كتبت الأستاذة ماجدة الحاج:
"بقدرة قادر" خفتت قرقعة السّيوف الأميركية ضدّ ايران، وبادر الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى إعلاء لغة التفاوض معها على لغة تهديدها بالويل والثّبور، واستدعى بنيامين نتنياهو - رئيس الوزراء"الإسرائيلي"الى واشنطن للجم اندفاعته نحو شنّ هجوم على ايران، وحيث فاجأه ووفده المرافق، بإعلانه انطلاق مفاوضات مع الأخيرة وانه يفضّل الخيار السّلمي ازاءها على العسكريّ.. لكن، ثمّة من المحلّلين والخبراء العسكريين من يسأل" ماذا لو نفّذت "اسرائيل" خلال المفاوضات الجارية -والتي اتّسمت حتى الآن بالايجابيّة اقلّه لإيران-، ضربة جوّية على منشآتها النووية بضوء اخضر اميركي، تتنصّل منه واشنطن بزعم انخراطها في مفاوضات معها؟
اما وانّ المفاوضات الاميركية-الايرانية تسير حتى الآن على عكس ما يتمناه نتنياهو، والذي يجنح صوب دفع واشنطن الى اعتماد الخيار العسكري مع طهران وتدمير كامل برنامجها النووي على الطريقة الليبيّة، والذي كان يتمنى ان تشمل هذه المفاوضات ايضا الصواريخ الباليستية الايرانية وهو ما لم يحصلالى حين بل حصرته واشنطن بالشقّ النووي المُعّدّ فقط لأغراض عسكريّة، وليس البرنامج النووي السّلمي.. وبالتالي، جاءت هذه المفاوضات ل "تُقزّم" نشوة نتنياهو التي رافقته الى واشنطن قبل البيت الابيض وسماع ما لم يكن يتوقّع سماعه من الرئيس اترامب!
لا جِدال في دعم الرئيس ترامب القوي لإسرائيل- كواجب سائر رؤساء الولايات المتحدة، لكن عندما يصل الأمر لشخص بنيامين نتنياهو-ورغم اعلان ترامب على الدوام انه صديقه، الا انّ الاخير بات يشكّل عبئا على ترامب الذي يتوجّس من استمرار نتنياهو وحكومته المتطرّفة في الحكم، لما في ذلك من خطر على "اسرائيل" نفسها.- وهذا ما تقرّ به وسائل اعلام عبريّة، نبّهت عند انتخاب ترامب رئيسا هذه المرّة، انه لن يكون نفسه الذي حكم في ولايته السابقة، خصوصا تجاه نتنياهو.. وعليه، لم يكن كلامه عرضيّا اثناء حملته الإنتخابية عندما قال" اذا لم
يتمّ انتخابي، ستنتهي اسرائيل خلال عامَين". وهو طبعا لم يكن يقصد في هذا "الكلام، خطر الحكّام العرب وجيوشهم على الكيان، بل خطر انهيار "اسرائيل من الداخل في ظلّ حكم نتنياهو وحكومته المتطرّفة!
وفي حال حقّقت المفاوضات بين واشنطن وطهران النتائج المرجوّة اقلّه للجانب الايراني، فهذا سيُعتبّر نصرا دبلوماسيّا لطهران، مقابل "انتكاسة" مدوّية لنتنياهو شخصيّا. وهناك من كبار المحلّلين الأميركيين والغربيين، من يشير الى انّ واشنطن بدورها تريد إنجاح هذه المفاوضات لانّ فشلها يُلزمها بتنفيذ ما توعّدت به، وهو شنّ الهجوم على ايران، وهو ما يريد ترامب تجنّبه وسط شبح انهيار
البورصات بعد رفعه الرسوم الجمركيّة، وبالتالي، في حال ذهابه الى الخيار العسكري، فإنّ تكاليفه ونتائجه في هذه الظروف ستكون مرهقة للإدارة الاميركية خصوصا مع انهيار الاسواق وارتفاع اسعار النفط الى حدّ كبير، ومبادرة ايران الى اغلاق مضيق هرمز!
وتؤكّد تقارير غربيّة، انّ واشنطن تلقّفت "تأكيدات" انّ حجم الرّد الايراني حينئذ لن يكون متوقّعا.. هذا من دون اغفال انّ عواصم عدّة في دول عربية وخليجيّة وصلتها رسائل ايرانية تحذّرها من التورّط في اي هجوم اميركي او "اسرائيلي" على ايران، والتنبّه من مغبّة السماح لانطلاق الهجمات المعادية عبر اراضيها وأجوائها!
لكن، في المقابل، هناك اسئلة مشروعة تفرض نفسها ايضا.. " ماذا عن اسرائيل التي تتابع بتوجّس ما يجري في اروقة مسقط العُمانية؟" كيف سيكون الموقف "الاسرائيلي" فيما لو وصلت هذه المفاوضات الى خواتيم ايجابيّة؟"، ماذا عن اللوبي الصهيوني" في الولايات المتحدة و"بعضه" المؤثّر في الادارة الأميركية وقدرته على "فرملة" ايجابيّة المفاوضات وتسييرها نحو السّكة المعاكسة.
هل يبادر نتنياهو الى "تخريب" هذه المفاوضات ؟ وكيف؟- خصوصا انه يدرك انّ "انتصار" ايران عبر انتزاع الاوراق التي تريد الحصول عليها من هذه المفاوضات، لربما تؤدي الى نهايته سياسيّا.. وهل يمكن اغفال تبادل الأدوار بين واشنطن وتل ابيب، عبر موافقة اميركية ضمنية تجيز للأخيرة تنفيذ ضربة جويّة على ايران تواكب المفاوضات الدائرة، تتنصّل منها واشنطن، لتفضي هذه الضربة الى مكسب كبير للثنائي يمكّنه من صرفه "بالقوّة" على طاولة التفاوض!
لكن.. هل ايران غافلة عن هذا الاحتمال ولا تتحسّب له؟.. ثمّة من المحلّلين والخبراء العسكريين من يرجّح مبادرة نتنياهو في الفترة القريبة المقبلة الى إعلاء وتيرة التصعيد الى الحدّ الأقصى بدءا من غزة مرورا بالجنوب السوري وصولا الى جنوب لبنان!.. هذا في مقابل تسريبات صحفية نُقلت عن سفير فرنسي سابق في "اسرائيل"، رجّحت "حدثا دراماتيكيا مرتقبا فيها، يضع نتنياهو في موقف لا يُحسّد عليه، وعلى الارجح سيُنهي حياته السياسية الى الابد!



