تعرف على سبب تحطيم تماثيل الملكة حتشبسوت في مصر القديمة
منوعات
تعرف على سبب تحطيم تماثيل الملكة حتشبسوت في مصر القديمة
25 حزيران 2025 , 12:00 م

لطالما اعتقد علماء المصريات على مدى قرن من الزمن أن الملكة حتشبسوت، أقوى النساء الحاكمات في التاريخ المصري القديم، كانت ضحية حملة انتقامية بعد وفاتها عام 1458 قبل الميلاد، وقد نُسب تحطيم تماثيلها إلى ابن زوجها وخليفتها في الحكم، الملك تحتمس الثالث، الذي قيل إنه سعى إلى محوها من الذاكرة الجماعية.
لكن دراسة علمية جديدة، نُشرت بتاريخ 24 يونيو في مجلة Antiquity، تقلب هذا التصور رأسا على عقب، مشيرة إلى أن السبب وراء تدمير تلك التماثيل لم يكن شخصيا أو قائما على جنسها، بل كان جزءا من ممارسة طقسية تُعرف باسم "إبطال التماثيل".
- من هي الملكة حتشبسوت؟
حتشبسوت، التي حكمت ما بين 1473 و1458 قبل الميلاد، عُرفت ببنائها الرائع لمعبدها في الدير البحري قرب طيبة (الأقصر الحديثة)، كما أمرت برحلة تجارية ناجحة إلى أرض تُعرف باسم "بونت" التي لا يزال موقعها غير محدد حتى اليوم.
كانت حتشبسوت زوجة وأخت غير شقيقة للفرعون تحتمس الثاني، وكان من المفترض أن تكون وصية على ابن زوجها تحتمس الثالث، لكنها لم تكتفِ بدور الوصاية، بل نصّبت نفسها فرعونا، وجعلت من تحتمس الثالث شريكا ضعيفا في الحكم.
- التماثيل "المُعطّلة": طقس مهيب لا عداء شخصي
المرشحة لنيل الدكتوراه في علم المصريات بجامعة تورونتو، جون يي وونغ، حللت سجلات أثرية لتماثيل حتشبسوت التي اكتُشفت في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي بموقع الدير البحري.
ووجدت وونغ أن التماثيل لم تُحطم على مستوى الوجه أو النقوش كما كان يُظن، بل كُسرت عند الرقبة أو الخصر أو القدمين — وهي نقاط ضعف كانت تُستخدم عادة في إبطال التماثيل الفرعونية بعد وفاة أصحابها، في اعتقاد راسخ بأنها كيانات ذات قوة روحية وربما حياة رمزية.
- إبطال التماثيل: تقليد شائع في مصر والسودان
قالت وونغ: "تم العثور على بقايا تماثيل مُبطلة في عدة مواقع بمصر والسودان، ومن أبرز الاكتشافات التاريخية في علم الآثار المصري ما يُعرف بـ'مخبأ الكرنك'، حيث عُثر على مئات التماثيل المحطمة لفراعنة تعود إلى قرون مختلفة".
هذه الطقوس لم تكن مقتصرة على تماثيل حتشبسوت، بل كانت جزءا من معتقد جنائزي منظّم، حيث كان يُعتقد أن التماثيل تمتلك قوى خارقة يجب تعطيلها بعد وفاة أصحابها كي لا تتداخل مع العالم الحي.
- اضطهاد سياسي وليس كراهية شخصية
ومع ذلك، لا تنفي الدراسة أن حتشبسوت كانت هدفا لحملة اضطهاد لاحقة، فقد تمّ بالفعل تدمير صورها ونقوشها في عدة مواقع، ويُعتقد أن هذه الحملة بدأت بأمر من تحتمس الثالث. لكن الأسلوب المختلف في تدمير التماثيل بمعبد الدير البحري، مقارنةً بالعنف الذي طال صورها في أماكن أخرى، يشير إلى أن الأمر ربما كان تحركا سياسيا أكثر منه شخصيا.
تقول وونغ: "التحليلات تشير إلى أن تحتمس الثالث ربما شعر بضرورة إضعاف إرث حتشبسوت لأسباب تتعلق بشرعية حكمه أو ضغوط من نخب الدولة أو الكهنة، وليس بدافع الكراهية الشخصية كما كان يُعتقد سابقا".
- إعادة كتابة التاريخ: من الانتقام إلى الفهم الطقسي
خلصت الدراسة إلى أن الصور النمطية القديمة عن نزاع شخصي بين تحتمس الثالث وحتشبسوت ربما تكون قد بُنيت على فرضيات خاطئة، فالمعاملة "المهذبة" نسبيا لتماثيلها مقارنةً بالهجمات الوحشية على صورها في مواقع أخرى، تدعم فرضية أن ما جرى كان مزيجا من الطقوس الدينية والتوازنات السياسية، وليس فقط "حقدا دفينا".


المصدر: Live Science