التهويدات هي ظاهرة قديمة وعالمية، تمارسها معظم الثقافات منذ قرون طويلة، إلا أنها أصبحت أقل بروزا في المجتمعات الغربية الحديثة. وعلى الرغم من بساطتها، فقد كشفت دراسة علمية حديثة أن للغناء الموجّه للرضع فوائد نفسية ملموسة، تؤثر إيجابيا في صحتهم العامة وحالة الأسرة ككل.
يشير الدكتور يون تشو، الباحث في جامعة ييل وأحد المشاركين في الدراسة، إلى أن "الغناء أداة بسيطة، متاحة للجميع، وتمارسها الكثير من العائلات بشكل تلقائي. وقد تبين أن هذه الممارسة العفوية تُسهم بالفعل في تحسين الصحة النفسية للرضع".
- الغناء كأداة علاجية آمنة وفعّالة
أُجريت الدراسة على 110 من الآباء والأمهات الذين لديهم أطفال تقل أعمارهم عن أربعة أشهر. وقد تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين:
المجموعة الأولى طُلب منها أداء مهام تتضمن الغناء المتكرر.
أما المجموعة الثانية، فقد تلقت تدريبا خاصا على أداء التهويدات.
وكان الهدف هو استخدام الغناء كوسيلة لتهدئة الرضّع الذين يعانون من صعوبة في الاستقرار أو البكاء المستمر. وقد لاحظ الباحثون أن معظم الآباء استخدموا الغناء بشكل تلقائي دون توجيه محدد، وأن الأطفال استجابوا له بشكل فعّال.
وقال قائد الدراسة، صموئيل مير: "لم نوجّه المشاركين إلى طريقة معينة للغناء، لكنهم اختاروا استخدامه لتهدئة أطفالهم، وكان لذلك تأثير واضح".
- نتائج ملموسة على الحالة النفسية للرضيع والأسرة
خلصت الدراسة إلى أن الغناء المتكرر له تأثير إيجابي ومنهجي على مزاج الرضيع، مقارنة بالمجموعة الضابطة التي لم تستخدم هذه الوسيلة، ورغم أن مزاج الوالدين لم يشهد تغيّرا واضحا، فإن النتائج أظهرت آثارا إيجابية بعيدة المدى على التوازن النفسي والعاطفي للأسرة.
كما أوضحت دراسات سابقة للفريق ذاته أن الموسيقى الموجّهة للأطفال شائعة في مختلف الثقافات، وأنها تلعب دورا هاما في نقل المشاعر الإيجابية بطريقة عالمية.
- التهويدة: رسالة حب وطمأنينة
يُشير الباحث مير إلى أن التهويدات تحمل رسائل غير لفظية مليئة بالحب والاهتمام، حيث يُعبّر الوالد للطفل من خلالها برسائل ضمنية مثل: "أنا بجانبك، أسمعك، وكل شيء سيكون بخير". ويبدو أن الرضع يلتقطون هذا المعنى العاطفي ويستجيبون له بشكل إيجابي.
نُشرت هذه الدراسة المهمة في مجلة Child Development (تطور الطفل)، وهي تضيف إلى الأدلة المتزايدة التي تدعم أهمية التفاعل الصوتي والعاطفي بين الأهل وأطفالهم منذ المراحل المبكرة من الحياة.



