تمكن فريق بحثي من جامعة الرور بمدينة بوخوم الألمانية من تعديل خلايا الخميرة وراثيا لتُنتج إنزيما بشريا عالي الأهمية يُعرف باسم DNase1، والذي يُستخدم كدواء فعال في عدة حالات مرضية خطيرة.
- دور إنزيم DNase1 في علاج الأمراض المعقدة
إنزيم DNase1 مسؤول عن تكسير الحمض النووي الزائد داخل الجسم، وله دور رئيسي في إذابة المخاط السميك داخل الرئتين لدى مرضى التليف الكيسي (الفيبروز الكيسي)، كما يساهم في تفكيك الجلطات الدقيقة في حالات تعفن الدم (الإنتان) ومضاعفات كوفيد-19.
هذه الخصائص الفريدة تجعله أحد أبرز الإنزيمات المستخدمة طبيًا، إلا أن إنتاجه التقليدي يتم عبر خلايا مبيض الهامستر (المعروفة بخلايا CHO)، وهي عملية مكلفة ومعقدة تتطلب تعديلات كيميائية وضبطا دقيقا لانقسام الخلايا، مما يرفع تكلفة الكيلوغرام الواحد من هذا الإنزيم إلى نحو 100 ألف دولار.
- تقنية جديدة بتكلفة أقل وإنتاج أكبر
بقيادة البروفيسورة بياتا براند-سابيري والدكتور ماركوس نابيراي، قام الباحثون باستخدام نوع خاص من الخميرة يُدعى Pichia pastoris، حيث أُدخل الجين البشري المسؤول عن إنتاج DNase1 داخل الخلية عبر تقنية النبضات الكهربائية. ثم تمت زراعة الخميرة المعدلة في مفاعلات حيوية، ومن ثم عُزل الإنزيم ونُقي للحصول على منتج عالي الجودة.
هذه الطريقة الجديدة تمثل طفرة تكنولوجية في الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية، إذ يمكنها إنتاج الإنزيم بكميات كبيرة وبتكلفة منخفضة نسبيا، مما يجعل العلاجات المعتمدة عليه أكثر توافرا وفعالية.
- خفض التكاليف وتوسيع نطاق العلاج عالميا
تشير التقديرات إلى أن استخدام الخميرة في إنتاج DNase1 يمكن أن يُقلل تكلفة العلاج بنسبة 30 إلى 50%، ما يُتيح إمكانية توفير الدواء لعدد أكبر من المرضى في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
يُذكر أن مرض التليف الكيسي يصيب نحو 160 ألف شخص حول العالم، بينما تصل تكلفة العلاج التقليدي باستخدام DNase1 إلى ما بين 10 آلاف و30 ألف دولار سنويا لكل مريض.
- استخدامات مستقبلية واعدة للإنزيم في الطب
إضافة إلى فعاليته المعروفة في علاج التليف الكيسي والإنتان، يُظهر إنزيم DNase1 نتائج واعدة في علاج الجلطات الدماغية ومضاعفات الالتهابات الفيروسية الحادة، عبر تحطيم ما يُعرف بـ مصائد الحمض النووي خارج الخلايا (NETs)، وهي شبكات من الحمض النووي قد تُسبب انسداد الأوعية الدموية.
ويأمل العلماء أن يُصبح هذا الإنزيم أساسا جديدا للأدوية المستنشقة أو القابلة للحقن، خاصة في حالات الجلطات والعدوى الجهازية والالتهابات الشديدة.
تم نشر نتائج هذا البحث الرائد في مجلة PLOS One العلمية المحكمة، مما يفتح المجال أمام فرق بحثية أخرى لتطوير تقنيات مماثلة وتوسيع الاستخدامات الطبية للإنزيمات المنتجة بيولوجيًا عبر الخمائر المعدلة.


