أظهرت دراسة جديدة نُشرت في مجلة Brain أن الاستيقاظ المتكرر أثناء الليل والنوم غير المستقر يمكن أن يسببا ضررا مباشرا للأوعية الدموية الدقيقة في الدماغ. هذا الاكتشاف يسلّط الضوء على العلاقة الوثيقة بين اضطرابات النوم  وتدهور الذاكرة وتطور أمراض مثل الزهايمر والخرف.

تحليل دماغي فريد بعد الوفاة يكشف عن آليات خفية

قاد الدراسة فريق من الباحثين في مركز Sunnybrook للعلوم الطبية في كندا، تحت إشراف أخصائي الأعصاب الدكتور أندرو ليم. شملت الدراسة أكثر من 600 شخص مسن، ارتدوا على مدى سنوات أجهزة ذكية تراقب أنماط نومهم، وبعد وفاتهم، تبرع المشاركون بأدمغتهم للعلم، مما أتاح للعلماء إجراء تحليلات خلوية وجزيئية غير مسبوقة.

انخفاض خلايا "البيريسايت" يفسّر ضعف الذاكرة والتركيز

كشف التحليل أن النوم المتقطع يؤدي إلى انخفاض عدد خلايا البيريسايت، وهي خلايا تحيط بالأوعية الدقيقة في الدماغ وتلعب دورا أساسيا في تنظيم تدفق الدم والتغذية العصبية. غياب هذه الخلايا يؤدي إلى تراجع دوران الدم وتدهور تغذية الأنسجة العصبية، ما يسرّع من تدهور الذاكرة والانتباه والوظائف الإدراكية الأخرى.

من عرض للزهايمر إلى عامل محفّز له

لطالما اعتُبرت اضطرابات النوم عرضا ثانويا لأمراض التنكس العصبي مثل الزهايمر. إلا أن هذه الدراسة توفر أول دليل مباشر على أن النوم المتقطع قد يكون سببا سابقا في سلسلة التغيرات الوعائية والعصبية التي تؤدي إلى الخرف. بتعبير آخر، الأرق قد لا يكون نتيجة للمرض، بل بوابة لبدايته.

نحو مستقبل تشخيصي ووقائي جديد

يرى الباحثون أن مراقبة مستويات خلايا البيريسايت قد تصبح يومًا ما مؤشرًا بيولوجيًا مبكرًا لتشخيص مخاطر الاضطرابات الإدراكية، كما أن تحسين جودة النوم قد يتحول إلى وسيلة فعالة للوقاية من تلف الأوعية الدماغية وإبطاء تقدم الزهايمر والخرف.