في الوقت الذي كان فيه نتنياهو يتخبط جاهداً، لإيجاد صورة نصرٍ معقولة يخرجُ فيها حافظًا بعضاً من ماء الوجه، بعد الرَّدِّ الإيراني الموجع والحاسم على الكيان، بسبب عــ.ـدوانه الغادر على الجمهورية الإسلا مية، وذلك بالتزامن مع تخبُّطٍ مُماثِلٍ داخل الإدارة، ومع الإعلامِ في الولايات المتحدةِ الأمريكية، لتوصيفِ نتيجةِ المواجهةِ مَعَ إيران سواء كانت قد نجحت أو فشلت، والتي تمثّلت باستهدافِ المُنشآت النوويةِ الإيرانية، وبالرَّدِّ الإيراني باستهدافِ قاعدةِ العديد في قطر، جاءت ضربةُ الكمينِ الاستثنائيِّ، لوحدات الـجيش "الإسرائيلي"،جنوب خان يونس، ومقتل ضابط وستةِ جنودٍ صهاينة، جاءت لِتُسَلِّطَ الأنظارَ على مستنقعِ غـ.ـزةَ القاتل، وعلى جدوى هذه الحر ب المجنونة التي يَشُنُّها الجيشُ الصهيونيُّ المُجرمُ، على القطـ.ـاع، من دون أن يُحَقِّقَ حتى الآن، أيَّ هدفٍ من أهدافها، ألاّٰهُمَّ إلّا استمرارَ النزفِ في وَحداتِ هذا الـعـدو الأحمق، معَ استمرارِ الإبادةِ الجماعية ضِدَّ الشعبِ الفلسـ.ـطيني المطلوم.
طبعًا، هناك رابطٌ قويٌّ، في الأساس، بينَ الحربِ على غـ.ـزةَ والشعبِ الفلسـ.ـطينيّ، وبين المواجهةِ "الإسرائيلية" الإيرانيةِ، بشكل عام، والمعركة الأخيرة بين الطرفين بشكل خاص. إذ إن الصراع الإيراني - الصهـ.ــيونـ.ـي قائم في أساسه على دعم الجمهورية الإسلا مية الإيرانية للمـ..ـقاومة ضد احتـ.ـلال فلسـ.ـطين وضد اغتصاب الكيان للمقدسات الإسلا مية والعربية. ويمكن، أيضًا، إيجاد رابط أساسي وقوي، اليوم، بين خسارة "إسرائيل" المواجهة الأخيرة ضد إيران، وبين تعثر جيشها وتصاعد خسائره في غـ.ـزة، وبالتالي يمكن أن يؤسس وقف إطلاق النار الأخير بين ايران والكيان، للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والـ.ـعـ.ـدوان على غـ.ـزة وإنهاء قضية الأسرى "الإسرائيليين" والموقوفين الفلسـ.ـطينيين في سجون الاحتـ.ـلال .
*هذا الرابط يمكن إظهاره في الإضاءة على النقاط التالية:
1.اكتشفت"إسرائيلُ"سريعًا،وبعد أقل من 12 يوماً منَ المواجهةِ معَ إيران، أنَّ الأخيرةَ ثابتةٌ وقويّة، بشعبِها وبقياداتِها وبصوا ريخها ومسيّراتها، وذلك بمعزل سواءٌ دُمّرَت قدراتها النووية أو لم تُدمّر.
2.اكتشفت"إسرائيلُ"،أيضًا،صحةَ وجِدِّيَّةَالخطابِ الإيرانيِّ الدائم بأنَّ الكِيانَ سَيُلاقي الأهوالَ في حالِ الِاعتـِ.ـداءِ على إيران. وهذا ما حصل؛ ومشاهدُ الدمارِ الهائلِ وغيرِ المُتَوَقَّع،في"تل ابيب"وحيفا وبئر السبع، شاهدةٌ على هذه الأهوال.
3. اكتشفت "إسرائيل"، أيضاً، أنَّ مسارَ تصاعدِ المناورةِ الصاروخيةِ الإيرانيةِ فرَضُ نفسَه، يوماً بعد يوم، وساعة بعد ساعة، في النماذج المتطورةِ من الصوا ريخ الباليستيةِ والفرطِ صوتية، وفي قدرةِ التدميرِ غيرِ الطبيعيةِ لهذه الصوا ريخ، وفي عجزِ منظوماتِ الدِّفاعِ الجوِّي "الإسرائيلية" والأميركيةِ، عن إسقاط هذه الصواريخ، ومنعها من تحقيقِ أهدافها.
4. اكتشفت، أيضًا، "إسرائيل"، أنَّ جغرافيةَ إيران الشاسعة، كُلَّها والبالغةَ مليوناً وستَّمئةِ ألفِ كلمٍ مربعٍ، مُشبعةٌ بقواعدِ إطلاقِ
صواريخ ومسيّرات، وبمخازنَ وأنفاقٍ قتاليةٍ مخصّصةٍ للقتالِ الصاروخي، ومجهزةٍ لِتُقاتِلَ عشراتِ السنواتِ،دفاعًاوهجومًا.
