ما حاجة الشيعة لنظامٍ يَعدُّ لذَبحِهِم؟ ماذا هم فاعلون؟
مقالات
ما حاجة الشيعة لنظامٍ يَعدُّ لذَبحِهِم؟ ماذا هم فاعلون؟
ميخائيل عوض
6 آب 2025 , 17:37 م


٦/٨/٢٠٢٥

كتب الدكتور ميخائيل عوض:

١

بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَى.

فَلِكُلِّ شيءٍ نهايةٌ، وكُلُّ نهايةٍ تُؤسِّسُ لبِدايةٍ.

الزواجُ المارونيّ، على غيرِ زواج المُتعة، الذي ربطَ الثُّنائيّ الشِّيعيّ نَفسَهُ بالنِّظامِ والمَنظومةِ الموصوفةِ بأنَّها عصابةٌ مافياويَّةٌ، الأَخطرُ في العالمِ وتاريخِ الدُّولِ، كما وصفتها الصَّحافةُ ومراكزُ الأبحاثِ العالميَّةِ.

ذلك الزَّواجُ غيرُ المفهومِ وصلَ إلى لحظةِ الطَّلاقِ بالثلاثةِ، والذي قرَّرَ الطَّلاقَ المنظومةُ نَفسُها.

٢

بالأمسِ، وُضِعَتِ النُّقطةُ في آخرِ السَّطرِ.

فالعهدُ والحكومةُ اتَّخذَا القرارَ بالاستجابةِ للإملاءاتِ والضُّغوطِ الإسرائيليَّةِ بصياغةٍ أمريكيَّةٍ، وتمَّ تكليفُ الجيشِ بوضعِ خطةٍ لتجريدِهِمْ من السِّلاحِ، على أنْ يتقدَّمَ الجيش قبل نهايةِ الشَّهرِ الجاري بخُطَّتِه لتُقِرَّها الحكومةُ، ولِيَبدأَ التنفيذُ فورًا.

فورقةُ باراك واضحةٌ، محدَّدةٌ خطواتُها، وبمواعيدَ زمنيَّةٍ، لا فكاكَ منها، ولا ضماناتٍ أو التزاماتٍ تُحقِّقُ أيًّا من مطالبِ الثنائيِّ وشروطِه أو تحفظُهُ وتحفظُ كرامتَهُ وتضحياتِه.

٣

هكذا جَرَتِ الأمورُ، فالثنائيُّ تبنَّى النِّظامَ والمَنظومةَ، وقدَّمَ لها كُلَّ وأيَّ ما يستطيعُ: الانتصاراتِ، والتضحياتِ، والشُّهداءَ، والعُمرانَ، وأمَّنَها، وهي لم تبخلْ، فاغتصبَتْ ونهبَتْ أموالَ اللبنانيين، وخاصَّةً الشِّيعةِ، وودائعَ المُغتربين، وحُلفاءِ الشِّيعةِ من السُّوريين والعراقيين واليمنيين، ولم تَكتفِ بأنْ أَمَّنَ لها الشِّيعةُ عشراتِ ملياراتِ الدُّولاراتِ من إيرانَ والمَراقدِ، واستدرجَ مِثلَها من الآخرين لمحاربتِهم، ما مدَّ عُمرَ النِّظامِ، وأمَّنَهُ، وأمَّنَ الخزائنَ، والأموالَ الطَّائلةَ للمنظومةِ ورِجالِها وكُتلِها.

٤

المنظومةُ والنِّظامُ، المعرَّفُ بالميثاقيَّةِ والتوافقيَّةِ والمُحاصصةِ، عرفَ كيفَ يستثمرُ بالشِّيعةِ ونهضتِهم وثرواتِهم وتضحياتِهم، وكمنظومةٍ لصوصيَّةٍ مافياويَّةٍ تُجيدُ التقاطَ الفُرَصِ والنكثَ بوعودِها والانقلابَ على من وفَّرَ لها الزَّمنَ والفُرَصَ، وتَبطِشُ بلا رحمةٍ عندما تتحقَّقُ غايتُها، غيرَ مُهتمَّةٍ لما سيكونُ.

٥

قرارُ مجلسِ الوزراءِ وتوزيعُ ورقةِ باراك لتُقِرَّها الحكومةُ غدًا، هي الدُّستورُ، وهي خطابُ القَسَمِ، والبيانُ الحكوميُّ، وهي برنامجُ العملِ بجدِّيَّةٍ وحزمٍ.

وبالأصحِّ، هي إشهارُ السَّكاكينِ لذَبحِ الشِّيعةِ، وخاصَّةً الثنائيِّ.

لا سلاحَ، ولا مكانةَ وازنةَ في الدَّولةِ، ولا تحكُّمَ بمفاصلِها ومُؤسَّساتِها.

بتجريدِهم من السِّلاحِ، تُكسَرُ آخرُ أوراقِ القوَّةِ والحضورِ، وبذريعةِ محاربةِ الفسادِ، وتطهيرِ الدولةِ، ومحكمةِ انفجارِ المرفأِ، وربما العودةِ إلى المحكمةِ الدوليَّةِ، سيُشطبُ كثيرٌ من رُموزِهم وفاعليَّاتِهم ورجالاتِهم في الدَّولةِ ومؤسَّساتِها.

القرارُ الإسرائيليُّ الأمريكيُّ واضحٌ، جادٌّ، وحازمٌ: لا مكانَ ولا وزنَ ولا كبارَ موظَّفين وفاعلين في الدَّولةِ والنِّظامِ لشيعةِ الثنائيِّ، بل الحصَّةُ والمُحاصصةُ لشيعةِ السَّفاراتِ، ومَن لا يُعجبهُ، فليشربِ البحرَ.

