الجسر القاري الذي غير مصير البشرية عبر التاريخ
منوعات
الجسر القاري الذي غير مصير البشرية عبر التاريخ
25 نيسان 2025 , 17:45 م

يؤمن العلماء اليوم بأن الجسر البري الذي ربط بين قارتي آسيا وإفريقيا قبل حوالي 20 مليون سنة، لم يكن مجرد تشكّل جيولوجي عابر، بل محطة محورية أعادت رسم خريطة تطور الحياة على الأرض، وغيرت بشكل جذري مصير الإنسان والكائنات الأخرى.

- الأرض تتحرك .. والحياة تتبعها

رغم أن العمليات التكتونية تحدث في أعماق الأرض بعيداً عن أنظارنا، إلا أن نتائجها تمتد إلى كل ما فوق السطح، من المناخ والتيارات البحرية إلى هجرة الحيوانات وتطور الأنواع. ويعتقد الباحثون أن النشاط التكتوني في دثار الأرض قبل ملايين السنين كان بمثابة الزناد الذي أطلق شرارة تطور البشر.

- من أين بدأت الحكاية؟

تعود جذور هذا التحول إلى فترة تتراوح بين 50 و60 مليون سنة، عندما أدى انزلاق صفيحة تكتونية إلى تحفيز صعود أعمدة من الصخور المنصهرة نحو سطح الأرض. وبعد مرور نحو 30 مليون سنة، بدأ هذا النشاط في رفع مساحات يابسة من قاع المحيط القديم، ممهداً الطريق لتشكل الجسر البري بين آسيا وإفريقيا عبر مناطق شبه الجزيرة العربية والأناضول.

- القارات تتلاقى ... والتاريخ يعاد كتابته

مع تزايد النشاط التكتوني وارتفاع اليابسة، اختفى المحيط القديم "تيثيس"، وانقسم لاحقاً إلى البحر الأبيض المتوسط وبحر العرب في شكلهما الحديث، هذا التغير الجغرافي أدى إلى إغلاق المضيق الضحل بين آسيا وإفريقيا قبل الموعد المتوقع، وهو ما فتح ممرا بريا جديدا أمام الحيوانات البرية وأسلاف البشر.

- ممر للهجرة والتطور

أتاح هذا الجسر القاري الفرصة لأسلاف حيوانات مثل الزرافات والفيلة ووحيد القرن والفهود، وحتى الرئيسيات الأولى، للعبور بين القارتين. وقد أنهى هذا الاتصال عزلة قارة إفريقيا التي استمرت نحو 75 مليون سنة، ما مكّن من تبادل جيني وثقافي طبيعي بين كائنات القارتين.

- لو تأخر الاتصال ... لاختلف كل شيء

يشير الباحثون إلى أن تأخر تشكّل هذا الجسر لمليون سنة واحدة فقط، كان سيؤدي إلى مسار تطوري مختلف جذريًا للبشر، بل وربما لظهور نوع مختلف تماماً من الإنسان أو حتى عدم ظهوره على الإطلاق، فقد تمكّن السلف المشترك للإنسان من عبور هذا الجسر من آسيا إلى إفريقيا قبل انقراض سلالته الأصلية في آسيا، لتزدهر لاحقا في القارة السمراء وتعود منها إلى آسيا لاحقا.

- شهادات علمية توثق التحول

البروفيسور تورستن بيكر من كلية "جاكسون" بجامعة تكساس، أوضح أن البحث الجديد يسهم في كشف العلاقة العميقة بين الحياة والتكتونيات. بينما أشار البروفيسور إيفيند ستراومي من مركز NORCE في النرويج إلى أن ما حدث كان نقطة تحول كبرى في تاريخ الحياة على الأرض، حيث أثّر "البلوم" أو عمود الحمم البركانية على شكل القارات ومسارات الهجرة.

- الجغرافيا تُعيد تشكيل الأحياء

تمثل هذه النتائج نموذجاً مدهشاً لفهم كيف تؤثر الحركات الأرضية البطيئة ولكن الثابتة في تشكيل النظم البيئية ومسارات التطور. فالجسر الذي بدا في البداية كحدث جيولوجي، أثبت أنه كان ركيزة أساسية في رحلة الإنسان من أصل مجهول إلى كائن واعٍ يحاول الآن فهم ماضيه.

المصدر: وكالة تاس الروسية