هو ما تدفعه اليوم طهران من جراء العدوان ، و لما تجرأ نتنياهو إلى و أصبح يقبض بطائراته على سماء إيران / القارة ، محاولة عدم الانخراط الفعلي بعيدا عن اسوار البيت تبين انها خطيئة في السياسة و الاستراتيجيا يجب تحمل نتائجها.
بدأ ذلك بانهاك و إفقار القوات المسلحة السورية و عدم المساهمة الحقيقية في إعادة تأهيلها ماديا و تدريبا و تسليحيا خلال مدة تقارب الخمس سنوات بعد ان وضعت الحرب اوزارها و خدعة مناطق وقف التصعيد و تمزق الجغرافية السورية إلى مناطق النفوذ ما بينا الحليفين مع احتلالين على الارض السورية ..
بدون ادنى شك لما كان ذلك ليكلف طهران عشر تكاليف و خسائر ثلاثة ايام من الحرب الدائرة مع تل أبيب .
لان سوريا بأسوأ الاحوال كانت تمثل جدار صد و حليف بالغ الاهمية مع إمكانيات السلاح الصاروخي الاستراتيجي السوري المتوفرة ، التي سحقته اسرائيل بعد 48 ساعة من إسقاط رئيس النظام السابق بالإضافة لوجود قواعد دفاع جوية إيرانية في سورية ، كما ان عدم الاستثمار المالي الجدي في البنية التحتية و الإقتصادية السورية بهدف إراحة السوريين الذين كانوا ما عانوه ماليا و اقتصاديا من خلال إعادة تنشيط الدورة الإقتصادية و الخدمات و هذا ينطبق على موسكو أيضاً و كان من أبسط الحلول المتوفرة إدخال دمشق في مجموعة البريكس و علاج الحالة الإقتصادية المزرية بعد ان فقدت الدولة السورية تقريبا كل الناتج الوطني و مصادر الطاقة الوطنية و البنية التحتية الإقتصادية و الخدمية و عدم إمكانية التصدير و توافر العملة الصعبة للاستيراد بسبب الحصار المطلق الغربي و ذلك من خلال الضغط الروسي و الإيراني على الصين و المساهمة في دعم سورية اقتصاديا ، لذلك ربما النظام السابق ضاع ما بين (الاشقاء والاصدقاء) إضافة للفساد اللامتناهي و هي ظاهرة تكاد تكون طبيعية في كل الحروب الداخلية فما بالك بحرب مركبة طائفية مذهبية ، عرقية و خارجية بأدوات جهادية(إرهابية) مدعومة بمليارات الدولارات و المعلومات الاستخبارية الدولية و الإقليمية...
يمكن المحاججة على ما سبق سقوط سورية اي ما حدث في حرب لبنان بعد معركة الإسناد و اغتيال محرك المحور السيد نصرالله و عدم اكتراث إيران بقتل ضباطها و قصف قنصليتها في دمشق و من ثم سقوط و خروج سوريا من المعادلة الإقليمية و فقدان وزنها و دورها في معادلات المنطقة و قرار الحرب و السلم .!!
دمشق يوما ما " قرع بابها الرئيس نيكسون و الرئيس "كلينتون" حط فيها و لقاء القمم السورية الامريكية كانت تعقد في جنيف(مكان محايد)، هذا كله دلالة على حجم الدولة السياسي على المستوى الدولي اذا كانت النظام يتمتع بشيء من الاستقلالية و السيادة ، بينما الحج الدوري كل عام تسعين بالمئة من حكام العرب إلى واشنطن بعد حرب تشرين عام 1973م حضور التفقد و استلام الوظائف ، لذلك من المؤسف و المؤلم ان نرى إلى اين سقط و هوى موقع و دور سورية اليوم و طريقة التعامل معها.
اذا اصبحت طهران وحيدة في المعركة و يحاول الغرب افتراسها بالفك الاسرائيلي ظاهرياً بينما هناك مشاركة مباشرة امريكية من القواعد الخليجية في القصف من اجل ان تلحق بسورية الحالية بعد العراق و لبنان (جمهوريات موز ) و الاهم تنصيب حاكم تل ابيب ايضاً كان "مختار باب الحارة الشرق أوسطية"التي تمتد من باكستان التي تقف في الدور إلى طنجة (امير المؤمنين/ رئيس صندوق دعم القدس ).
