيق الهدف النهائي الاكبر فعلياً اي الوصول إلى تفتيت الجغرافية السورية التي كنا نعرفها بشكل نهائي و تحقيق حلم المشروع التوسعي التاريخي الذي يجسده "علم" الكيان في حدود ما بين النهرين.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري