كتب الشاعرُ الدكتور علي قعيق:
"شيخُ السّلاطين".
سمعتُ شيخاً أجيراً،في مواعظهِ،
يعيثُ،في النّاسِ، إرشاداً وتوجيها
يقول:"ربِّي جَرَتْ في النّاسِ حِكْمَتُهُ
وأعقلُ النّاسِ مَنْ يجلو خوافيها
إنّ الشّدائدَ تُخفي في بواطنها
فوائداً جمّةً ماكُنتَ تَدْرِيها
فالجوعُ في "غزَّةٍ" إن كان يؤلمُنا
بلا بهِ اللهُ بالتجريبِ أهليها !!!
ألمْ تقلْ ببلاءِ الجوعِ آيتُهُ؟!
فالجوعُ يُبرِئُ هٰذي النَّفْسَ، يَشْفِيها.
أليسَ بِالجوعِ أجسادٌ نُرَوِّضُها
وتَكْتَفِي بالّذي ما كان يكفيها؟!
أليسَ،في الجوعِ،تهذيبٌ لأنفُسِنا
فنَنْشُدُالزُّهْدَ في الدُّنْيَاوما فيها؟!
وتُفْلِتُ الرُّوحُ مِنْ جِسْمٍ يُكَبِّلُها
تَسْمُوْ، وتَعْرُجُ نحوَ اللهِ بَارِيْها؟!
لاتَحْسَبِ الْجُوْعَ مِنْ بَارِيْكَ مُعْضِلَةً
بل رَحْمَةٌ في حياةِ النّاسِ يُجْرِيْها
والنّاسُ، في الْجُوْعِ، ماشافوا ولا عَرَفُوْا
إلَّا هَلاكَ جُسُوْمٍ فِي مَبَانِيْها
مفهومُهُ لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ تُدْرِكُهُ
وأَمْعَنَ النّاسُ في المَفْهُومِ تَشْوِيْها
فاللهُ، ربِّي، لَهُ فِي الْجُوْعِ حِكْمَتُهُ
يالَيْتَ يُدْرِكُ مَنْ جَاعُوا مَرَامِيْها"
***
هذا هوَ الشيخُ، بلْ هٰذِيْ مَقَالَتُهُ
غريبةُ الْوَقْعِ، مِنْ شَتَّى نَوَاحِيْها
وَعْظُ السَّلاطِيْنِ في طَيَّاتِ أَحْرُفِها
تَبْدُوْ سَفَالَتُهُم، فِي صَوْتِ مُلْقِيْها
***
شَيْخَ السَّلاطِيْنِ تَكْفِيْنا مَوَاعِظُكُم
هٰذِيْ رِسَالَتُكُم فِينا تُؤَدِّيْها
إنَّ الْمَآسي الَّتي حَلَّتْ بِسَاحَتِنا
مِنْ صُنْعِكُمْ،ما نَسيناها، أَسَامِيْها
كُنَّا رَفَضْنا إلى السُّلْطانِ نِسْبَتَها،
كُنَّا لَنُنْكِرُها لَوْلا تَجَلِّيْها
و"غزّةُ" ،اليومَ، هَلْ تُحْيِي ضمائرَكُمْ؟
مِنْ أنَّةِ المَوْتِ في جَوْعَى أهَالِيْها؟!