يُعد اكتئاب ما بعد الولادة من أكثر المضاعفات شيوعاً بعد الإنجاب، حيث يصيب نحو واحدة من كل سبع نساء، هذه الحالة النفسية الخطيرة تتسبب في نوبات حادة من الاكتئاب والقلق، وتصعّب على الأم التواصل العاطفي مع طفلها حديث الولادة، بل وقد تؤدي إلى أفكار إيذاء النفس. ويُعتبر الانتحار أحد الأسباب الرئيسية لوفيات الأمهات في الولايات المتحدة.
- قلة من النساء يطلبن المساعدة
ورغم خطورة هذه الحالة، إلا أن 6% فقط من النساء المصابات يطلبن العناية الطبية، فالوصمة الاجتماعية وقلة التوعية والعار المرتبط بالمشكلات النفسية تؤخر التشخيص وتزيد من مضاعفات المرض على الأم والطفل معاً.
- اختبار دم جديد يفتح أبواب الأمل
الأبحاث الحديثة فتحت نافذة جديدة على الأمل، حيث توصل العلماء إلى اختبار دم يستطيع التنبؤ باكتئاب ما بعد الولادة بنسبة دقة تصل إلى 80% خلال الثلث الأخير من الحمل، يعتمد هذا الفحص على مؤشرات جينية تُعرف باسم "العلامات الجينية اللاجينية"، وهي تغييرات في التعبير الجيني يمكن رصدها في الحمض النووي.
- تغيير جذري في طرق العلاج
إذا تم اعتماد هذا الاختبار في الممارسات السريرية، سيُمكن للأطباء تحديد النساء المعرضات للخطر وتقديم العلاج لهن قبل ظهور الأعراض، مما يفتح الباب أمام انتقال الرعاية النفسية من مرحلة "الاستجابة" إلى "الوقاية".
- دور الفحص في تقليل الوصمة
ترى د. جينيفر باين، الخبيرة في الطب النفسي الإنجابي، أن هذا الفحص يمكن أن يُسهم أيضاً في تقليل الوصمة الاجتماعية، لأنه يوفر دليلاً بيولوجياً ملموساً على أن اكتئاب ما بعد الولادة هو حالة طبية تتطلب علاجاً، وليس ضعفاً شخصياً.
- هل توجد أنواع متعددة من اكتئاب ما بعد الولادة؟
تشير الأبحاث إلى وجود نوعين من هذا الاكتئاب، لكل منهما استجابة علاجية مختلفة:
النوع الأول: يصيب النساء ذوات التاريخ السابق مع الاكتئاب أو القلق.
النوع الثاني (المرتبط بالهرمونات): يحدث لدى نساء لم يعانين مسبقاً من مشاكل نفسية، ويستجيب بشكل أفضل للعلاج الهرموني.
- التوافق بين الفحص والعلاجات الحالية
تُعالج أغلب حالات اكتئاب ما بعد الولادة من خلال الأدوية المضادة للاكتئاب مثل:
سيتالوبرام (Celexa)، إسيتالوبرام (Lexapro)، فلوكسيتين (Prozac)، سيرترالين (Zoloft)، وهي آمنة غالباً أثناء الحمل، مع فوائد تفوق المخاطر.
- دواء مخصص لاكتئاب ما بعد الولادة
في عام 2023، أقرّت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) دواء زورانولون (Zurzuvae)، وهو علاج هرموني مخصص لهذه الحالة، ويُعطى لمدة أسبوعين ويمكن البدء به في المستشفى بعد الولادة.
- العلاج النفسي والدعم الجماعي
يُعتبر العلاج السلوكي المعرفي والعلاج التفاعلي من أنجح الوسائل في مساعدة الأم على تجاوز أفكار الذنب والخوف، وفهم طبيعة مشاعرها والتعامل مع صدمات الإنجاب المحتملة.
تشير الخبيرة النفسية مارلين كروس كولمان إلى أهمية المعالجة الجماعية، حيث إن مشاركة التجارب مع أمهات أخريات يخفف الشعور بالعزلة والخجل.
- خطوات عملية لتقليل خطر الإصابة
تشير الدراسات إلى أن اضطرابات النوم ترفع احتمال الإصابة بالاكتئاب، الحصول على 4-5 ساعات متواصلة من النوم ليلاً يقلل بدرجة كبيرة من الأعراض، لكن هذا تحدٍّ كبير للأمهات الجدد.
الاستعانة بمساعدات ليلية
يمكن توظيف ممرضة ليلية لمراقبة الطفل، أو دعوة الأهل والأصدقاء للمساعدة في الرضاعة الليلية، خاصة عند استخدام سجلات الهدايا الخاصة بذلك.
التخطيط المسبق للعلاج
تشدد كولمان على أهمية وجود خطة جاهزة للعلاج أو الوقاية، لأن تأخير التعامل مع الأعراض يزيد من حدّتها. وتلعب بيئة الأم وشبكة دعمها دوراً جوهرياً في تعافيها.



