أطفالُ الحجارةِ كبروا، وحجارةُ داوودَ بأيديهم هزمتْ عرباتِ جِدْعونَ, للهِ دَرُّكِ يا غزةُ المعمداني وهاشم!
مقالات
أطفالُ الحجارةِ كبروا، وحجارةُ داوودَ بأيديهم هزمتْ عرباتِ جِدْعونَ, للهِ دَرُّكِ يا غزةُ المعمداني وهاشم!
ميخائيل عوض
3 تموز 2025 , 17:34 م

https://www.ida2at.org/admin/articles.php?action=edit&id=123668#https://www.ida2at.org/admin/articles.php?action=edit&id=123668#


٣/٧/٢٠٢٥

كتب الدكتور ميخائيل عوض

١

لعشرةِ أسابيعَ، ولقُرابةِ سنتين، وغزةُ تُقاتلُ وتُبهرُ بصمودِها وتضحياتِها وإبداعاتِ أساطيرِها.

منذ عشرةِ أسابيع تقريبًا، كسرَ نتنياهو الهدنةَ، وأظهرَ ترامبُ أنَّهُ لعبةٌ بيدِه، وصبَّ نيرانَ أعتى الطائراتِ والصواريخِ والقذائفِ على الخيامِ وجموعِ الجوعى والعطشى في عراءِ غزةَ المُدمَّرةِ، وعراءِ الإيمانِ والأخوَّةِ والنخوةِ العربيَّةِ والإسلاميَّةِ والعالميَّة.

أعلنَ نتنياهو ووزيرُ دفاعِه تعبئةَ ٤٦٠ ألفًا من مُجنَّديه، وحشدَ ٧ فرقٍ وأفضلَ ما بقي لديه من مدرَّعاتٍ وكتائبَ وألويَةِ النُّخبة، وأعلنَ قرارَهُ سحقَ غزةَ وتدميرَ حماسَ واستعادةَ أسراه، وسمَّى العمليةَ: "عرباتُ جدعون".

٢

هَوَّلَ المهولون، وتطاولَ المُفبركون، وعَناتِرُ الفضائيات والمنصَّاتِ صنعوا في العالمِ الافتراضيِّ سيناريوهاتٍ وتخيلاتٍ، إلا أنَّ غزةَ وأبطالَها الأساطيرَ قرَّروا أن يُعلِّموا البشريةَ الصبرَ والثباتَ والقتالَ وأصولَ الحروبِ، وجَدَّدوا في مبادئَ وتكتيكاتِ حروبِ العصاباتِ والمقاوماتِ الثوريَّة.

أطلقوا على عمليَّتهم "حجارةُ داوود".

فالحجارةُ بين أيديهِم، وهم أطفالٌ، كانت عنوانَ الصمودِ والتصميمِ والإصرارِ والعزائمِ التي لا تَلين.

وعندما أصبحوا فِتيةً ورجالًا، صارت من حجارةِ النبيِّ داوود. وليس صدفةً أو عابرةً أن يُطلقوا على عمليَّتِهم "حجارة داوود" تَيَمُّنًا بالحجارةِ وبالنبيِّ، لنفيِ تديُّنِ عصاباتِ الكيانِ الغاصبِ والمتغطرسِ والمتوحشِ؛ فداوودُ وأنبياءُ الله والمرسلونَ جميعًا يُدِينون إبادةَ البشرِ وقتلَ النساءِ والأطفالِ.

فعرباتُ القَتَلةِ، بقيادةِ المُتوحِّشين، تُواجهها الحجارةُ بيدِ الأبطالِ المؤمنين.

٣

على عتبةِ السنتين من الحربِ التي حشدَ لها نتنياهو كلَّ وأيَّ قدراتٍ عند "إسرائيل"، وورَّطَ أمريكا والناتو والعالمَ الأنجلوساكسونيَّ وحلفاءَه وأدواتِه، وقد جالَتِ الحربُ على مسارحَ وساحاتٍ، وبلغَتِ العصفَ لاثني عشرَ يومًا مع إيران، وغزةُ مثابرةٌ، ورجالُها يُقاتلونَ بشراسةٍ وإبداعيَّة، ولم ولن ترفعَ رايةً بيضاء، برغم خُبُوِّ وصمتِ جبهاتٍ، وسقوطِ النظامِ السوريِّ، وتآمرِ النُّظُم، وصمتِ الشعوبِ الغافيةِ عن عروبتِها ودينِها وإنسانيَّتِها.

٤

نتنياهو سيذهب، باستدعاءٍ من ترامب، إلى المكتبِ البيضاويِّ، وسيُوَبِّخُهُ المُعلِّمُ الأكبر، صاحبُ الصفقاتِ وهاوي المسرحيَّاتِ، وكما يُغرِّدُ ترامب، سَيُلْزِمُه بالهدنةِ ووقفِ الحربِ، فقد أعطاهُ ما طلبَ من وقتٍ وسلاحٍ وذخائرَ، وأمَّنَهُ وأمَّنَ "إسرائيل"، وأنقذَها من خطرِ أن تُدمِّرَها إيران، ويسعى لحمايةِ نتنياهو وإنقاذِه من المحكمةِ والإدانة.

إذا صدقَ ترامب، ولم تكن تغريداتُه كمؤتمراتِه الصحفيةِ عَرَاضاتِ عضلاتٍ وحبالٍ صوتيَّة، وأوفى بوعدِه، وإذا صَغُرَ نتنياهو وأوقفَ الحربَ، سيكونُ لغزةَ نصرٌ تاريخيٌّ ثمينٌ وباهرٌ، وسيكونُ لتضحياتِها وصبرِها وصمودِها تأثيرٌ ونتائجُ عاصفةٌ، وحصادُها ثمينٌ، فقد قاتلتْ وصنعتْ من العجزِ ومن العدمِ قوَّةً، وتنتصرُ، ما سيُطلِقُ تحوُّلاتٍ وتغيُّراتٍ تُؤسِّسُ لجديدٍ نوعيٍّ في حربِ تحريرِ فلسطينَ المستحقَّةِ مهمَّتُها، وفي العربِ والإقليمِ والعالمِ.

٥

الأولادُ كبروا، وحجارتُهم حجارةُ داوودَ، تنتصرُ على أعتى قوَّةٍ في العالم، وتنفردُ غزةُ في صُنعِ العجائبِ والمعجزاتِ، وتفرضُ قضيَّتَها ونفسَها وحقيقتَها، وتكشفُ عن حقائقِ الأزمنةِ والتطوُّراتِ والتغيُّراتِ العاصفةِ والتحوُّلاتِ التي تحقَّقَتْ في توازناتِ القوى، وأَنضجَتِ البيئةَ الاستراتيجيَّةَ وميزانَ القوى الكلِّيَّ لهزيمةِ "إسرائيل" في حربِ نتنياهو التي أعلنَها وجوديَّةً، وقال: إنْ هُزِمْنا فلا مكانَ لنا في المنطقة، ومع غزةَ تتجسَّدُ الهزيمةُ عاريةً واضحةً، لا لَبْسَ فيها ولا إبهام.

للهِ دَرُّكِ يا غزةُ هاشمُ والمعمدانيُّ، عِزَّةَ العربِ والمؤمنين.

للمتابعة لكل جديد مع د.ميخائيل عوض الاشتراك بقناة الأجمل آت على الرابط

https://youtube.com/channel/UCobZkbbxpvRjeIGXATr2biQ?si=9qbBkVg5n_vpqmOS

المصدر: موقع إضاءات الإخباري