لماذا لا يكسو الشعر أجسام البشر؟ العلم يكشف الأسرار
منوعات
لماذا لا يكسو الشعر أجسام البشر؟ العلم يكشف الأسرار
27 نيسان 2025 , 10:46 ص

هل سبق وتساءلت يوماً لماذا لا يغطي شعرك جسدك بالكامل مثل الكلاب أو القطط أو حتى الغوريلا؟ في الحقيقة، البشر ليسوا وحدهم في هذه السمة، فهناك ثدييات أخرى قليلة الشعر أيضاً مثل الأفيال، وحيد القرن، والجرذان العارية، وحتى بعض الثدييات البحرية مثل الحيتان والدلافين.

- الأصل التطوري للشعر

يعتقد العلماء أن الثدييات الأولى التي عاشت في عصر الديناصورات كانت تمتلك شعراً كثيفاً يغطي أجسامها بالكامل، ومع مرور مئات ملايين السنين، طوّرت بعض الأنواع – ومن ضمنها الإنسان – أجساماً أقل شعراً. فما هي الفائدة التطورية من فقدان هذا الغطاء الطبيعي؟

- الوظائف الحيوية للشعر

للشعر وظائف عديدة ومهمة، فهو يحافظ على دفء الجسم، ويقي الجلد من أشعة الشمس والإصابات، كما يساعد الكائنات على الاندماج مع محيطها، بل إنه يلعب دوراً في الإحساس، إذ يمكن للشعر أن يُنبه الجسم عندما يقترب شيء من الجلد.

يمتلك البشر شعراً على معظم أنحاء أجسامهم، لكن شعرهم عادةً ما يكون أخف وأنعم مقارنة بباقي الثدييات. ويُستثنى من ذلك شعر الرأس، الذي يُعتقد أنه تطور لحماية فروة الرأس من أشعة الشمس، أما الشعر الكثيف تحت الإبطين وبين الفخذين، فيُرجّح أنه يُقلل من احتكاك الجلد ويساعد في تبديد العرق.

- لماذا فقد الإنسان معظم شعره؟

تبدأ القصة قبل نحو 7 ملايين سنة، عندما تفرّعت السلالتان التطوريتان للإنسان والشمبانزي. لا يعرف العلماء السبب الدقيق لفقدان البشر لشعرهم، لكن هناك نظرية قوية تُرجع الأمر إلى التعرق.

يمتلك الإنسان عدداً أكبر بكثير من الغدد العرقية مقارنة بالشمبانزي وغيره من الثدييات، والتعرق يساعد الجسم على التبريد. فعندما يتبخر العرق من الجلد، يزيل معه الحرارة، وهي ميزة كانت حاسمة لبقاء أسلاف البشر الأوائل الذين عاشوا في السافانا الإفريقية الحارة.

- العرق وسر الصيد التحميلي

رغم وجود العديد من الثدييات المغطاة بالفرو وتعيش في مناخات حارة، إلا أن البشر الأوائل كانوا قادرين على مطاردة هذه الحيوانات لمسافات طويلة في الحر حتى تنهك وتتوقف – وهي تقنية تُعرف باسم الصيد التحميلي.

لم يكن الإنسان بحاجة لأن يكون أسرع من فريسته، بل كان عليه فقط أن يتحمل الحرارة ويواصل الجري، وفقدان الفرو، إلى جانب التعرق الغزير، جعلا هذا النوع من الصيد ممكناً.

- الجينات والتحكم في كثافة الشعر

من خلال مقارنة الشيفرة الوراثية لـ 62 نوعاً مختلفاً من الثدييات، تمكّن الباحثون من تحديد الجينات المسؤولة عن فقدان أو الحفاظ على الشعر. المثير للاهتمام أن البشر لا يزالون يحتفظون بكل الجينات اللازمة لنمو فرو كامل، لكنها ببساطة غير مفعّلة أو "مطفأة".

- متلازمة الذئب: عندما لا تُطفأ الجينات

في بعض الحالات النادرة، لا تنطفئ هذه الجينات، مما يؤدي إلى نمو شعر كثيف على الجسم كله، وهي حالة تُعرف باسم فرط الشعر (Hypertrichosis) وتُلقب أحياناً بـ"متلازمة الذئب".

من أشهر حالات هذه المتلازمة كان الإسباني بيترُس غونسالفوس في القرن السادس عشر، الذي أُهدي كهدية للملك هنري الثاني في فرنسا وهو في قفص حديدي. لكن الملك اكتشف أنه إنسان طبيعي تماماً وقادر على التعلم، بل وتزوّج لاحقاً، لتُلهم قصته الحقيقية أسطورة "الجميلة والوحش".

- ماذا تعني هذه المعلومات لنا اليوم؟

رغم أننا قد لا نصادف كثيراً من الحالات مثل فرط الشعر، فإن فهم الجينات التي تتحكم في نمو الشعر يُسلّط الضوء على تطورنا البشري، ويُوضح كيف أن صفات كنا نعتبرها "طبيعية" قد تكون ببساطة نتيجة لتفعيل أو تعطيل بعض الجينات.

المصدر: sciencealert