اكتشاف مذهل يغير فهمنا للطبيعة.. النباتات تصرخ عند تعرضها للخطر
منوعات
اكتشاف مذهل يغير فهمنا للطبيعة.. النباتات تصرخ عند تعرضها للخطر
1 أيار 2025 , 13:47 م

لطالما اعتقدنا أن النباتات كائنات صامتة، تعيش وتذبل دون أن تصدر أي صوت، لكن العلم الحديث أثبت العكس تماماً: النباتات "تصرخ" عندما تتعرض للأذى أو الإجهاد – ولكن بصوت لا نستطيع نحن البشر سماعه.
فبدلاً من الصراخ كما يفعل الإنسان، تُصدر النباتات أصواتاً على شكل فرقعات أو طقطقات ضمن نطاق الموجات فوق الصوتية، أي خارج نطاق السمع البشري، وتزداد هذه الأصوات كلما ازداد الضغط الذي تتعرض له النبتة.
- لغة خفية: التواصل الصوتي للنباتات
وفقاً لدراسة نُشرت عام 2023، قد تكون هذه الأصوات وسيلة تواصل تعتمدها النباتات لتنقل إشارات الضيق إلى العالم المحيط بها، تقول العالمة "ليلاك حدني" من جامعة تل أبيب:"حتى في الحقول الهادئة تماماً، هناك أصوات لا نسمعها لكنها تحمل معلومات. بعض الحيوانات تستطيع التقاط هذه الأصوات، مما يشير إلى وجود تفاعل صوتي واسع بين الكائنات الحية."
وبما أن الكثير من الكائنات تستخدم الصوت في التواصل، سيكون من غير المنطقي أن تبقى النباتات صامتة تماماً في هذا العالم الحافل بالإشارات السمعية.
- كيف تتفاعل النباتات مع الضغط؟
النباتات ليست بالكائنات السلبية كما نتصورها، فهي تقوم بتغييرات ملحوظة عند تعرضها للضغوط، منها:
إطلاق روائح قوية
تغييرات في اللون والشكل
إرسال إشارات تحذيرية لنباتات مجاورة
اجتذاب الحيوانات المفيدة لطرد الآفات
ورغم ذلك، لم يكن معروفاً سابقاً ما إذا كانت النباتات تصدر إشارات صوتية إلى جانب الإشارات الكيميائية والبصرية. هذا ما دفع فريق البحث إلى استكشاف هذا الجانب المجهول.
- تجربة علمية: تسجيل أصوات نباتات تحت الضغط
قام الباحثون بتسجيل أصوات نباتات الطماطم والتبغ في ظروف مختلفة:
1. نباتات غير متأثرة
2. نباتات تعاني من الجفاف
3. نباتات مقطوعة السيقان
تم إجراء التسجيلات أولاً في غرفة عازلة للصوت، ثم في بيئة دفيئة طبيعية. وبعد جمع التسجيلات، تم تدريب خوارزمية تعلم آلي للتفريق بين الأصوات الناتجة عن الحالات المختلفة.
- نتائج مذهلة: نباتات تتحدث … بل وتصدر صرخات!
تبين أن النباتات المتوترة تصدر ما يصل إلى 40 نقرة في الساعة، وهي أصوات مرتفعة التردد يمكن التقاطها من مسافة تزيد عن متر واحد. النباتات السليمة، في المقابل، تكاد تكون صامتة.
والمثير أكثر أن النباتات تبدأ بإصدار هذه "الصرخات" قبل أن تظهر عليها أي علامات جفاف خارجية. كما اكتشفت الخوارزمية القدرة على تمييز أنواع النباتات بناءً على نوعية الأصوات التي تصدرها.
شملت التجربة أيضاً نباتات أخرى مثل القمح والذرة والعنب والصبار والحنبـيت، وكلها أظهرت القدرة على إصدار أصوات عند تعرّضها للإجهاد.
- كيف تصدر النباتات هذه الأصوات؟
رغم النجاح في رصد هذه الأصوات، لا يزال العلماء يجهلون الآلية الدقيقة لإنتاجها. إحدى الفرضيات تشير إلى "التجويف" الناتج عن فقاعات الهواء داخل ساق النبات، والتي تتكوّن وتنفجر مثل فرقعات مفاصل الإنسان.
ولا يُعرف بعد ما إذا كانت ظروف أخرى – مثل العدوى، أو الأشعة فوق البنفسجية، أو درجات الحرارة القصوى – يمكن أن تحفّز النباتات لإصدار هذه الأصوات أيضاً.
- تساؤلات مستقبلية: من يسمع صرخات النباتات؟
السؤال الأبرز الذي يطرحه العلماء اليوم هو: من يستمع إلى هذه الأصوات؟ تشير الدلائل إلى احتمال استجابة كائنات أخرى لهذه الإشارات.
توضح الباحثة "حدني":"من المحتمل أن تستخدم حشرة مثل العثة التي تبحث عن مكان لوضع بيضها هذه الأصوات لاتخاذ قراراتها، أو حيوان يحدد ما إذا كان سيأكل النبات أم لا."
حتى بالنسبة للبشر، يمكن أن تحمل هذه الأصوات فوائد عملية، مثل الري المبكر للنباتات العطشى قبل أن تذبل.
- الخطوة القادمة: تفاعل الكائنات الأخرى مع صراخ النبات
أظهرت أبحاث سابقة أن النباتات قد تزيد من قدرتها على مقاومة الجفاف استجابةً للأصوات. هذا يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من البحث تهدف إلى:
تحليل تفاعل النباتات والحيوانات الأخرى مع الأصوات النباتية
اختبار إمكانية تفسير هذه الأصوات في بيئات طبيعية مفتوحة
تطوير تقنيات زراعية قائمة على رصد أصوات النباتات
تختم الباحثة "حدني" بقولها: "الآن بعد أن عرفنا أن النباتات تصدر أصواتاً، يأتي السؤال الأهم: من الذي يصغي إليها؟"

المصدر: sciencealert