هكذا تتصرَّفُ أمريكا، حتَّى مع أدواتِها، باعتبارِ أنْ لا حُلفاءَ لها، بل أُجراءُ، ولا يَشفعُ لأحدٍ ما قدَّمَ، وما أَمَّنَ، وكيفَ أدارَ، ورعى المصالحَ الأمريكيَّةَ، أو أمَّنَها وتَعايَشَ معها.

فكما في العراقِ، كذلك في لبنانَ: لا مكانَ لتوافُقاتِ مصالحَ مع إيرانَ أو أيِّ كُتلةٍ، فبمُجرَّدِ أنِ اختلَّ الميزانُ، تَنقلبُ أمريكا، وهَمُّها الوحيدُ مصالحُها وتحقيقُ أهدافِها.

٦

القَرارُ اتُّخِذَ، وميزانُ القوى في النِّظامِ والمَنظومةِ والميثاقيَّةِ يُقَرِّرُ، وليسَ في صالحِ الشِّيعةِ، علمًا أنَّ المنظومةَ لم تَحترمِ الميثاقيَّةَ يومًا، فقد فعلَها أمينُ الجَميلِ وحكوماتُهُ، وفعلَها السنيورةُ وحُكومتُهُ البتراءُ، وتَعايش معها الثنائيُّ، ومَرَّرَ قراراتِها وإجراءاتِها.

ماذا يستطيعُ الثنائيُّ؟

أن يُقِرَّ ويَقبلَ الهزيمةَ، ويتعايشَ معها، ويَلوذَ بالزمنِ والانتظاريَّةِ، ممارسةً فعلَها المسيحيُّون عندما هُزِموا، ورَحلَ الإسرائيليُّ، فقاطعوا الانتخاباتِ، ثم قَبلوا سَجنَ جعجعَ، وحلَّ القوَّاتِ، وإبعادَ الجنرالِ ميشال عون.

فهل يَهونُ على الثنائيِّ ويَقبلون؟

من أجلِ ماذا؟ ورِهانًا على مَن؟ وعلى أيِّ زمنٍ؟

يستطيعون التَّعطيلَ في المجلسِ العسكريِّ بالمُماطلةِ إذا كانَ لهم "مونةٌ"، ولم يَعزلْهُمُ الأمريكيُّ بحضورِه المُكثَّفِ والمُقرِّرِ في المؤسَّسةِ العسكريَّةِ.

قد يستطيعون إسقاطَ الحكومةِ وتحويلَها إلى تصريفِ أعمالٍ، وهذه طريقةٌ استخدمَتها المنظومةُ سابقًا، وكان لها فيها مصلحةٌ. فهل تفعلُها؟ ما هي مصلحتُها بحمايةِ الثنائيِّ؟ وماذا عن سيفِ العقوباتِ ومصادرةِ الأموالِ التي نَهبوها؟؟

وعلى افتراضِ أنَّ الخطوتينِ لم يُحقِّقا الغايةَ، ولم يَنجحِ الثنائيُّ بسوقِ البلادِ إليها،

ماذا يستطيعون؟

٧

الخروجُ على الدولةِ والنظامِ، واتخاذُ قرارٍ تاريخيٍّ جريءٍ بالخروجِ مِن، وعلى، نظامِ المُحاصصةِ، وتأمينِ المنظومةِ، وكذبةِ الميثاقيَّةِ التي باتت عبئًا وخطرًا على مكانةِ ودَورِ الشِّيعيَّةِ، بل وُجودِهم.

قَلبُ الطاولةِ وسَوقُ البلادِ إلى الفوضى والمجهولِ؟

خِيارُ شمشون؟

يبدو هو الخيارَ الوحيدَ المُتاحَ، وإلّا: قَبولُ الهزيمةِ، والتنكيلِ، والطَّردِ من المنظومةِ والنِّظامِ، وربَّما الإبادةِ والتهجيرِ، أو قَبولُ الذُّلِّ والعبوديَّةِ.

القَرارُ لهم، وهم عارفون بما يَجري، ويُعَدُّ لهم، وما قدَّموه من تضحياتٍ، وما حقَّقوه من انتصاراتٍ تاريخيَّةٍ وإعجازيَّةٍ، وما يَملكون من سلاحٍ ورجالٍ وبيئةٍ بايعتْ، ومُستعدَّةٍ وقادرةٍ، وتُوفِّرُ لهم فُرصةَ قلبِ الطاولةِ، ووَضعِ البلادِ أمامَ خيارِ إنهاءِ الميثاقيَّةِ والنِّظامِ والمنظومةِ.

يستطيعون أَخذَ البلادِ لبداياتٍ جديدةٍ.

هم المَعنيُّون، وهم أُولياءُ الدَّمِ، وأصحابُ الانتصاراتِ، وبانتظارِ ما سيُقرِّرون، ستعيشُ البلادُ في حالةِ توتُّرٍ وارتباكٍ وتعطيلٍ وغليانٍ.

وقد يَنفَجِرُ القدر لِشأنِهِ، أو لأسبابٍ وأحداثٍ عابرةٍ.

لمتابعة كل جديد الاشتراك بقناة الأجمل آت مع ميخائيل عوض على الرابط

https://youtube.com/channel/UCobZkbbxpvRjeIGXATr2biQ?si=y2AO4axmLDJQ5SSe

Attachments area

Preview YouTube video الحلقة(49):عنق الزجاجة!خروج اليونيفل والجيش من الجنوب؟ سقوط الحكومة أو إسقاطها؟ تهديدات ترمب هوائية!

المصدر: موقع إضاءات الإخباري