أمّافي قطاعِ غـ.ـزةَ، فقدوصلت، إلى نتنياهو بالذات رسالةٌ حاسمةٌ من المقاومةِ الفلسطينية، وذلكَ عبرَ كمينِ حركةِ حـمـاسَ الأخير، في جنوب خان يونس،مفادُها استهـدافُ وحدةٍ هندسيةٍ صهيونية، وسقوطُ سبعةِ جنودٍ وضابط، بعد استهداف آلِيَّتَيْنِ، بعبوَّتَيّ شواظٍّ، نُفِّذَتْ بعمل فدائيّ، حيث لا يُمكِنُ التَّدَخُّلُ في هذا النوعِ منَ العُبُوّاتِ، إلا الّتي تُنفّذُ عن مسافةٍ قريبةٍ جِدًا، تصلُ إلى الصفر، حيثُ يتمكّنُ المُقاومُ من لَصْقِ العُبُوّةِ في جسمِ آليةِ الـ.ـعـدو، أو بَرْمِي بِعُبُوّةِ شواظٍّ، من فُتْحَةِ الآلِيّةِ العُليا.
هذه الرسالةُ الحاسمةُ إلى العدوّ، من كمينِ جنوبِ خان يونس، يمكنُ ترجمتُها كالتالي:
1. مع اقتراب مضي سنتين تقريبًا على الحرب على غـ.ـزة، ومع كل هذه الجهود الضخمة التي دفعها الـ.ـعـ.ـدو، في معركته داخل القطـ.ـاع، ومع هذا المستوى غير المسبوق من التدميرِ والمجـ.ـازر والاغتيالات، ما تزال وحدات المـ..ـقاومة، وحـ.ـمـ.ـاس تحديدًا، تُخَطِّطُ وتكمنُ وتهـاجـمُ وتقتـ.ـلُ جنودَ الـ.ـعـ.ـدو وضُبّاطَهُ، مِن مسافةِ صفر،وماتزال قدرةُ هؤلاءِ الأبطالِ المـ.ـقاومين واضحةً،في سيطرتهم في محاور القتال بالنار وبالعبوات، لِاستهدافِ جنودِ الـ.ـعـ.ـدوِّ وآلياتِهِ المَتَوَغِّلَةِ في شوارع القطـاع المدمر وأحيائه.
2. مع استمرار القتال والحرب، ومع استعمال الـعـدوِّ أساليبَ القهرِ والدمارِ والقتْـ.ـلِ كلَّها، بما يملكه من إمكانات ضخمة، من أسلحةِ الجوِّ والمُدرَّعات
والمِدفعية، والاستعلامِ والذكاءِ الصناعِي...وغيرها،ما تزال المقاومة الفلسـ.ـطينية ثابتة في معركتها،وعلى أهدافهاومطالبها، وما تزالُ تناورُ في الميدان وعلى طاولة التفاوض، وما تزالُ تُشكِّلُ رقمًا صعبًا أمام كل محاولات فرض الحلول التي هي في غير مصلحة المقاومة وأبناء غـ.ـزة.
ممّا تقدم؛ مع المستوى الذي فرضته إيران ضد الكيان، من توازن ردع ورعب، فُتح بابُ انصياعِ نتنياهو للقبولِ بوقف إطلاق النار، مع أن الصلية الأخيرةَ من المعركةِ كانت إيرانيةً ومدمرةً وموجعةً لجغرافيةِ الكيانِ كُلِّها، ومستوى ما فرضته وتفرضه المقاومة الفلسـطينية في غـزةَ من ثباتٍ والتزامٍ بالقتالِ حتى النهاية، وما تحققه من إيلامٍ لجنودِ الـ.ـعـ.ـدوِّ في المواجهات القاتلة ومن مسافة صفر، سوف تدفع نتياهو مرغمًا إلى إنهاء عدوانه على غزة،وتسهيلِ تسويةِ تبادلِ الأسرى والموقوفين، وبالطريقةِ التي طرحتهاحـمـاسُ منذُ البداية، والتي كان يُفْترَضُخ بالنّتِنِ أن يسيرَ فيها، منذُ أكثرَ من سنةٍ من اليوم.
تاليًا، وأمام هول مشاهد الدمار التي رآها العالم في كبرى مستـ.ـوطنات (مدن) الكيان، والتي لم يكن أحد ينتظر رؤيتها، حتى في الأحلام، بسبب مغامرة نتنياهو المجنونة ضد إيران، وأمام صدمةِ الكيان المنتظرة من نتنياهو، بعد قبوله مُرغمًا بتسويةٍ تحملُ أغلب ما تبقى من الأسرى "الإسرائيليين" قتـ.ـلى، من دون تحقيق أهدافه الأخرى، أصبح من الطبيعي والمنطقي أن تكون نهاية نتنياهو السياسية قد اقتربت، وأصبحت مؤكدة.
