بقلم: عدنان علامه/ عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
في تطور خطير ينذر بنسف ما تبقّى من مرتكزات الشرعية الدولية، خرجت قمة مجموعة السبع الكبرى، المنعقدة في كندا في 17 حزيران/يونيو، بمواقف تُظهر انحيازًا فاضحًا للاعتداء الإسرائيلي على إيران. إذ امتنعت الدول السبع عن إدانة العدوان الإسرائيلي، بل ذهبت أبعد من ذلك، حين منحت تل أبيب "حق الدفاع عن النفس" حصريًا، في الوقت الذي كانت فيه إيران ترد على إعتداء إسرائيلي سافر غير مبرر، جاء خارج أي إطار قانوني أو دولي.
اللافت أن الرد الإيراني، الذي جاء في سياق الدفاع المشروع عن السيادة، لم تتحمّله إسرائيل لأكثر من أربعة أيام، لتبدأ بعدها باستجداء الدعم من مشغليها الغربيين، وهو ما كشفته تصريحات متزامنة من كبار المسؤولين الغربيين.
فقد صرّح المستشار الألماني فريدريش ميرتس، خلال مقابلة مع قناة "ZDF" على هامش القمة، قائلاً:
"من الواضح أن الجيش الإسرائيلي غير قادر على تدمير البرنامج النووي الإيراني... فهو يفتقر إلى الأسلحة اللازمة، لكن الأميركيين يمتلكونها".
وفي ما يشبه الاعتراف العلني بالدور الوظيفي لإسرائيل، أضاف ميرتس:
"إسرائيل تقوم عنا بالمهمات الوسخة".
هكذا، وبلغة مباشرة وصادمة، يتم تحويل إسرائيل إلى ذراعٍ تنفيذية لسياسات هجومية تتبناها العواصم الغربية الكبرى، وفي تجاهل تام لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، واتفاقيات حظر الانتشار النووي، والمعايير التي تضمن حق الدول في تطوير برامج نووية سلمية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
إيران، التي ما زالت ملتزمة باتفاقياتها الدولية، والتي لم تثبت بحقها أي مخالفة للضوابط الدولية الخاصة بالأنشطة النووية، تُستهدف اليوم بتدمير مشروعها السلمي، لا لشيء، سوى أنه يخلّ بمعادلة التفوّق الإسرائيلي التي يسعى الغرب لتكريسها بالقوة.
وإذا كانت تصريحات ميرتس قد فضحت البعد "الوسخ" في المهمة الإسرائيلية، فإن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قالها صراحة:
"لن نسمح لإيران بالانتصار".
وهي عبارة تكشف جوهر السياسة الأميركية تجاه طهران: لا مكان للتوازن، ولا مجال لمعادلة الردع، بل المطلوب هو إخضاع إيران بالكامل عبر الحصار والتجويع، أو عبر الضربات العسكرية بالوكالة.
وبذلك، تكون مجموعة السبع قد انتقلت من موقع "الضامن للقانون الدولي"، إلى موقع "الراعي للعدوان"، عبر مباركتها لتحركات إسرائيل العسكرية، وصمتها عن التصعيد، وتقديمها الغطاء السياسي والدبلوماسي الكامل لأي عدوان قادم.
إن ما يحدث اليوم هو إعادة صياغة خطيرة لقواعد العلاقات الدولية، إذ يُستبدل مبدأ "قوة القانون" بمبدأ "قانون القوة"، وتُلغى فيه سيادة الدول تحت شعار "الردع"، ويُمنح فيها الحليف الإسرائيلي استثناءً دائمًا من أي محاسبة أو مساءلة، حتى وإن كان الفعل عدوانًا صريحًا.
إن صمت المؤسسات الدولية، وتواطؤ الدول الكبرى، يشكلان تهديدًا مباشرًا للنظام العالمي القائم منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، ويطرحان تساؤلات مصيرية حول مصير القانون الدولي إن بات يُدار من غرف مغلقة في قمم الناتو ومجموعة السبع.
وإن غدًا لناظره قريب
18 حزيران/يونيو 2025



