الاختراق الناعم: كيف تجند إسرائيل عملاءها؟, من بيروت إلى غزة: شبكات الخيانة وملفات السقوط
أخبار وتقارير
الاختراق الناعم: كيف تجند إسرائيل عملاءها؟, من بيروت إلى غزة: شبكات الخيانة وملفات السقوط
د. بدور الديلمي
22 أيار 2025 , 16:04 م


تحقيق استقصائي: بدور الديلمي اعلامية يمنية

وحدة التحقيقات السياسية

---

مقدمة التحقيق:

ليست كل الحروب تُخاض بالبنادق…

ثمة حربٌ صامتة تديرها إسرائيل في قلب المجتمعات العربية، عنوانها: تجنيد العملاء.

تحقيقنا اليوم يتتبع الطرق الخفية التي تعتمدها الاستخبارات الإسرائيلية، ويكشف عن ملفات حقيقية من لبنان وفلسطين، حيث سقط العشرات في فخ الخيانة، بعد أن بدأوا بخطوة "بريئة" عبر رسالة، منحة، أو محادثة.

---

الفصل الأول: من يصنع العميل؟

الاستخبارات الإسرائيلية، وعلى رأسها "الموساد" و"الشاباك"، لا تستهدف فقط الشخصيات العسكرية أو القيادية.

فهدفها الأساسي هو النفاذ إلى البيئة الحاضنة للمقاومة، وتفكيكها من الداخل. ولهذا، فإن المستهدفين عادة هم:

شبّان عاطلون عن العمل

لاجئون يبحثون عن أمل

صحفيون، تجار، أو حتى أفراد من الأجهزة الأمنية

---

الفصل الثاني: أساليب التجنيد – تكتيك الاختراق

1. المال مقابل المعلومة

تبدأ العلاقة بمبلغ صغير، يُعرض على الشخص مقابل "سؤال بسيط": كم عدد عناصر المقاومة في منطقتك؟ هل هناك موقع عسكري قريب؟

ثم تتوالى الطلبات، ويكبر المبلغ، ويتحوّل "المتعاون" إلى "عميل".

2. الابتزاز الرقمي

يتم اختراق الهاتف أو الحساب الشخصي، وسحب صور أو محادثات خاصة تُستخدم لاحقًا للتهديد والضغط.

3. الفخ العاطفي أو الجنسي

يتلقى الهدف رسالة من فتاة تدّعي أنها صحفية أوروبية أو طالبة جامعية. بعد علاقة افتراضية، تُطلب منه "خدمة صغيرة"، مثل تصوير موقع أو نقل طرد.

4. واجهات إنسانية

يتم تجنيد بعض العملاء عبر منظمات إغاثية أو مؤسسات ثقافية ظاهرها "الدعم"، وباطنها التجسس.

---

الفصل الثالث: لبنان – ملفات من الواقع

قضية زياد الحمصي (2022)

رئيس بلدية سابق من البقاع، جُنّد خلال سفره إلى الخارج، واعترف بتقديم معلومات عن مواقع للمقاومة مقابل أموال.

ضُبطت بحوزته خرائط، وُجهت إليه تهمة التخابر، وحُكم عليه بالسجن.

شبكة العملاء 2021 – الجنوب

قامت شعبة المعلومات في الأمن اللبناني بتفكيك شبكة من 17 عميلًا، جُنّد معظمهم عبر "واتساب" و"فيسبوك".

كان أحدهم يعمل فني صيانة إنترنت، وقد وضع أجهزة تنصت في منازل معينة مقابل 300 دولار لكل عملية.

قضية الصحفي طوني ن.

عمل مع مركز أبحاث "مستقل" مقره في أوروبا، وتبيّن لاحقًا أنه واجهة استخبارية.

قدّم تقارير أسبوعية عن خطاب المقاومة في الإعلام اللبناني.

---

الفصل الرابع: غزة – الخنجر من الداخل

العميل م.ع (2018)

شاب من رفح تلقى مكالمة من جهة ادّعت أنها منظمة توظيف أوروبية.

طلبوا منه مراقبة تحركات أفراد من كتائب القسام، مقابل 500 دولار شهريًا.

بعد أشهر، قُتل أحد القادة في غارة، بناءً على إحداثيات قدمها.

تطبيقات إسرائيلية خادعة

في 2020، حذرت الأجهزة الأمنية في غزة من تطبيقات مثل:

"Golden Cup"

"Gaza Job"

"Watch and Win"

التي كانت في الواقع أدوات مراقبة وتنصت تابعة للاستخبارات الإسرائيلية.

---

الفصل الخامس: التأهيل والتوجيه

العميل لا يُترك دون إدارة.

فبمجرد تجنيده، يُمنح اسماً حركياً، ويبدأ تلقي تعليمات عبر وسائل مشفّرة.

يُطلب منه في مراحل لاحقة تنفيذ مهام أكثر حساسية، مثل زرع شرائح تعقّب أو تصوير مواقع عسكرية.

---

الفصل السادس: ما بعد السقوط

الاعترافات التي يدلي بها العملاء بعد القبض عليهم تكشف عن الدقة الشديدة في إدارة شبكات التجنيد.

أحد العملاء قال أثناء التحقيق:

> "لم أكن أعلم أن ما أفعله سيُسبب قتل أبرياء… لكنني كنت مدفوعًا بالحاجة… ثم أصبحت مهددًا إن انسحبت."

وغالبًا ما يُحكم على العملاء في لبنان وفلسطين بالسجن المؤبد أو الإعدام حسب حجم الضرر.

---

الخاتمة:

لا يُولد العميل خائنًا… بل يُصنع، بخيوط من فقر، جهل، طمع، أو ضعف.

لكن الخيانة، وإن بدأت برسالة بسيطة، فإنها تنتهي بدماء تسفك…

وإسرائيل، رغم أدواتها المتطورة، تبقى عاجزة أمام مجتمع واعٍ وأمن داخلي يقظ.

ففي لبنان، كما في فلسطين، تبقى المقاومة هي الجدار الأخير في وجه الاختراق.

---

تحقيق / بدور الديلمي - اعلامية يمنية

المصدر: موقع إضاءات الإخباري