ابتكار شريحة إلكترونية ذكية تحاكي العين والدماغ وتخزن الذكريات
علوم و تكنولوجيا
ابتكار شريحة إلكترونية ذكية تحاكي العين والدماغ وتخزن الذكريات
19 أيار 2025 , 13:18 م

تمكن مهندسون من جامعة RMIT من تصميم جهاز متناهي الصغر يحاكي الدماغ البشري من حيث الرؤية والمعالجة والتخزين الفوري للمعلومات، دون الحاجة إلى حاسوب خارجي.
تُعرف هذه الابتكارات بالأجهزة العصبية الشكل (Neuromorphic Devices)، وهي مصممة لتقليد آلية عمل الدماغ البشري، مما يسمح بمعالجة فائقة السرعة للمعلومات البصرية واستخدام أقل للطاقة مقارنة بالتقنيات الرقمية التقليدية.
- كفاءة طاقية من خلال المعالجة التناظرية
على عكس الأنظمة الرقمية التي تستهلك طاقة عالية، تعتمد تقنية الرؤية العصبية على المعالجة التناظرية، مما يجعلها أكثر كفاءة من حيث استهلاك الطاقة عند التعامل مع المهام البصرية المعقدة.
قال البروفيسور سميت واليا، مدير مركز المواد والأجهزة البصرية بجامعة RMIT، إن هذا النوع من المعالجة أقرب إلى طريقة عمل الدماغ، مما يسهل الأداء في البيئات الذكية مثل الروبوتات والسيارات الذاتية القيادة.
- مادة "MoS2": المفتاح الذري للذكاء البصري
يُستخدم في قلب الجهاز مركب ثنائي كبريتيد الموليبدينوم (MoS2)، وهو مادة معدنية بسماكة ذرية، أظهر العلماء أن العيوب الطفيفة في بنيته الذرية تُمكنه من التقاط الضوء وتحويله إلى إشارات كهربائية، تماما كما تفعل الخلايا العصبية في الدماغ.
تُعد هذه الخطوة محورية في تحويل الجهاز إلى وحدة بصرية عصبية تلتقط وتعالج المعلومات فوراً.
- تقليد العين والدماغ البشريين
وفقا للبروفيسور واليا، فإن هذا الجهاز التجريبي يقلد قدرة العين على التقاط الضوء ودماغ الإنسان على معالجة الصور البصرية. ويستطيع التفاعل مع البيئة وتخزين المعلومات دون الحاجة إلى معالجة ضخمة للبيانات.
هذا ما يجعله أكثر كفاءة وسرعة في الاستجابة مقارنة بالأنظمة الرقمية الحالية التي تستهلك طاقة كبيرة وتكافح لمواكبة ازدياد حجم وتعقيد البيانات.
- القدرة على تخزين الذكريات البصرية
خلال التجارب، أظهر الجهاز قدرته على اكتشاف حركة اليد دون الحاجة إلى التقاط الحدث إطارا بإطار، وهو ما يُعرف باسم "اكتشاف الحواف" (Edge Detection)، بعد ذلك يقوم بتخزين تلك المعلومات كذكريات، تمامًا كما يفعل الدماغ البشري.
تمت هذه الاختبارات ضمن نطاق الضوء المرئي، مكملةً لأبحاث الفريق السابقة التي أجريت في نطاق الأشعة فوق البنفسجية.
- سرعة حاسمة وتطبيقات واقعية
يمكن أن تساهم هذه التقنية مستقبلاً في تسريع زمن استجابة المركبات الذاتية القيادة والأنظمة الروبوتية المتقدمة، وهو أمر حيوي في البيئات الخطرة أو غير المتوقعة.
أشار واليا إلى أن هذا النوع من الرؤية العصبية قادر على اكتشاف التغيرات البصرية فورا تقريبا، دون الحاجة لمعالجة كميات كبيرة من البيانات، مما يُعزز من قدرة الأجهزة على اتخاذ قرارات حاسمة في الوقت الحقيقي.
وأضاف البروفيسور أكرم الحوراني، نائب مدير المركز، أن هذه التقنية يمكن أن تتيح تفاعلًا أكثر طبيعية بين الإنسان والروبوت في بيئات العمل أو كمساعد شخصي.
- التوسع والآفاق المستقبلية
يعمل الفريق حاليا على توسيع نطاق الجهاز من بكسل واحد إلى شبكة بكسلات كاملة تعتمد على مادة MoS2، بدعم من منحة البنية التحتية LIEF المقدمة من مجلس البحوث الأسترالي.
وفي هذا السياق، قال واليا: "رغم أن نظامنا يحاكي بعض جوانب المعالجة العصبية الدماغية، إلا أنه لا يزال نموذجا مبسطا، ونسعى إلى تحسينه ليؤدي مهام رؤية أكثر تعقيدا".
- الدمج بين التناظرية والرقمية: مستقبل هجين
يرى الباحثون أن تقنيتهم تُكمل الأنظمة التقليدية بدلاً من أن تستبدلها. فبينما تتفوق الأنظمة الرقمية في العديد من المهام، فإن الرؤية العصبية تقدم مزايا فريدة من حيث الكفاءة الطاقية وسرعة المعالجة.
كما يدرس الفريق حالياً استخدام مواد أخرى غير MoS2، مثل تلك التي تتيح الامتداد إلى نطاق الأشعة تحت الحمراء، مما قد يسمح برصد الانبعاثات البيئية وتتبع الملوثات والغازات السامة والمواد الكيميائية في الوقت الحقيقي.

المصدر: ميديكال إكسبريس