فقاعات دهنية تصلح الجينات.. علاج واعد لمرض وراثي نادر باستخدام تقنية النانو
منوعات
فقاعات دهنية تصلح الجينات.. علاج واعد لمرض وراثي نادر باستخدام تقنية النانو
21 تموز 2025 , 14:39 م

كشفت دراسة جديدة نُشرت في مجلة Nature Biotechnology أن باحثين من مركز "UT Southwestern" الطبي نجحوا في استخدام جسيمات نانوية دهنية  — وهي فقاعات دهنية مجهرية — لنقل علاج جيني إلى رئات وكبد الحيوانات المصابة بمرض نقص مضاد التريبسين ألفا-1، وهو مرض وراثي نادر.وتُعد هذه الفقاعات الدهنية من الجيل الجديد للجسيمات النانوية، إذ تُصنع من مكونات دهنية دقيقة بحجم يقلّ مئة ألف مرة عن سمك ورقة الورق، وقد أثبتت التجربة أنها قادرة على استهداف خلايا الكبد والرئة، مما يُمثل إنجازا كبيرا في مجال العلاج الجيني.

إنجاز لافت في العلاج الجيني

في تجارب أجريت على فئران معدّلة وراثيا لتحاكي الطفرات المسببة للمرض، تمكن الباحثون من تصحيح ما يقارب 40% من خلايا الكبد و10% من خلايا الرئة، كما أسفر العلاج عن انخفاض بنسبة تفوق 80% في مستويات البروتين غير الطبيعي المرتبط بالمرض.وصرّح الدكتور تيرينس فلوت، أخصائي أمراض الرئة للأطفال من جامعة ماساتشوستس (وهو لم يشارك في الدراسة)، قائلاً: "النتائج مذهلة للغاية وتُعدّ إنجازا لم يسبق تحقيقه".

ما هو نقص مضاد التريبسين ألفا-1؟

هذا الاضطراب الوراثي يصيب نحو 80,000 إلى 100,000 شخص في الولايات المتحدة وحدها، وينتج عن طفرات في جين SERPINA1 المسؤول عن إنتاج بروتين مضاد التريبسين، الذي يحمي أنسجة الرئة من الإنزيمات المدمرة أثناء الالتهاب والعدوى.عندما يتعطل هذا الجين، يتجمّع البروتين المشوّه في الكبد ولا يصل إلى الرئتين، مما يؤدي إلى تلف أنسجة الرئة وتطور أمراض تنفسية وكبدية.العلاجات الحالية مثل العلاج التعويضي باستخدام بلازما من متبرعين لا تقدّم حلا جذريا، ولهذا تُعدّ تقنيات العلاج الجيني الحديثة واعدة بشكل خاص.

الفقاعات الدهنية: ناقلات ذكية للجينات

تعتمد الجسيمات النانوية الدهنية على تصميم دقيق لمكوناتها الأربعة الأساسية:دهون قابلة للتأين لنقل الجين إلى داخل الخليةالكوليسترولالفوسفوليبيدمادة PEG-lipid التي تمنع التكتل وتحسّن الانتشار داخل الجسموعبر تجربة استمرت سنوات، توصّل الفريق إلى إضافة نوع خامس من الدهون — يُعرف باسم DORI — ما مكّن الجسيمات من تجاوز الكبد والذهاب مباشرة إلى خلايا الرئة.واستخدم الباحثون "محررا قاعديا" يُشبه برنامجا لتحرير النصوص الجينية، لتصحيح طفرة Z في جين SERPINA1. وأظهرت الفحوصات تصحيحا في الخلايا المنتجة لمادة "سيرفاكتانت" المهمة في الرئة، إلى جانب تحسن وظيفي كبير في الكبد والرئة.

آفاق مستقبلية واعدة

تأتي هذه الدراسة بالتزامن مع إعلان شركة Beam Therapeutics في بوسطن عن نتائج أولية مبشرة لعلاج جيني مشابه قيد التجربة السريرية.وفي الوقت نفسه، تسعى شركة ReCode Therapeutics — التي أسسها قائد الدراسة الدكتور دانيال سيغوارت — لاستخدام هذه الجسيمات الدهنية لاستهداف أمراض وراثية أخرى مثل التليف الكيسي وخلل الحركة الهدبية الأولي، وهو اضطراب نادر يصيب أهداب الجهاز التنفسي ويؤدي إلى التهابات مزمنة في الرئة ومشاكل في تموضع الأعضاء.وحصلت الشركة مؤخرا على تصنيف "دواء يتيم" من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج محتمل لمرض التليف الكيسي، وهو ما يعزز الآمال في تطبيقات واسعة النطاق لهذه التقنية.تُعد هذه الدراسة تقدما نوعيا في مجال العلاج الجيني، حيث تمكن الباحثون لأول مرة من توجيه الجسيمات الدهنية إلى أعضاء محددة بشكل انتقائي، وإذا أثبتت هذه التقنية فعاليتها في التجارب السريرية على البشر، فقد تُحدث ثورة في علاج الأمراض الوراثية النادرة والمعقدة.
المصدر: Nature Biotechnology