مصر العروبة .. وساطة ام وكالة
منوعات
مصر العروبة .. وساطة ام وكالة
مجد شاهين
18 نيسان 2025 , 06:51 ص


بقلم مجد شاهين

منذ اندلاع حرب الابادة الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر 2023، عادت مصر لتكون في واجهة الوساطة الإقليمية، محاولةً الوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين دولة الاحتلال و المقاومة الفلسطينية على راسها حماس.

إلا أن أحد أكثر المقترحات اثارة للجدل كان الطرح الاخير والذي تمثل بمطالبة فصائل المقاومة بتسليم سلاحها مقابل وقف العدوان وبدء مرحلة إعادة الإعمار.

هذا الطرح و الذي نقلته وسائل إعلام غربية و عربية أثار أسئلة كثيرة بين الفلسطينيين والعرب،

هل تسعى مصر فعلًا للوصول إلى اتفاق و وقف العدوان ؟ أم أنها تلعب دورًا ينسجم مع مصالح إسرائيل والغرب في إنهاء المقاومة المسلحة في غزة؟

منذ نكبة عام 1948 وحتى اليوم، لعبت مصر أدوارًا متعددة في الملف الفلسطيني ، كانت غزة تحت الإدارة المصرية بعد نكبة فلسطين. لم تكن هناك سيادة مصرية كاملة، لكنها كانت تتابع شؤون القطاع إداريًا ، بعد النكسة احتلت إسرائيل قطاع غزة ، ومنذ ذلك الوقت أصبح القطاع تحت الاحتلال الاسرائيلي الكامل.

بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل عام 1979 بدأت علاقات القاهرة تتغير تدريجيًا، حيث تم إخراج مصر من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي.

في عام 2007، و بعد سيطرة حماس على قطاع غزة فرضت إسرائيل حصارًا على القطاع، كما اعتبر البعض ان مصر بدورها تقوم بمحاصرة القطاع انسجاما مع موقفها من حركة الاخوان المسلمين التي تعتبر حركة حماس امتدادا لها.

ثم بدأت مصر تلعب دور “الوسيط” بين الفصائل الفلسطينية من جهة، وإسرائيل والغرب من جهة أخرى، ولكن رغم التوترات السياسية، استمرت مصر في احتضان مفاوضات وقف إطلاق النار بعد كل حرب على غزة مدفوعةً بمصالح أمنية على حدودها، وضغوط دولية للحفاظ على دورها الإقليمي.

و وفقًا لمصادر إعلامية غربية و عربية طرحت مصر خلال المحادثات مع حماس، فكرة تقضي بتسليم صواريخ وقذائف الفصائل الفلسطينية وتخزينها تحت إشراف دولي "مصري وأوروبي "وذلك كجزء من اتفاق وقف إطلاق نار طويل الأمد.

وهنا يبرز السؤال ما الهدف من المقترح؟

الطرح المصري وفقا لتسريبات صحفية وتقارير اعلامية جاء كما يبدو بهدف طمأنة الاحتلال الاسرائيلي بأن الحرب لن تتكرر إذا تم نزع سلاح المقاومة. و فتح باب اعادة الاعمار بغطاء دولي و تمكين السلطة الفلسطينية او " جهة ثالثة" ربما سيتفق عليها، من إدارة غزة.

كما كان متوقعا، قوبل الطرح او المقترح المصري برفض حاسم من المقاومة و حماس التي اعتبرت أن السلاح هو ما يمنع الاحتلال من التمدد والهيمنة، وأن تسليمه دون تحقيق استقلال وطني كامل هو استسلام واضح.

الاقتراح المصري جعل الكثير من المراقبين والمحللين يطرحون العديد من الاسئلة والتي من اهما، هل تقوم مصر بهكذا مقترح بدور الوساطة أم الوكالة؟ ذلك لأن المقترحات المتعلقة بنزع سلاح المقاومة تتماهى مع الشروط الإسرائيلية، التي طالما أصرت على تفكيك قدرات حماس العسكرية كما ان مصر، في السنوات الأخيرة، عززت تعاونها الأمني والاستخباراتي مع إسرائيل، خاصة على حدود غزة وسيناء ، هناك ايضا ضغوط دولية، وخصوصًا أمريكية، و التي تدفع مصر للعب دور “ضامن أمني” أكثر منه وسيطًا نزيهًا.

ردا على هذا جاء موقف فصائل المقاومة بالرفض حيث اعتبرت أن نزع السلاح دون حل سياسي شامل يعني نهاية المقاومة و رفض أي دور دولي أو إقليمي يهدف لنزع السلاح حتى ان شريحة واسعة من الشارع الفلسطيني رغم معاناته من الحصار والحرب، لا يرى بديلًا عن المقاومة المسلحة في ظل غياب أي أفق سياسي جدي.

يأتي تمسك الفلسطينيين بسلاحهم لأنهم يروون انه الوسيلة الوحيدة التي تردع إسرائيل عن الاستباحة الكاملة للارض والشعب الفلسطيني كما ان التجربة التاريخية من المفاوضات و اتفاقيات أوسلو، أظهرت أنه دون ضغط عسكري لا يتحقق شيئً ملموسً، ولم ينل الشعب الفلسطيني حقوقه الوطنية، لا في إقامة دولة، ولا في العودة، ولا في إنهاء الاحتلال.

في ضوء ما سبق، تبدو مصر اليوم كما يرى الكثير من المراقبين في وضع حساس او ربما حرج، فهي تحاول لعب دور الوسيط، لكنها تتعرض لضغوط إقليمية ودولية تدفعها للاقتراب أكثر من رؤية إسرائيل والغرب.

المقترحات التي تمس جوهر مشروع المقاومة تضع الوسيط المصري في موقع لا يحسد عليه ، إن وافق على شروط إسرائيل، خسر ثقة الفلسطينيين، وإن دعم خيار المقاومة، خسر رضا القوى الكبرى.

وهنا تظل الحقيقة الأهم و هي أن لا سلام حقيقي يمكن بناؤه على سلب الشعب الفلسطيني حقه في الدفاع عن نفسه. فالمقاومة ليست بندًا يمكن شطبه على طاولة المفاوضات، ولا خيارًا تكتيكيًا مؤقتًا، بل انعكاس لحقيقة أن العدالة لم تتحقق بعد، وتعبيرٌ عن واقعٍ من الظلم والقهر المستمر منذ أكثر من 77 عامًا.

المصدر: موقع إضاءات الإخباري