بقلم /الاعلامية بدور الديلمي -اليمن
تصعيد بحري... ومأزق سياسي وعسكري إسرائيلي يلوح في الأفق
منذ انخراط القوات المسلحة اليمنية – أنصار الله – في معركة البحر الأحمر دعمًا لغزة، لم تعد "إسرائيل" تتعامل مع حرب محصورة جغرافيًا. فالهجمات اليمنية على السفن المرتبطة بالاحتلال، والقدرة على فرض حصار بحري فعلي على موانئ إيلات وأشدود، أظهرت أن الكيان الإسرائيلي بات محاصرًا من أكثر من جهة، ليس بريًا فقط بل بحريًا أيضًا.
رد "إسرائيل" وحلفائها تمثل مؤخرًا في قصف موانئ يمنية حيوية: الحديدة، الصليف، ورأس عيسى. لكن هذا القصف لم ينجح في كسر المعادلة... بل أدخل "تل أبيب" في مأزقٍ استراتيجي جديد.
---
أولًا: ما الذي تمثله موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى؟
ميناء الحديدة: المنفذ التجاري الأهم للمناطق الشمالية في اليمن.
ميناء الصليف: مخصص لاستيراد الحبوب والمواد الغذائية.
رأس عيسى: ميناء نفطي واستراتيجي.
استهداف هذه الموانئ لم يكن فقط لضرب البنية التحتية، بل كمحاولة لكبح العمليات اليمنية في البحر الأحمر. لكن النتيجة جاءت عكسية.
---
ثانيًا: هل دخلت إسرائيل في مأزق؟
نعم، وبوضوح.
إليك أبرز مؤشرات المأزق الإسرائيلي:
1. شلل بحري في ميناء إيلات
منذ ديسمبر، توقفت معظم السفن العالمية عن دخول ميناء إيلات. شركات الشحن الكبرى حولت مسارها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، ما يعني:
خسائر اقتصادية ضخمة.
عزلة بحرية استراتيجية.
ضرب لسمعة "إسرائيل" كوجهة آمنة للتجارة.
2. فشل الردع عبر القصف
رغم القصف الأمريكي والإسرائيلي لموانئ اليمن، استمرت الهجمات البحرية اليمنية بلا توقف، بل توسعت لتشمل:
السفن الأمريكية والبريطانية.
البحر الأبيض المتوسط.
تهديد باستهداف موانئ بديلة في المستقبل.
3. مأزق عسكري متعدد الجبهات
"إسرائيل" تخوض حربًا مفتوحة في غزة، توترًا في الشمال مع حزب الله، واستنزافًا بحريًا مع اليمن.
القدرة على الرد الشامل غائبة، والخيارات تضيق يومًا بعد يوم.
---
ثالثًا: ماذا بعد؟
1. تصاعد الاستنزاف البحري
القوات اليمنية تُعلن باستمرار امتلاكها تقنيات متطورة، وصواريخ بحرية بعيدة المدى. استمرار العمليات يعني مزيدًا من العزلة الاقتصادية لـ"إسرائيل"، وربما امتداد التهديد نحو سفن أوروبا المتواطئة.
2. استهداف موانئ في عمق العدو
إذا تصاعد القصف الإسرائيلي على الموان
ئ اليمنية، فإن الرد اليمني قد يشمل:
ضرب موانئ إيلات أو حيفا بشكل مباشر., شل الملاحة الإسرائيلية تمامًا.
3. مأزق دولي متزايد
كلما توسع نطاق الحرب، ازداد الحرج الدولي من حماية "إسرائيل". شركات الشحن تضغط على حكوماتها، والأسواق العالمية بدأت تتحسس من استمرار التوتر في البحر الأحمر.
---
خاتمة: توازن الردع انتقل من غزة إلى البحر
لم تكن إسرائيل تتوقع أن دعم غزة من البحر سيحوّل المعادلة بهذا الشكل.
لكن اليمن نجح في خلق مأزق استراتيجي حقيقي لتل أبيب، عنوانه:
> إما وقف العدوان على غزة... أو خسارة البحر الأحمر.
في معادلة الصراع الحالية، لم تعد "إسرائيل" الطرف الذي يملك زمام المبادرة وحده. دخول اليمن على خط المواجهة من البحر، شكّل تحوّلًا استراتيجيًا أربك الحسابات العسكرية والاقتصادية الإسرائيلية.
استهداف موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، لم يُضعف اليمن، بل زاد تصميمه على مواصلة الضغط البحري حتى تُرفع اليد الإسرائيلية عن غزة.
اليوم، تقف "إسرائيل" أمام واقع جديد: لم تعد تملك رفاهية التحكم بساحات المواجهة، ولم يعد البحر حكرًا على أساطيلها.
إنه عصر توازن الردع... والبحر الأحمر يشهد.



