تتجه القوى الجوية الرئيسية في أوروبا، مثل بريطانيا، فرنسا، وألمانيا (بالإضافة إلى شركاء آخرين)، نحو تطوير الجيل السادس من المنصات الجوية القتالية.
أخبار وتقارير
تتجه القوى الجوية الرئيسية في أوروبا، مثل بريطانيا، فرنسا، وألمانيا (بالإضافة إلى شركاء آخرين)، نحو تطوير الجيل السادس من المنصات الجوية القتالية.
30 نيسان 2025 , 00:23 ص


يتم ذلك عبر مشاريع طموحة مثل برنامج «العاصفة» (Tempest) الذي تقوده بريطانيا (بمشاركة إيطاليا، اليابان، والسويد بدرجات متفاوتة)

وتشرف عليه شركات كبرى مثل BAE Systems وRolls-Royce وLeonardo وMBDA.

يهدف Tempest إلى بناء نظام قتالي جوي متكامل (ليس مجرد طائرة) يتمحور حول مقاتلة أساسية قادرة على قيادة أسراب من الطائرات من دون طيار المساعدة (adjuncts) أو «المؤثرات» (effectors)

مدعومة بتقنيات ثورية كأسلحة الطاقة الموجهة، وقدرات شبحية متقدمة، ومحرك ذي دورة متغيرة.

الطيار البشري في هذه المنظومة سيكون اختيارياً في بعض المهمات، ما يفتح الباب لعمليات غير مأهولة بالكامل.

أمّا برنامج «نظام القتال الجوي المستقبلي» (FCAS/SCAF) الثلاثي، الذي يجمع فرنسا وألمانيا وإسبانيا...

فيعمل على تطوير منظومة مماثلة تتكون من «مقاتلة الجيل التالي» (NGF - Next Generation Fighter) كنواة، تقود مجموعة من «الناقلات البعيدة» (Remote Carriers) –

وهي طائرات من دون طيار بأحجام وأدوار مختلفة مصممة لتنفيذ المهمات بشكل مستقل أو ضمن تنسيق مشترك مع المقاتلة الأم أو مع بعضها البعض.

هذه المشاريع الأوروبية لا تمثّل فقط سباقاً لمواكبة التطور التكنولوجي العالمي.

بل هي أيضاً محاولة إستراتيجية لبناء «سيادة تكنولوجية وصناعية» أوروبية في مجال الدفاع الجوي.

وتعزيز قدرة القارة على العمل بشكل مستقل أو كشريك قوي ضمن الأطر القائمة مثل «الناتو».

في الجنوب العالمي، ظهرت مبادرات جريئة تهدف إلى كسر الاحتكار التقليدي للتكنولوجيا المتقدمة وتطوير حلول محلية.

الهند، على سبيل المثال، دخلت السباق عبر مشروع CATS (نظام القتال الجوي التعاوني - Combat Air Teaming System) الذي تطوره شركة هال (HAL).

يهدف هذا النظام إلى تكامل المقاتلة المحلية الخفيفة Tejas (ونسخها المستقبلية) مع طائرات من دون طيار هجومية من نوع CATS Warrior وطائرات أخرى مساندة.

الهدف الإستراتيجي هو خلق نوع من التوازن الكمي والنوعي في مواجهة التحديات الإقليمية، مع تقليل المخاطر على الطيارين وزيادة فعالية القوة الجوية بتكلفة معقولة.

أمّا أستراليا، فقد وضعت بصمتها الخاصة عبر مشروع MQ-28 Ghost Bat (المعروف سابقاً بمشروع Loyal Wingman أو Airpower Teaming System)

الذي يُعتبر أول درون قتالي من هذا النوع يُطوّر خارج الولايات المتحدة بالتعاون الوثيق مع شركة Boeing.

هذا الدرون يتمتع بمرونة عالية في أداء المهمات، بدءاً من الاستطلاع والمراقبة وصولاً إلى الحرب الإلكترونية والعمل كمنصة أسلحة إضافية

ويُتوقّع أن يندمج بشكل متزايد ضمن الأسراب العاملة بطائرات F-35A الأسترالية وطائرات أخرى.

ما يجري اليوم في الفضاء الجوي ليس مجرد تحديث روتيني للتقنيات، بل هو انقلاب جذري في المفاهيم والعقائد القتالية.

إذ إن من يمتلك شبكة القيادة والتحكم والاتصالات والاستخبارات (C4I) الأكثر تطوراً ومرونة، والقائمة على الذكاء الاصطناعي...

لا يمتلك فقط الأسبقية في لحظة الاشتباك، بل قد يملك القدرة على الردع ومنع نشوب الاشتباك أصلاً عبر التفوق المعلوماتي والسرعة في اتخاذ القرار.

الدول التي تنجح في بناء وتوظيف هذه الشبكات لن تنتصر بالضرورة لأنها تمتلك أكبر عدد من الطائرات...

بل لأنها «ترى» أبعد، و«تفهم» أسرع، و«تقرر» وتتصرف بدقة قبل أن يتاح للخصم حتى فرصة التفكير برد فعل فعّال.

التحالفات العسكرية التقليدية ستُعاد صياغتها حتماً على أساس القدرة على تشارك البيانات والمعلومات بشكل آمن وفوري، وليس فقط على أساس تشارك الأسلحة والمعدات.

قواعد الاشتباك ستصبح أكثر تعقيداً وديناميكية، وربما تتلاشى الخطوط الفاصلة التقليدية في ضباب المعركة الرقمية.

وفي ساحات قتال الغد، لن يكون النصر حكراً على الدول الكبرى بالمعنى التقليدي.

بل ستميل الكفة لمن يملك المنصات الذكية الأكثر تكاملاً وقدرة على التكيّف والتعلّم.

العالم بأسره، وليس فقط الجيوش، سيتأثّر بهذا التحوّل العميق:

من إعادة صياغة العقائد العسكرية والإستراتيجيات الدفاعية، إلى تحديد أولويات الاستثمارات في البحث والتطوير.

مروراً بتغيّر طبيعة العلاقات الدولية واحتمالية صعود فواعل جديدة (دول أصغر أو حتى جهات غير حكومية في المستقبل البعيد) تمتلك تقنيات شبكية مؤثرة دون أن تمتلك الجيوش التقليدية الضخمة.

فالمعركة القادمة في السماء، على الأرجح لن يقودها الطيار بمفرده… بل ستقودها الخوارزمية كشريك أساسي، إن لم تكن القائد الفعلي.

ترى أين نحن من كل هذا المسار وما دورنا.. يبدو انه لن يمشي الحال دون تدخل رباني كبير وفاعله والله اعلم*

المصدر: موقع إضاءات الإخباري