بقلم: عدنان علامه / عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
في لحظةٍ لم تخلُ من التهور السياسي والغطرسة العسكرية، أقدم رئيس وزراء الكيان المؤقت بنيامين نتنياهو على شنّ عدوان مباشر على إيران، دون غطاء قانوني أو دولي، ودون تقدير حقيقي لموازين القوى أو لحساسية التوقيت. قرارٌ لم يدرك صاحبه أن تبعاته ستشكّل نقطة تحوّل استراتيجية تكشف هشاشة البنية الأمنية الإسرائيلية، وتعيد صياغة معادلات الردع في المنطقة.
1- خطيئة التوقيت: عدوان على العقيدة والرمزية
جاء العدوان الإسرائيلي في يوم الجمعة، قبيل يوم واحد من أقدس المناسبات في العقيدة الشيعية، عيد الغدير، حيث يُحيي المسلمون الشيعة ذكرى تنصيب الإمام علي (ع) خليفة بأمر إلهي في غدير خُم.
لم يُقرأ هذا التوقيت في إيران العدوان كحدث عسكري تقني فقط، بل كـ"عدوان على الولاية"، ومحاولة رمزية لضرب لبّ الشرعية الثورية الإيرانية، إذ تزامن الهجوم مع يوم "أكملتُ لكم دينكم"، وهو يوم الاكتمال الروحي والسياسي في العقيدة الشيعية.
لكن بدل أن يحقق نتنياهو مكسبًا تعبويًا، أسهم الهجوم في توحيد الجبهة الداخلية الإيرانية حول القيادة، وأطلق العنان لرد فعل عقائدي وعسكري فوري.
2-الرد الإيراني: من العمق إلى العمق
وجاء الرد الإيراني بثلاثة مسارات متزامنة:
أ - المسار العسكري
انطلقت هجمات دقيقة من داخل الأراضي الإيرانية، ومن جبهات الحلفاء في لبنان واليمن وسوريا والعراق، استهدفت العمق الإسرائيلي، لتعيش تل أبيب ما اعتادت إنزاله بغزة وبيروت من دمار وفزع.
ب- المسار المؤسسي
رغم فقدان إيران لقادة بارزين، لم تتعطل أجهزة الدولة الإيرانية. فتم تعيين قيادات جديدة بسرعة غير مسبوقة، لترسل طهران رسالة قوية:
"الشرعية لا تتجسد في الأفراد، بل في بنية ولاية الفقيه".
وفي المقابل، بدت إسرائيل كيانًا ضعيفًا مترددًا، عاجزًا عن تعويض فراغاته القيادية، ومشتت بين جبهات متعددة.
ج-المسار النفسي
ربما كانت الضربة الأشد في عمق "الوعي الجمعي الصهيوني".
صور سقوط الصواريخ كالمطر؛ حتى باتت هذه الصواريخ وكأنها تتلألأ كالكواكب في ليلة مقمرة لتعيد أيام السمر والسهر في سماء فلسطين المحتلة.
إلى صور الحرائق تنتشر في كل زاوية من حيفا؛ وصور الدمار من الأبراج ومراكز الدراسات.
وأبرز ما لفت إنتباهي، دمار الغرف المحصنة في الملاجئ، نتيجة القدرة التدميرية الكبيرة جدًا للصواريخ الإيرانية. فتحولت ساحات وشوارع تل أبيب وحيفا وأماكن سقوط الصواريخ الإيرانية إلى أماكن شبيهة بغزة وجنوب لبنان والضاحيةالجنوبية التي دمرها الحقد الدفين للصهيونية وبأسلحة أمريكية فتاكة.
لقد إرتكب هذا الكيان اللقيط خطيئة عمره بعدوانه على دولة الولي الفقيه؛ ولن يتوقف الدفاع عن النفس والردع والرد العنيف حتى يستسلم هذا الكيان الغاصب ويتعهد بعدم الإعتداء على إيران أو أي دولة أخرى ويتعهد بإعادة ما دمره العدوان الصهيوني في إيران وغزة ولبنان أسوة بما تم إلزام هتلر به بعد الحرب العالمية الثانية.
ِوإن غدًا لناظره قريب
16 حزيران/يونيو 2025



