مقالات
"سامحونا ظلمناكم"
زكريا زكريا
31 تموز 2025 , 11:43 ص


عام ٢٠٠٠، بعد تحرير الجنوب اللبناني، وتحديدًا القرى المسيحية والسنية التي كانت تحت الاحتلال الإسرائيلي، ومن دون ضربة كف، طلع أغلبهم يقولون:

"سامحونا، ظلمناكم."

عام ٢٠٠٥، بعد اغتيال الشهيد الرَّئيس رفيق الحريري، شنّوا حملة شعواء على المقاومة وسلاحها.

نسفوا الإنجازات، وحمّلوها مسؤولية كل خراب، وركِبوا موجة ١٤ آذار، وكأنها المنقذ.

مرت السنون، وتكشَّفتِ الخفايا، وظهر دور الأميركي والاسرائيلي.

رجعوا كتار يقولون:

"سامحونا، ظلمناكم."

عام ٢٠١١، مع اندلاع الحرب في سورية، هاجمونا لأننا "تدخَّلْنا"، وقالوا إننا: "ورّطنا لبنان في حرب مش إلنا".

وبعدما شافوا الذبح والتفجيرات قُرْبَ حدودِهم، واكتشفوا شو كانت حاميتهم المقاومة، صاروا يقولون:

"سامحونا، ظلمناكم."

عام ٢٠١٩، بثورة تشرين، ساووا المقاوم بالنَّاهب، والمناضل بالفاسد، وصار شعارهم "كلن يعني كلن" يُقال بلا ضمير.ومع الوقت، لمّا اِنكشفت مشاريعُ السفارات، وحقيقتُها، وانهار البلدُ أكتر، قالوا:

سامحونا، ظلمناكم."

عام ٢٠٢٢، لما ظهرت خيوط المؤامرة الأميركية الغربية وراءَ "صورة تشرين"، وظهرت الـ NGOs، بأبشع أدوارها، واعترف بعض من كان في الواجهة، وقال بالحرف: كنا أدوات.

قالوا بعدها:

"سامحونا، ظلمناكم."

لما انسرقت أموال الناس بالمصارف، وظلت مؤسسة القرض الحسن الوحيدة المحافظة على أموال المودعين، طلعوا كتار يقولون:

"سامحونا، ظلمناكم."

عام ٢٠٢٥، بعد التنكيل العلني بأهلنا الدروز،في السويدا، وبعدَ الخذلان الفاضح والمهانة، رجع صوتُ العقلِ عند الدروز، وبلشوا يقولون بوجع حقيقي:

"سامحونا، ظلمناكم."

طيب، سامحناكم، تمام. الله يسامح الجميع.

بس عن جد، في مجال تفيقوا قبل فواتِ الأوان؟

في مجال ما تضلوا تصدّقوا كل حدابيحكي باسم الحريةوالكرامة وهو عم يجرّنا للذبح؟

في مجال تسألوا: ليش دايمًا المستهدف الأول هو حزب الله وسلاحُه؟

ليش ما عم نشوف ولا$ 'NGO ولا سفارة عم تحكي عن المجازر اللي بتصير بحق أهل الجنوب؟أهل الضاحية؟ أهل غزة؟

ليش دايمًا بيشيطنوا اللي واقف بوجه العدو، وبيبيضّوا وجهَ اللي عم يتآمر مع العدو؟

كأنّه كل ما تمرق سنة، في ناس بترجع تعيد نفس الغلطة،

ونحن كل مرة بدنا نرجع نغفر ونبلع السُّم!

بس عن جد، إلى متى؟

إلى متى رح نضل نلف بنفس الدوامة، ونقول آخر شي: "كنّا مش فاهمين"؟!

المصدر: موقع إضاءات الإخباري