معركة الوعي في زمن التطبيع: هل تعرف الشعوب من يخذلها؟
أخبار وتقارير
معركة الوعي في زمن التطبيع: هل تعرف الشعوب من يخذلها؟
د. بدور الديلمي
17 أيار 2025 , 17:44 م


تحقيق خاص – بقلم: بدور الديلمي

إعلامية وباحثة سياسية

في خضم موجة التطبيع العلني التي اجتاحت عواصم عربية خلال السنوات الأخيرة، لم يكن السؤال الأكثر أهمية: لماذا تُطبّع الأنظمة؟

بل: هل تدرك الشعوب ما يُرتكب باسمها؟ وهل تملك من الوعي ما يكفي لكسر التضليل الرسمي؟

---

الوعي... الجبهة التي يخشاها المطبعون

الأنظمة لا تخشى السلاح، بقدر ما تخشى وعي الشعوب. لأن الوعي يُحرّك الشارع، ويخلق مقاومة فكرية طويلة الأمد، تعجز الدبابات عن سحقها.

في كل دولة سعت إلى "سلام دافئ" مع العدو الإسرائيلي، رافق الخطوة حملة ترويجية كثيفة، هدفها:

شيطنة المقاومة.

تجميل صورة "إسرائيل".

إقناع المواطن بأن القضية الفلسطينية "ليست أولوية".

لكن ما لم يُدركه أصحاب القرار أن الشعوب ليست كتلاً صامتة.

---

بين فلسطين واليمن... الوعي يُسقط الأقنعة

حين تُقصف غزة، وتُستهدف المستشفيات والمدارس، فإن صوت الشعوب هو الذي ينزل إلى الشارع، لا صوت الحكومات.

وحين تُقصف موانئ اليمن، فليست مجرد ضربات أمريكية أو بريطانية فقط، بل عدوان ثلاثي صريح تشارك فيه إسرائيل بشكل مباشر، وتُغلفه مباركة خليجية وعربية رسمية، سواء بالصمت أو بالدعم اللوجستي والاستخباراتي.

هذه الضربات ليست عسكرية فحسب، بل سياسية بامتياز، تستهدف معاقبة كل من يتجرأ على مناصرة فلسطين ورفض الهيمنة الصهيونية – الغربية على المنطقة.

الربط بين ما يحدث في فلسطين واليمن ولبنان والعراق، هو فعل وعي لا يريده المطبعون.

---

منابر التزييف... كيف تُسحق الحقيقة؟

في دول التطبيع، تتحول المنابر الإعلامية إلى أدوات تجميل للعدو.

أفلام وثائقية تمحو جرائم الاحتلال.

استضافات تُقدّم ضباطًا إسرائيليين بوصفهم "خبراء".

مهرجانات فنية ترفع العلم الإسرائيلي تحت شعار "الانفتاح".

لكن في المقابل، تظهر أصوات الوعي:

صحفيون يُطردون لرفضهم نشر أخبار التطبيع.

مدونون يُعتقلون لأنهم كتبوا "فلسطين حرة".

طلاب يُفصلون لأنهم هتفوا ضد العدو.

---

المعركة القادمة: من يمتلك ذاكرة الأمة؟

الوعي لا ينشأ في الفراغ. إنه نتيجة:

تعليم صادق لا يمحو النكبة.

إعلام حر لا يُحرِّف المفردات.

مثقفون يُسمّون الأمور بمسمياتها: "إسرائيل عدو"، "التطبيع خيانة"، "غزة ليست وحدها".

الشعوب الواعية لا تُخدع بالشعارات، لأنها تعرف التاريخ، وتحفظ تجاربها، وتراقب من يحكمها.

---

خاتمة: الوعي مقاومة لا تُقصف

ربما تملك الأنظمة المال، والدعم الغربي، والمنابر الإعلامية، لكن الشعوب حين تعرف من يخذلها، تسقط ورقة التوت عن الجميع.

الوعي ليس ترفًا نخبويًا، بل سلاح الشعوب الأخير حين تُباع قضاياها، ويُحاصر صوتها، وتُفرض عليها "اتفاقات السلام" كأنها قدر لا مفر منه.

والتاريخ يعلمنا شيئًا واحدًا:

حين تستيقظ الشعوب... تنهار كل التحالفات الزائفة.

---

تحقيق خاص – بقلم: بدور الديلمي

إعلامية وباحثة سياسية

المصدر: موقع إضاءات الإخباري