ميكروبات الأطفال الرضع.. مفتاح ثوري لتقليل السكري
منوعات
ميكروبات الأطفال الرضع.. مفتاح ثوري لتقليل السكري
24 نيسان 2025 , 13:38 م

أظهرت دراسة حديثة أُجريت على الفئران أن ميكروبات الأمعاء في مرحلة الطفولة المبكرة تلعب دوراً محورياً في تشكيل إنتاج الإنسولين، ما يؤثر بشكل مباشر على خطر الإصابة بمرض السكري لاحقاً في الحياة، إحدى هذه الميكروبات – وهي فطر غير مدروس جيداً يُدعى Candida dubliniensis – أثبتت فعالية قوية في تقليل خطر السكري من النوع الأول بنسبة تصل إلى 85%.

- نافذة حرجة: الأيام الأولى تصنع الفرق

كشف الباحثون من جامعة يوتا الصحية أن تعريض الفئران للمضادات الحيوية واسعة الطيف خلال نافذة زمنية حرجة مدتها عشرة أيام بعد الولادة، أدى إلى تقليل عدد الخلايا المنتجة للإنسولين (خلايا بيتا)، مما نتج عنه ارتفاع مستويات السكر في الدم ونقص في إنتاج الإنسولين عند البلوغ.

وقالت البروفيسورة جون راوند، قائدة البحث:

"لقد كان الأمر صادماً... أدركنا أهمية الميكروبيوم في تلك الفترة القصيرة من الحياة."

- فطر نادر يوقظ البنكرياس ويعيد نمو خلاياه

من بين عدة ميكروبات تمت دراستها، برز Candida dubliniensis كأحد أكثر العوامل فاعلية في تحفيز نمو الخلايا المنتجة للإنسولين وزيادة مستويات الهرمون في الدم. المدهش أن الفطر ليس شائعاً لدى البالغين الأصحاء، لكنه قد يكون أكثر انتشاراً بين الرضع.

وفي تجربة لافتة، أُصيبت 90% من الفئران الذكور المعرضة جينياً للسكري بالنوع الأول عندما تم تعريضها لميكروب "محايد"، بينما انخفضت نسبة الإصابة إلى أقل من 15% عند تعريضها لفطر C. dubliniensis.

- تجديد البنكرياس في البالغين: إنجاز غير مسبوق

الأكثر إثارة هو أن الباحثين وجدوا أن تعريض الفئران البالغة، التي تضررت خلاياها المنتجة للإنسولين، لهذا الفطر أدى إلى استعادة هذه الخلايا لنشاطها وتجددها، وتحسّن الوظائف الأيضية. هذا الاكتشاف يعتبر غير مسبوق، لأن خلايا البنكرياس عادةً لا تنمو مجددًا بعد البلوغ.

- ميكروب صغير، تأثير مناعي كبير

يرتبط تأثير هذا الفطر على الصحة الأيضية بتأثيره على الجهاز المناعي. أظهرت الدراسة أن الفئران التي تفتقر للميكروبيوم تحتوي على عدد أقل من الخلايا المناعية في البنكرياس وتُعاني من خلل أيضي، لكن عندما تم تزويدها بالفطر مبكرًا، استعادت هذه الخلايا توازنها، مما عزز أيضا نمو خلايا الإنسولين.

وأكد الباحثون أن وجود الخلايا المناعية من نوع البلاعم (الماكروفاج) ضروري لتحقيق هذا التأثير، ما يشير إلى تفاعل دقيق بين الميكروبات والمناعة لتحفيز الصحة الأيضية.

- أفق علاجي جديد: هل يمكن الوقاية من السكري عبر الميكروبات؟

ترى الباحثة جينيفر هيل، المؤلفة الأولى للدراسة، أن النتائج تفتح الباب أمام احتمالات مستقبلية، حيث قد يتم استخدام الإشارات الميكروبية المكتشفة ليس فقط للوقاية بل أيضًا كوسيلة علاجية للسكري في مراحل لاحقة من الحياة، ومع ذلك تنبّه إلى أن نجاح هذا النهج على الفئران لا يضمن فعاليته عند البشر، وهو ما يتطلب المزيد من الأبحاث.

- الخطوة التالية: تعميم الفائدة على البشر

يأمل الفريق أن يؤدي هذا الاكتشاف إلى تطوير علاجات وقائية تعتمد على الميكروبات يمكن إعطاؤها للرضع، خاصة لأولئك المعرضين جينياً للسكري، بهدف تقليل أو حتى منع تطور المرض بالكامل.

تقول البروفيسورة راوند:

"آمل أن نتمكن من تحديد الميكروبات الهامة، وتوفيرها للأطفال في مرحلة مبكرة لمنع السكري قبل حدوثه."

المصدر: sciencealert