٢٩/٦/٢٠٢٥
كتب الدكتور ميخائيل عوض:
1
كثيرة هي التقديرات عن احتمال تجدد الحرب مع إيران ومرد ذلك إلى أن الحرب وقفت بصورة مفاجئة لأمر لم يعلن بعد، إلا ما أعلنه ترمب عن أنه أتمَّ المهمة وأنقذ إسرائيل من أن تدمرها إيران؟
وأعلن في ذات التغريدة أنه سينقذ نتنياهو من المحاكمة ويوقف حرب غزة، ولم ينجح إلا بالأولى.
وبحسب غالبية الأبحاث والتقديرات فالحرب لم تنتج مهزوماً واضحاً ومنتصراً بايناً، وتراوحت التقديرات بين القول؛ أن إسرائيل هزمت وإيران لم تنتصر، إلى القول منتصران بطعم الهزيمة، أو مهزومان بلا نصر.
2
بعيداً عن توصيف النتيجة إلا أن آليات وقف الحرب المفاجئة والتي لم تجري بحسب الأعراف، فلا اتفاق ولا عودة للتفاوض ولا تقارب حول أي من الملفات التي تسببت بالحرب وعصفها.
فالمنطقي أن يتم التعامل مع وقف النار على أنه هدنة متحاربين كلاهما يريدها كاستراحة محارب ليعيد ترميم أوضاعه ومعالجة الأخطاء والثغرات وترتيب الأوراق وتجميع عناصر القوة لخوضها مجدداً.
إسرائيل أكثر حاجة لوقف النار فقد فشلت مبادرتها ولم تحقق أي من الأهداف وفقدت عنصر المفاجأة واستنفذت ذخائرها للدفاع الجوي وفوجئت بقدرات الجيش الإيراني وسلاحه الفرط صوتي، ونجحت بتوريط ترمب بعملية متفق أنها مسرحية وصفها الرئيس كلينتون بعملية مجاملة. وبذلك أيضاً خسر نتنياهو أهم ورقة راهن عليها وسعى لتخديم لوبي العولمة بتوريط ترمب بالحروب لإسقاطه في واشنطن ومنعه من تحقيق مشروعه ووعوده. ما يفسر مسرحية العملية العسكرية وأمره بالوقف الفوري للحرب لإنقاذ نتنياهو وإسرائيل والسعي لتطويعه وبدأ شن هجوم في واشنطن ضد القضاة وحاكم الفيدرالي الأمريكي استكمالاً لحملته بتدمير الدولة العميقة وتهميش حكومة الشركات الخفية.
3
إيران كانت بحاجة لوقف النار لترميم وضعها وكشف وتصفية الاختراقات في بنيتها، ولتعويض خسائرها وتأمين دفاعات جوية فاعلة لإسقاط السيطرة الجوية الإسرائيلية، وتعزيز وحدتها الوطنية وتأمينها ومعالجة الثغرات القاتلة التي كشفتها الحرب وكلفتها أثمان باهظة على كل الأصعدة.
مفتاح الحرب بيد إيران وليس بيد إسرائيل. فترمب لا يريدها ولن ينخرط ودول الخليج ليست قادرة على التمويل وباتت مستهدفة بوضوح وضعف إيران إضعاف لها. ونتنياهو أعد للحرب منذ عشرين سنة وحشد كل ما لديه واستثمر بكل ما لدى حلفائه بما فيهم تركيا وأذربيجان والعراق والخليج والوكالة الدولية والأجهزة الغربية برمتها. وبعد انكشافها خسرها جميعاً ولا يستطيع ترميمها قبل عشر سنوات وتالياً لن يبادر ولا قوة لإسرائيل وإن فعلها فنهاية إسرائيل حتمية، وقد قالها ترمب أنقذت إسرائيل من أن تدمرها إيران ولم يقل العكس.
4
كما أن إيران هي التي تحتاج لترميم مكانتها وسمعتها واستعادت كل أو بعض نفوذها في لبنان وسورية والعراق وفلسطين.
إذن المفتاح بالعودة للحرب بيد الخامنئي وإيران وليس بيد نتنياهو وترمب .
إضافة لحاجة إيران لاستئناف الحرب بهدف كسر وأفشال مخططات الإسقاط من الداخل، وباستمرار الاستهداف بالحرب الناعمة والسرية. فمازالت مسيرات تغتال وتضرب بلا مسؤولية مباشرة لإسرائيل وهذه ستزداد وتطلق معارضات إيرانية سياسية ومسلحة، وجميع الحدود باستثناء الباكستانية أصبحت تحت إمرة إسرائيل وأمريكا وحلفائها. ومخطط إسرائيل لإسقاط النظام بعد وقف العاصفة العسكرية بالأدوات الناعمة، ولن ينقذ إيران إلا الحرب وكسبها. وإلا فسيسهل التصعيد والاستثمار بتناقضاتها الداخلية وأزماتها وما أكثرها، وزادت كثيراً عليها وقع المفاجأة والاختراقات والخسائر، وانكشاف إيران وضعفها في المجالات العسكرية وانهيار أمنها على عكس ادعاءاتها السابقة.
5
هل تعود إيران للحرب وتهاجم ولها كل المظلومية والحق والمصلحة أم تعود إلى سياسات ضبط النفس والرهان على الزمن واعتماد استراتيجيات بائدة للصبر والصبر الاستراتيجي والبصيرة والانتظارية؟!
هذا أمر تقرره إيران فهي المستهدفة، وهي التي حاربت وصمدت وأمنَّت محور المقاومة وتكلفت الكثير، ولديها القدرات وطبائعها وثورتها سيادية واستقلالية وتعرف خيارتها ومسؤولة عنها.
أما الكلام عن مبادرة إسراىيلية فهي حملة تعويم لنتنياهو وتهويل لا أكثر ولا أقل.
الاشتراك بقناة "الأجمل آت مع ميخائيل عوض" ليصلكم كل جديد لحظةً بلحظةً على منصة youtube على الرابط:
https://youtube.com/channel/UCobZkbbxpvRjeIGXATr2biQ?si=b1NslvJHyrbXGHjv



