ففي بلدٍ قائمٍ على توازُناتٍ طائفيةٍ هَشّة، وخاضعٍ لِإملاءاتٍ خارجيةٍ إقليميةٍ ودَولية، لم يعرفِ الِاستقرار، وغابتْ عنْهُ صِفَةُ الدولةِ الوطنية، في هذا البلدِ الهَشّ،كان لا بُدَّ، كُلّما تختلُّ التوازُنات، من أنْ تندلعَ الحروبُ الأهليّةُ فيه، حروبٌ أهليَّةٌ قذرة، تُخرّبُهُ، وتقتُلُ أهلَهُ وتُهَجِّرُهم، ولن يستفيدَ مِنها سِوى عدوِّهِ المتربصِ بهِ، وأعداءِ الخارجِ المُترَبّصين معهُ، والداعمينَ، بشكلٍ أو بِآخرَ، لهذهِ الفئةِ أو تِلكَ من مُكَوِّناتِهِ اللّاوطنية.
واليوم، وفي ظِلِّ ما يَحْصُلُ، مِنْ تهديدات ، وفي ظلِّ ما تعرَّضَتْ لهُ المنطقةُ، مِنِ ارتداداتٍ أطاحتْ بِكُلِّ جغرافيةِ المنطقة، وتُهَدِّدُ بِإعادةِ رَسْمِ خارِطَتِها، وتَفْتِيتِها إلى دُوَيْلاتٍ طائفيةٍ قَزَمَةٍ وهَشَّةٍ، تعيشُ حروباً أهلِيَّةً مُدَمِّرَة، وخاضعةٍ كُلِّياً لِهَيْمَنَةً خارجية.
إنَّ لبنانَ مُهَدَّدٌ، مِنْ جديد، بِفِتْنَةٍ داخليةٍ قدْ تَطِيحُ بِهِ، وتَنْزَعُهُ عنِ الخارطة.
لِذا أتَوَجَّهُ إلى كُلِّ الوطنيينَ الشرفاء، وإلى كُلِّ مُكَوِّناتِ المجتمعِ،داعياً الجميعَ للتَّواصُلِ، والتحرُّكِ، وإرْساءِ مشروعِ وَطَنِيٍّ يَحولَ دُونَ الفِتْنَة ، ويُنْقِذُ البلدَ ممّا يَتَهَدّدُه، ويدفعُ إلى إعادةِ بناءِ عَمارَةِ المُجتمعِ من جديدٍ، على مُرتكزاتٍ وطنية ، ويضعُ حداً لِلِانقِساماتِ الحادةِ التي يَغْرَقُ فيها، ولِلتَّدَخُلاتِ الخارجيةِ السَّافلة، من أينما كانت.
إنّها دعوةٌ مُوَجَّهةٌ إلى كُلِّ المُثَقَّفينَ والكُتّابِ والطُّلّابِ والنَّاشِطينَ، والقِوى الْحَيَةِ، وكلِّ الأحرارِ في بلدي...
فإلى مَزيدٍ مِنَ الْوَعْيِ، ومزيدٍ مِنَ التَّلاقي والحِوار؛ فَبِوَعْيِناوتواصُلِنا والْحَدِّ مِنَ التَّشَنُّجاتِ، وعدَمِ الرُّضُوخِ لِلْإملاءاتِ، نتمَكَّنُ مِنَ الوصولِ إلى مشروعٍ وَطَنِي جامِعٍ نُنْقِذُ بِهِ بلدَنا، ونُعِيدُ بِناءَ دولتِنا القادرةِ على مُواجهةِ كُلِّ ما يعترضُنا مِنَ التَّحَدِّياتِ الداخليةِ والخارجية، الّتي تَجعلُنا أكثرَ قدرةً على مقاومةِ الطّامعينِ والطُّغاةِ، في هذا العالم الغابة.



