كشفت دراسة علمية حديثة أن الناجين من النوبة القلبية يمكنهم تقليل خطر الإصابة بنوبة ثانية أو سكتة دماغية أو حتى الوفاة من أمراض القلب، من خلال البدء المبكر في العلاج المشترك لخفض الكوليسترول باستخدام الستاتين مع دواء الإيزيتيميب.
عند إضافة الإيزيتيميب إلى الستاتين خلال 12 أسبوعا فقط من الإصابة الأولى، تمكن المرضى من خفض الكوليسترول الضار (LDL) بشكل أسرع، وتحقيق نتائج صحية أفضل على المدى الطويل. ورغم هذه النتائج الإيجابية، لا تزال الإرشادات الطبية المعتمدة تتباطأ في تبني هذا النهج، مما يؤخر فرصة إنقاذ آلاف الأرواح.
- ما بعد النوبة القلبية: المرحلة الحرجة
تُعد أمراض القلب والأوعية الدموية السبب الأول للوفاة حول العالم، وتُعتبر النوبات القلبية (احتشاء عضلة القلب) أكثر الأحداث الحادة شيوعا، ويواجه المرضى الناجون من نوبة قلبية خطرًا مرتفعًا للإصابة بنوبة ثانية، لا سيما خلال العام الأول، في هذه المرحلة، تكون الأوعية الدموية أكثر هشاشة وأكثر عرضة لتكوّن الجلطات الدموية.
خفض مستويات الكوليسترول الضار يساعد في استقرار الأوعية الدموية والحد من خطر النوبات المتكررة. ويُوصى عادةً باستخدام الستاتين بجرعة قوية مباشرة بعد النوبة القلبية، لكن كثيرًا من المرضى لا يحققون الأهداف الموصى بها من خفض الكوليسترول باستخدام الستاتين وحده، مما يجعل من الضروري اللجوء إلى دواء مساعد.
- لماذا لا يكفي الستاتين وحده؟
توضح الدكتورة مارغريت ليوسدوتير، الأستاذة المساعدة بجامعة لوند واستشارية أمراض القلب بمستشفى سكونه الجامعي في السويد، أن "الإرشادات الحالية تنصح بإضافة أدوية خافضة للدهون بطريقة تدريجية، ولكن هذا التسلسل غالبًا ما يكون بطيئًا وغير فعال، ويؤدي إلى فقدان متابعة المريض".
- العلاج المشترك المبكر يظهر نتائج واضحة
في الدراسة التي أُجريت على بيانات 36,000 مريض سويدي تعرضوا لنوبات قلبية بين عامي 2015 و2022، قُسّم المرضى حسب توقيت إضافة الإيزيتيميب: مبكرا (خلال 12 أسبوعا)، متأخرا (من 13 أسبوعا إلى 16 شهرا)، أو لم يُستخدم مطلقا.
أظهرت النتائج أن المرضى الذين بدأوا العلاج المشترك مبكرًا تمكنوا من الوصول إلى أهداف خفض الكوليسترول بسرعة، وحققوا نتائج أفضل بكثير من أولئك الذين أُضيف لهم الإيزيتيميب لاحقا أو لم يُستخدم على الإطلاق، وتشير الدراسة إلى أن تبني هذه الاستراتيجية العلاجية المبكرة يمكن أن يمنع آلاف النوبات القلبية والسكتات الدماغية والوفيات سنويا.
- الفجوة بين الأدلة والإرشادات الطبية
تُعزى محدودية استخدام العلاج المشترك منذ البداية إلى سببين رئيسيين: غياب التوصيات العامة في الإرشادات الطبية الحالية، والتحفظ من استخدام العلاج المكثف لتفادي الآثار الجانبية أو الإفراط في الأدوية.د، لكن الباحثين يؤكدون أن الفوائد الإيجابية لاستخدام العلاجين معًا بعد النوبة القلبية مباشرة تفوق هذه المخاوف، خاصة أن الإيزيتيميب منخفض التكلفة ومتوافر على نطاق واسع، وتكاد آثاره الجانبية تكون نادرة.
- خوارزمية علاجية جديدة تبعث الأمل
أدخلت مستشفى سكونه الجامعي في السويد خوارزمية علاجية جديدة تساعد الأطباء في وصف العلاج المناسب بعد احتشاء عضلة القلب. وتشير النتائج الأولية إلى أن المرضى الذين خضعوا لهذا البروتوكول الجديد تمكنوا من تحقيق أهداف خفض الكوليسترول في وقت أقصر، حيث تضاعف عدد المرضى الذين بلغوا الهدف خلال شهرين فقط من النوبة مقارنةً بالسابق.
وتضيف الدكتورة ليوسدوتير: "لقد تبنت عدة مستشفيات سويدية أخرى الخوارزمية، وهناك أمثلة مشابهة في دول أخرى حققت نتائج مماثلة. أملي أن يقوم المزيد من المستشفيات بمراجعة بروتوكولاتهم العلاجية حتى يحصل المرضى على الرعاية المناسبة في الوقت المناسب، مما يساعد على تقليل المعاناة وإنقاذ الأرواح."

