آلاف الخروقات الصهيـ.ـونية، منذ وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي، وعشرات الشهـ..ـداء والجرحى، وما يزال الاحتـ ـلال يسفك دماءالجنوبيين يوميًا، والحكومة تكتفي ببيانات رسميةٍ تُدينُ ما يحصل كلاميًا.
هذه المشهدية التي يُفْتَرَضُ أن تُصنّفَ ضِمْنَ العدوان الإسرائيلي المستمر، عَمِلُوا على تَمْيِيعِها إعلاميًا لِتُضْحِيَ في نهايةِ المطافِ "روتيناً" يومياً، يَمُرُّ مُرورَ الكرامِ ضِمنَ نشراتِ الأخبارِ والعواجل.
لا يمكن فصل هذا التعاطي مع ما يروّج له، اليوم، من سردية صهيو-أميركية - يسير خلفها بعض الداخل اللبناني- تحاول تظهير المـ.ـقاومة سببًا لاستمرار الـ.ـعـ.ـدوان، والتركيز تاليًا على نزع سـلاحها، في بتر للسياق التاريخي والواقعي خدمة لتحقيق مآرب الاحتـ ـلال.
هكذا أضحت الخروقات "الإسرائيلية" مجرد أرقام ترد في نشرات الأخبار، من دون إدانة مباشرة، أو تظهيرها عدوانًا موصوفًا على اللبنانيين، في أرضهم وسمائهم وطرقاتهم.
والأنكى أن هذا الإعلامَ المعادي للمـ.ـقاومة يتّكئُ إلى بياناتِ جيشِ الاحتـ ـلالِ "الإسرائيلي"، وينشرُ مضامينَهُ حرفيًا، ويقع في فِخاخِ التسويغ لهذه الجرائم، من دونِ وضعِ مسافةٍ مهنـيـة أو أخلاقية!.
*التعاطي الإعلامي مع الخروقات "الإسرائيلية"*
صعّد الاحتـ ـلالَ "الإسرائيليُّ"، أخيرًا، من عُدوانه على الجنوب اللبنانيّ، وصولًا إلى مشارف بيروت. غاراتٌ ومسيّراتٌ عُدوانيّةٌ استهـ.ـدفت مدنيين في القرى الجنوبية، من شقرا إلى بنت جبيل وشبعا، وصولًا إلى خلدة، مدخل بيروت الجنوبي. وهذا تزامنًا مع حملة تهويلية إعلامية تخصُّ الورقةَ الأميركيةَ، والضغطَ في سبيل تنفيذها.
هذه الاعتـ.ـداءاتُ كلُّها، وأعدادُ الشهـ..ـداءِ والجرحى، وحتى وصولُ الاحتـ ـلالِ إلى مشارفِ بيروت، لم تَتَعَنَّ له وسائلُ الإعلامِ اللبنانية، بل تعاطت معه كما في السابق: أخبارٌ عاجلةٌ عابرة، وضمن تقاريرَ إخباريةٍ برقيَّةٍ لا تتعدى مُدَّتُها الثواني.
يُمْكِنُ العودةَ، هنا، إلى 5 تموز، تاريخ الغارات "الإسرائيلية" التي نَفَّذَتْها"إسرائيلُ"على شقرا وبنتِ جبيل، وشبعا،حيث قناةُ ال MTV الإسرائيليَّةُ، في لُبْنان، وضمن نشرتِها الإخباريةِ المسائية، خصَّصتْ لهذا الـ.ـعـ.ـدوان فقط 43 ثانية، ووصفت ما حصل بـ"التطورات الأمنيةفي الجنوب". المحطةُ تحدَّثت عن الإصابات والأمكنة التي وقعت فيهاالغارات فقط، من دون أي إدانة أو إشارة لهذه الخروقات "الإسرائيلية".
اعتـ.ـداء إسرائيلي على مقربة من بيروت.
