الرهاب البيولوجي.. الخوف من الكائنات الحية
دراسات و أبحاث
الرهاب البيولوجي.. الخوف من الكائنات الحية
12 تموز 2025 , 12:36 م

يعتقد الكثيرون أن مشاعر الخوف من الحشرات أو الزواحف مجرد سمة شخصية أو فوبيا بسيطة، لكن بحثا علميا جديدا أجرته الباحثة الأسترالية ميليسا نوربيرج من جامعة "ماكواري" يكشف عن أبعاد خطيرة لهذه الظاهرة النفسية تُعرف بـ الرهاب البيولوجي (Biophobia)، والتي تؤثر بشكل مباشر في التوازن البيئي والصحة النفسية والبدنية للمجتمعات.
-ما هو الرهاب البيولوجي؟
الرهاب البيولوجي هو الخوف المرضي من الكائنات الحية أو مظاهر الطبيعة، بدءا من الميكروبات والفطريات، مرورا بالحيوانات مثل العناكب والكلاب، وصولا إلى ظواهر طبيعية كالعواصف والغابات.
ويُقدّر أن نحو 20% من سكان العالم يعانون من هذه الحالة بدرجات متفاوتة، وغالبا ما ينشأ هذا الرهاب ليس من تجارب شخصية مباشرة، بل من مصادر خارجية مثل الأخبار المروعة، أو القصص الشعبية، أو حتى أفلام الرعب.
آثار بيئية مدمرة للرهاب البيولوجي
تكشف الدراسة أن الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الرهاب غالبا ما يميلون إلى استخدام المبيدات الحشرية بشكل مفرط، مما يؤدي إلى الإضرار بالكائنات النافعة، خصوصا النحل والملقحات الحيوية، وبالتالي الإخلال بالتوازن البيئي.
كما أنهم يفضلون تجنّب الأنشطة الطبيعية مثل التنزه في الحدائق أو دعم المشاريع البيئية، مما يقلل من المشاركة المجتمعية في مبادرات الاستدامة، ويزيد الاعتماد على وسائل النقل الملوِّثة كالسيارات على حساب المشي أو ركوب الدراجات، الأمر الذي يساهم في تفاقم أزمة المناخ وتراجع التنوع البيولوجي.
هل يُعد اضطرابا نفسيا؟
على الرغم من آثاره البعيدة المدى، لا يُصنَّف الرهاب البيولوجي رسميا كاضطراب نفسي في الأوساط الطبية، ويرى بعض علماء الأحياء أنه يمكن تجنّبه ببساطة عبر الابتعاد عن الطبيعة وعدم اقتناء الحيوانات الأليفة أو استخدام المنتجات العضوية.
غير أن هذا النوع من التجنّب يؤدي إلى عواقب غير مباشرة، مثل الإضرار بالنظم البيئية الحضرية، وتقليل فرص التفاعل الصحي مع البيئة، وبالتالي انخفاض مناعة الجسم النفسية والجسدية.
العلاج متاح وفعّال
تشير نوربيرج إلى أن هذا الرهاب قابل للعلاج بسهولة، وأحيانا تتطلب الحالة جلسة علاج واحدة فقط باستخدام أساليب نفسية معروفة مثل العلاج السلوكي المعرفي وتقنية التعرض التدريجي، والتي تبدأ بمواجهة الخوف عبر صور فوتوغرافية ثم الانتقال تدريجيا إلى التعرّض الواقعي للمُحفز.
الإعلام وتأثيره على تكوين الرهاب
أحد الجوانب المثيرة التي تناولتها الدراسة هو دور الإعلام والأحداث الاجتماعية في تشكيل هذا الخوف المبالغ فيه. فبعد حادثة تسمم بسبب فطر سام في أستراليا، بات العديد من السكان يخافون حتى من أنواع الفطر العادية المعروضة في المتاجر، وهو مثال واضح على كيفية تضخيم المخاوف البيولوجية نتيجة للقصص المتداولة أو التجارب الفردية المعمّمة.
تؤكد الدراسة أن الرهاب البيولوجي ليس مجرد فوبيا عابرة، بل ظاهرة نفسية ذات أبعاد بيئية واجتماعية وصحية يجب التعامل معها بجدية، فالتوعية والعلاج المبكر، والتقليل من مصادر التخويف الجماعي يمكن أن تُحدث فارقا كبيرا في إعادة الاتصال بين الإنسان والطبيعة، والحفاظ على صحة كوكب الأرض وسكانه.

المصدر: Naukatv.ru