أمريكا شريكة في إحتلال لبنان؛ الإعلان عن وقف إطلاق النار بلا تواقيع، ولا شرعية قانونية له
مقالات
أمريكا شريكة في إحتلال لبنان؛ الإعلان عن وقف إطلاق النار بلا تواقيع، ولا شرعية قانونية له
عدنان علامه
22 تموز 2025 , 05:52 ص

عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

بتاريخ 11 آب/أغسطس 2006، صدر القرار الدولي 1701 الذي حدّد إطارًا واضحًا لوقف الأعمال القتالية بين حزب الله وإسرائيل، وفرض التزامات صارمة أبرزها: وقف كامل للهجمات الإسرائيلية، انسحاب فوري من جنوب لبنان، ومنع وجود أي قوى مسلحة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني باستثناء الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل. كما شدد القرار على دعم سيادة الدولة اللبنانية ورفض أي وجود أجنبي أو تسلح خارج مظلة الدولة، وألزم إسرائيل بتسليم خرائط الألغام كافة والتقيد بالخط الأزرق.

وبتاريخ 27 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، أعلنت الولايات المتحدة التوصل إلى اتفاق جديد لوقف إطلاق النار، بعد عام من المواجهات بين حزب الله والجيش الإسرائيلي إثر عملية "طوفان الأقصى".

حمل الاتفاق عنوانًا أميركيًا بالكامل، رعاه المبعوث آموس هوكشتاين، وشكّل لجنة خماسية برئاسة أميركية. لكن الإعلان خالف جوهر القرار 1701 في عدة بنود أساسية: إذ أضاف عبارة "بدءًا من جنوب الليطاني" لتوسيع منطقة الحظر العسكري شمالًا، وأتاح 60 يومًا لإسرائيل للانسحاب دون أي ضمانة لجدول زمني ملزم؛ بينما إنسحب جيش الإحتلال الإسرائيلي في العام 2006 ذليلًا مَهزومًا في أقل من ليلة واحدة.

فلا يوجد أية شرعية قانونية للإعلان؛ فلم يُوقّع من أي جهة رسمية مخولة في لبنان، بل اكتُفي بختم أمين عام رئاسة مجلس الوزراء محمود مكية، الذي لا يملك صلاحية دستورية أو قانونية لعقد أو توقيع اتفاقيات دولية.

وبالتالي، فإن الإعلان هو مجرد تفاهم سياسي لا يرقى إلى مصاف إتفاق دولي مُلزم.

ورغم التزام حزب الله ببنود الاتفاق وسحب قواته شمال الليطاني، وقيام قوات اليونيفيل بتسليم 225 مخزن سلاح لحزب الله إلى الجيش اللبناني كما أعلنت اليونيفيل في بيان خاص.

فإن الجيش الإسرائيلي لم ينسحب، بل قام باحتلال خمس مواقع جديدة داخل الأراضي اللبنانية. وقد سمح الرئيس ترامب، الذي تسلّم الحكم في 20 كانون الثاني/يناير 2025، بتمديد مهلة الانسحاب حتى 18 شباط، لكنه نكث الوعد لاحقًا، متواطئًا مع الاحتلال الإسرائيلي الذي تمادى في انتهاكاته.

واليوم، وعبر مبعوث ترامب الخاص توم برّاك، تتنصل إدارة ترامب بالكامل من أي التزام أو تعهد سابق، مدعية بأن الضغط على إسرائيل بات خارج قدرتها. هذه الرواية تشكل كذبة سياسية كبرى، تسقط عنها ورقة التوت الدبلوماسية وتؤكد أن أمريكا ليست وسيطًا غير نزيه فقط؛ بل طرفًا فاعلًا في خرق القرار 1701.

والخلاصة : إن الإعلان عن وقف إطلاق النار الموقع في نوفمبر 2024 لا يتمتع بأي قيمة قانونية لغياب التواقيع الرسمية، ولتعارضه مع النصوص الملزمة للقرار 1701، خاصة من حيث الانسحاب الفوري ومرجعية الدولة اللبنانية وحدها في القرار السيادي. كما أن سلوك إسرائيل وامتناعها عن الانسحاب، يُعد انتهاكًا صارخًا للقرار الدولي 1701 ، يقابله تقاعس أمريكي متعمد في الضغط على إسرائيل ، مما يُسقط صفة "الضامن، الملتزم والمتعهد" بإنسحاب إسرائيل الكلي من لبنان عن أمريكا.

فأمريكا شريك أساسي وأصيل في إحتلال لبنان، ووسيط غير نزيه لا يمكن الوثوق به. ويجب إعادة النظر بدورها بالكامل في أي اتفاقات قادمة تمس السيادة اللبنانية.

وإنَّ غدًا لناظره قريب

22 تموز/ يوليو 2025

المصدر: موقع إضاءات الإخباري