لعلّ البارزَ، في هذه الاعتـ.ـداءات "الإسرائيلية"، تخطيها قرى الجنوب ووصولُها إلى خلدة على مقربةٍ من العاصمة اللبنانية. اعتـ.ـداء انضمّ إلى غيره من الاعتـ.ـداءات "الإسرائيلية"، وتعاطت معه وسائلُ الإعلام نفسُها، كما بقيةِ خروقات العدو للأراضي اللبنانية.
صحيفةُ "النهار"، وفي تغطيتها للاعتداءِ على خلدة،عنونت الآتي: "غارة على خلدة...الجيش الإسرائيلي: استهـ.ـدفناعُنْـــصُـرًا يعمل لمصلحة فيلق الـ.قدس". الصحيفةُنقلتِ السرديةَ "الإسرائيلية"، بنشرِها ادِّعاءَ جيشِ الاحتـ ـلال، الذي سوّغ هذه الجـ.ـريمة بالقول إنه: "استهداف لِمُخَرِّبٍ كان يعمل في مجالِ تهريبِ الأسلحـ.ـة، والدفعِ بمخططاتٍ إرهـ..ـابيةٍ ضدَّ مُستوطنينَ إسرائيليين. وقوات جيش الدفاعِ نيابةً عن فـيـ.ـلقِ الـقدس الإيراني".
هذه المضامينُ "الإسرائيليةُ" حضرت حرفيًا، في موقع "النهار" الإلكتروني، إضافةً إلى وصفِ الصحيفةَ الشهـــيدِبـ"الضحية".
على مقلب mtv، أخرّت خبر الاعتـ.ـداء على خلدة إلى منتصف النشرة المسائية، ضمن مساحة زمنية لا تتعدى الـ49 ثانية، ووضعت الاعتـ.ـداء ضمن الأخبار "الأمنية" قائلة إنّ: "الجيش الإسرائيلي استهـ.ـدف سيارة بصـ.ـو اريخ على أوتوستراد خلدة". المحطة نقلت عن جيش الاحتـ ـلال هوية المستهـ.ـدف، ورددت كلامه ضمن سياق تسويغ هذه الجـ.ـريمة بأن الاستهداف نفذ "ردًا على تهريب الأسلحـ.ـة لتنفيذ عمليات ضد الجيش الإسرائيلي"؛ فيما اختتم الخبر بالقول إن: "الجيش الإسرائيلي أعلن أنه يستهـ.ـدف عددًا كبيرًا من أهداف تابعة لحــ.ـزب الله". أما قناة lbci؛ فقد وصفت الأخيرة مجموعة الاعتـ.ـداءات "الإسرائيلية" بـ"الرسالة الإسرائيلية الميدانية القاسية"، عبر غارات متعددة "شمال الليطاني". هذا فيما ذكر خبر الاعتـ.ـداء "الإسرائيلي" على خلدة، بشكل عابر :"الجيش الإسرائيلي استهـ.ـدف سيارة على اوتوستراد خلدة؛ أدى إلى اسـ.ـتشها.د سائقها وإصابة 5 آخرين".
*تعاط إعلامي لا يمكن فصله عن السياسة*
هكذا، اقتطعت هذه التغطيات من سياقها، وألصقت بكلام تسويغي "إسرائيلي". إذ خصصت له مساحات صغيرة في النشرات الإخبارية، ضمن خطة ممنهجة تسعى إلى جعل اللبنانيين يتعايشون مع هذه الاعتـ.ـداءات "الإسرائيلية" على أنها أمر"روتيني يومي عادي"، لا يدخل ضمن سياق دموي إجرامي يجب إدانته والوقوف عنده.
سياق إعلامي لا يمكن فصله عمّا يحصل في الأروقة السياسية، من ضغوط أميركية و"إسرائيلية" من خلال ما يسمى بــ"الورقة الأميركية"، والسير باتجاه أبلسة سـ.لاح المـ.ـقاومة، وأن نزعه هو بمثابة "الخلاص" للبنانيين، في وقت يُسوّغ فيه للاعتـ.ـداءات الصهيـ.ـونية، ويُشاح البصر عن أعداد الشهـ..ـداء والجرحى وخرق السيادة اللبنانية!.