الشحن الأيديولوجي المكثف مع غياب العقل النقدي، مع غياب المنطق العلمي، يحدث فورا (ذهانا) وهو مرض نفسي يتوهم فيه الإنسان أشياء غير حقيقية، ويتعلق بأوهام ومعتقدات هي عبارة عن هلاوس وخيالات..
الإخوان حاليا في مرحلة ذهان عصبي شديدة، خصوصا بعد صعود الجولاني والقاعدة في سوريا، والذي أحيا هذا الصعود الأمل الكاذب في نفوسهم بإمكانية العودة لحكم مصر والسيطرة على العالم..
المنطق العلمي يحلل صعود الجولاني ونتائجه بما يلي:
1- لم يرحب العالم والشعوب العربية بهذا التغيير في سوريا، مثلما رحب العالم ورحبت الشعوب كلها بثورات 2011 ويمكن حصر هذا الترحيب بالسعودي فقط لأسباب طائفية ومذهبية..
2- سوريا كانت مفككة لعدة دول قبل سقوط الأسد، وجيشها وأجهزتها الأمنية في حالة تفكك وحصار وضربات متوالية من الأعداء لم تتوقف على مدار 11 عاما، وهذا غير موجود بمصر.
3- سبق سقوط الأسد انفصال وجداني وروحي بين الطوائف نتيجة للدعوات التكفيرية الهائلة التي سمح بها الأسد قبل الثورة، هنا مجرد تكفير المسيحيين على المنابر أو بالتلفزيون يعني عقاب فوري..
4- في سوريا هناك قبائل وطوائف وأعراق مسلحة خارج سلطة الدولة، وهذا غير متحقق بمصر، حتى قبائل سيناء التي حاربت الإرهاب سلاحها وتنظيمها من الدولة، والجمهورية تسيطر بشكل تام على السلاح لصالح أجهزة الأمن المختلفة..
5- لم يعد للحكم الديني بريقا مثلما كان عليه الحال قبل 2011 فقد ارتبط الآن حكم الجماعات بداعش والقاعدة والنصرة، وهي نماذج قبيحة للغاية في الرأي العام الشعبي دوليا وعربيا وإسلاميا، ولا تصلح كبديل بأي شكل.
6-الإخوان في مصر فقدوا حواضنهم الشعبية جراء الضربات الأمنية والمنع الاقتصادي والاجتماعي والفكري الأخير، ولم يعد لقياداتهم في مصر إمكانيات مثل (التجنيد - والدعوة - والحشد - والاختراق) مثلما كان يحدث في السابق
وشخصيا أتوقع تحلل الجماعة كليا بحلول عام 2030 وظهور جيل من الشباب الإخواني ناقم على فكرة خلط الدين بالسياسة وعلى نتائجها الوخيمة والمدمرة على الجماعة نفسها..
7- التغيير الحقيقي وسقوط الأنظمة يلزمه إما (قوة عسكرية) وهذا ما لا يملكه التنظيم، وإما (قوة روحية وعقلية) وهذه أيضا غير موجودة بعد صعود الفكر الليبرالي المضاد، وتقبيح دعوة الإخوان دينيا من خلال دعاة الأزهر على المستوى الشعبي، وإما (قوة اقتصادية) وهذه أيضا غير موجودة، فليس لآثرياء الإخوان القدرة للضغط على النظام المصري.
8- التغيير الحقيقي لا يحدث بالإرهاب، بل يعزز ذلك شعبية النظام الحالي ويرسخ أقدامه ونفوذه أكثر في المجتمع
يُرجى العلم أن الإخوان ليسوا بمفردهم من يعانون من الذهان، سبق لجماعات معارضة أخرى في المنفى إصابتهم بنفس الداء، أشهرهم جماعات الجزائر، وأنصار الشاة الإيراني، ومجاهدين خلق،
الإخوان ولكي يعالجوا مرضهم بالذهان بحاجة لنقد ذاتي على الأقل لمدة 5 سنوات، مع ترك وعدم انشغال بالسياسة مطلقا، ومن ثم العودة بأفكار جديدة عملية، وصورة أقرب للتسامح الإنساني، ونقد تام لتاريخهم القبيح، هنا فقط يمكنهم أن يعودوا، ولكن بصورة مختلفة جذرية يكونوا فيها قد خلعوا عباءة سيد قطب وحسن البنا، أو طوروا منهم بصورة أكثر إنسانية