اما روسيا لا اعتقد ان حالها افضل من طهران و بدون ادنى شك ما يطفو على سطح السياسة من تناغم و شيء من شهر عسل مع ترامب و إدارته لا يعني فعليا شيء اي لا يقّرش في الواقع فما يقال دائما في العلن و الدبلوماسية شيء و ما يطبخ في السر أمر مختلف...الدليل العملية الاستخباراتية الامنية ضد المطارات و الطائرات القاذفة الاستراتيجية و في عمق الاراضي الروسية هذه العملية لم و لا تحصل من خارج نطاق الموافقة الامريكية و علمها و التنسيق مع الناتو الذي هو تحصيل حاصل ، و بالتالي ما ينتظرها بعد ان خسرت سورية التي اعادتها إلى المسرح السياسي العالمي لاعب من الصف الاول من الصعب تجاوزه ، اليوم فقدت هذه الرافعة و الألق بهزيمة لن تعوض سياسية و جغرافية و معنوية بعد ان كانت موسكو في كل خبر و قرار يتعلق بالشرق الاوسط و طلب ودها و دعمها حتى من رؤساء الانظمة العربية لدرجة بدأت تحسدها على ذلك واشنطن - بايدن
انا لم و لا اصدق أن موسكو و طهران باعتا بشار الاسد مقابل شيء ما هو في العلم السياسي ساقط و سراب مقايضة اتفاق نووي او اوكراينا ، و أستغرب كيف لحياك السجاد ان يسقط في هذه الخديعة و كذلك ورثة السياسة الخارجية السوفيتية ( مستر نو) "غروميكو" بكل خبراتها و ارشيفها ،فكيف لموسكو ان تثق بهكذا وعود ، خاصة بعد تسليم " غوربتشيف" حلف * وارسو* لواشنطن على وعد شفهي بعدم تمدد النيتو إلى الشرق و كادت ان تصبح كييف عضواً فيه اليوم و هي عتبة البيت الروسي و ثاني اقوى جمهورية سوفيتية بعد روسيا في الحقبة السابقة أن يفكر اليوم ان هناك من يقدم له رأس 'زيلينسكي" مع قدح فودكا. مقابل سورية!!!. لذلك مبدأ مقايضة سورية بأوكراينا تفكير صبيان في السياسة و الدبلوماسية،
إنما كان سقوط دمشق خدعة استخبارتية غربية و إقليمية مع شراء زمم محلية عسكرية و كلنا يذكر بعد سقوط حلب بخمسمائة مسلح أقال بوتين قائد القوات الروسية في سورية و سحبه إلى موسكو ، الطعم لهما كان اردوغان أحد قادة الناتو و ذراعه العسكري و دليل على ذلك تجاهل الرئيس الروسي دعوته لزيارة انقرة منذ عام تقريبا و حتى ندرة الاتصالات الهاتفية بينهما و كذلك العلاقة الباردة ما بين طهران و أنقرة بعد الانقلاب الذي نفذه اردوغان عليهما في سورية ، اضف إلى
كل ذلك عملية التنافس بينهما على النفوذ الإقتصادي في سورية مع محاولة راس النظام السابق الجلوس على كرسيين او ثلاثة و التواكل على الغير او العناد و ربما التذاكي هو ماجعل كل موسكو و طهران يضيقا ذرعا بسبب انفلات الوضع الداخلي و سيطرة امراء و تجار الحرب داخل اجنحة النظام على كل مفاصل الاقتصاد و التجارة و إفقار الشعب و غياب المحاسبة وتجويع الجيش و عائلات جنوده و ضباطه الميدانيين
من ناحية ٱخرى لا مبالاة و برودة الصين في دعم اهم مركز في مشروعها القديم الجديد التي بالنتيجة أضاعت طريق الحرير مع حزامه و ممر الشمال و الجنوب الروسي كلاهما بحاجة لعبور من طهران، التي لن يُمد سجادها على طريق يتجه الى شرق المتوسط هذا إن بقيت كما نعرفها ، و موسكو التي أضاع مفتاح امبراطوريتها في مياهه الدافئة ، بعد ان غابت دمشق العتيقة بثوابت سياسية خارجية ميزتها على مدى نصف قرن و اليوم أصبحت بلا طعم و لا رائحة ، فقد قاسيون كبريائه ، حتى الياسمين الشامي ذبل على أدراجها إلى حين.



