نجح فريق من علماء الأحياء الجزيئية الأوروبيين في تطوير طريقة غير جراحية تعتمد على الخلايا الجذعية الكبدية لتجديد أنسجة الكبد المتضررة دون الحاجة إلى عمليات زراعة الكبد التقليدية.
الحاجة إلى بدائل لزراعة الكبد
تُعتبر زراعة الكبد حاليا الحل العلاجي الوحيد في العديد من حالات تليف الكبد الحاد، غير أن الصعوبات الكبيرة في الحصول على متبرعين مناسبين، والقيود المناعية، جعلت البحث عن بدائل أكثر أمانا وفعالية ضرورة مُلحّة.
وفي هذا السياق، قالت الأستاذة المشاركة ماريا أرنو من جامعة برمنغهام البريطانية: "إن طريقتنا تقدم بديلاً واعدا لزراعة الكبد، عبر تحسين قدرة الخلايا الجذعية على الالتصاق بالأنسجة وتجديد الكبد بشكل طبيعي."
خلايا HPC: أمل جديد في الطب التجديدي
ركزت الدراسة على استخدام خلايا HPC، وهي نوع فرعي من الخلايا الجذعية القادرة على التحول إلى أنسجة كبدية متعددة الوظائف، ورغم المحاولات السابقة لاستغلال هذه الخلايا في إصلاح الكبد، إلا أن الفعالية كانت محدودة بسبب ضعف التصاقها بالأنسجة وعدم قدرتها على البقاء طويلا داخل العضو المصاب.
الغراء الجزيئي: تقنية التصاق ذكية لعلاج الكبد
الابتكار الرئيسي في هذه الطريقة يتمثل في تغليف الخلايا الجذعية بجزيئات كربوهيدراتية لاصقة، ترتبط بشكل انتقائي بالخلايا المتضررة داخل الكبد، مما يتيح لها الالتصاق بقوة بالمناطق المصابة.
وقد استخدم العلماء ما يُشبه الغراء الجزيئي الحيوي، لا يؤثر على الوظائف الحيوية للخلايا، بل يعزز توزيعها بشكل متوازن داخل العضو، ويساعد في تسريع عملية التجديد الطبيعي.
نتائج واعدة في الاختبارات المخبرية
تم اختبار هذه التقنية على نماذج مصغرة لكبد بشري مزروع في أنابيب اختبار، وأظهرت النتائج أن الخلايا الجذعية المغلّفة لم تفقد كفاءتها الحيوية، بل أظهرت فعالية عالية في الالتصاق والتجدد داخل الأنسجة التالفة.
وقالت ماريا أرنو: "من المزايا الأساسية لهذه الطريقة أنها لا تتطلب تعديلات جينية على الخلايا، مما يسهّل انتقالها إلى الاستخدام السريري مستقبلاً."
وأضافت أن الفريق البحثي يخطط لتوسيع هذه التقنية لتشمل أنواعا أخرى من الخلايا الجذعية لعلاج أعضاء مختلفة، بعد التأكد من سلامتها على النشاط الحيوي والاستجابة المناعية.
مستقبل الطب التجديدي دون مشرط
يمثل هذا الابتكار قفزة نوعية في مجال الطب التجديدي، ويوفّر أملا كبيرا للمرضى الذين يعانون من أمراض كبدية مزمنة، خصوصًا في الدول التي تعاني من نقص في الأعضاء الممنوحة للزراعة.
وقد يُمهد هذا الإنجاز الطريق أمام علاجات مستقبلية أقل تدخلا وأكثر فاعلية، مما يُخفف من المعاناة ويُقلل من التكاليف الطبية والجراحية المرتبطة بزراعة الأعضاء.