كتب الأستاذ حليم خاتون
هل يمكن فهم زيارة لاريجاني؟
في أي إطار يمكن وضع هذه الزيارة من دولة المركز في محور المقاومة إيران، إلى دولة يسيطر على كل شاردة وواردة فيها أميركي قذر يتفنن في ضربنا بعصا غليظة إسرائيلية مع مباركة جزء مهم من شعب لبنان العنيد، وسط تخبط الجزء الآخر الذي سلّم بيده كامل البلد الى هذا الأميركي القبيح!
السلطة في لبنان:
دق المي، بيطلع خرا...
رئيس الدولة أقل من حاجب عند السفارة الأميركية...
خطاب الرئيس الذي روج له البعض تحت بند الصياغة بميزان الذهب، لم يكن أكثر من مدخل إلى تكريس لبنان دولة اللادولة...
رئيس ينقلنا من نظرية قوة لبنان في ضعفه، إلى عبقرية يوسف رجّي في الدفاع بالنحيب على حائط المبكى الأميركي...
رئيس يريد اللعب على الحبال فلا يتجرأ على أي خطوة تسمح بأن يكون جديرا بالموقع الذي هو فيه...
أقصى ما ذهب إليه هو المزيد من الخنوع للصلف الأميركي، ومحاولة التشاطر على شعب المقاومة بعد أن رأى في القيادات البيروقراطية لهذه المقاومة ضربة على الحافر، وضربة على المسمار...
أما رئيس الحكومة، فحدّث ولا حرج...
نكتة كانت لعقود؛ نفخ فيها الأميركي فحولها حقيقة بايخة...
بدل الإسرائيلي الأصيل، جزمة بالوكالة اسمها نواف سلام...
نظارات سميكة بسماكة الحَوَل السياسي والوطني...
هل هذا تخوين؟
هذا هو التوصيف الفعلي لأفعال الخيانة التي أصبحت وجهة نظر في لبنان...
الخيانة والعمالة في هذا البلد تحمل نياشين وأوسمة من رتبة حمار عادي في هذا الشعب العنيد وصولا إلى رتبة فارس في الجمهورية المسخ...
إذا، ماذا أتى يفعل الإيراني؟
لم يرشح تقريبا أي شيء عن محادثات لاريجاني مع الرئاسات الجوكر في هذا البلد...
الرئيس القابع تحت السطوة الأميركية رفع صوته عن سيادة هو يعرف ان حدودها تقف أمام الجزمة الأميركية/ الإسرائيلية/ السعودية؛ وإن كانت الأخيرة حرف ناقص في دنيا الاستراتيجية، ووزن زائد مضر بالصحة العامة يجب التخلص منه بوصفة طبيب تغذية...
الإيراني جاء ليقول لقيادة المقاومة إنه لا يزال على قيد الحياة...
كيف يمكن ترجمة هذا في المعادلة الداخلية هو ما سوف يظهر إذا ما قررت إيران الإقلاع عن كل السياسات الباهتة ما قبل الضربة الأميركية الإسرائيلية...
الكل ينتظر ويترقب...
شيء ما سوف يحدث...
شيء ما يجب أن يحدث...
التسليم بسقوط سوريا هو قمة السقوط إذا قبِل محور المقاومة بما حصل!
أكثر من عقد من الزمن، بقي المحور في قلب الحدث السوري!
هل كانت قيادة المحور غبية إلى درجة عدم تأسيس قاعدة شعبية ما في أماكن تواجدها...
هل يمكن قبول تحليل الإعلامي غسان سعود حول الجيش السوري العميل الذي يتهيأ لغزو لبنان بدل تحرير سوريا من الاحتلال الإسرائيلي؟
تحرك لاريجاني يكون له معنى فقط إذا كانت إيران مستعدة لقلب الأوضاع في سوريا...
المؤشرات الظاهرة لا تشي بالتفاؤل...
المجازر لا تزال على نار حامية في الساحل، لكن هذه المرة دون إعلام، ودون تصوير...
وحوش الجولاني وبقر قطر وتركيا من آسيا الوسطى يسبون النساء على طريقة أجدادهم الذين لا يقلون تخلفا...
إذا كانت إيران لا تزال تعوّل على تركيا وعلى إردوغان؛ هذا يكون كمن يفتش عن الدبس في طيز النمس...
تركيا جزء من حلف الأطلسي الداعم الأول والأكبر للاحتلال والإستيطان الصهيوني لفلسطين، وقريبا لمعظم الشرق الأوسط...
حتى في الحرب على إيران، تركيا كانت مشاركة ولو عبر أذربيجان التي كانت الطائرات الإسرائيلية تنطلق من قواعد هذا البلد التابع لسيطرة الأتراك...
زيارة لاريجاني يكون لها معنى فقط في حال حسمت إيران موقفها وقالت لنواف سلام،
نحن نعرف انك عميل اميركي إسرائيلي حقير...
نحن جئنا نقول لك أن تنتبه إلى نفسك...
حين تندلع الحرب وهي سوف تندلع،
إيران سوف تضرب كل حلفاء أميركا في المنطقة...
انت أقصر من أن تكون أكثر من نكرة...
حذار!
زيارة لاريجاني إلى لبنان يكون لها معنى فقط إذا كان قال لقيادة حزب الله إن الوضع تبدل...
انتهى زمن الصبر الاستراتيجي...
انتهى زمن حياكة السجاد البايخة...
إذا تحركت الجبهة من سوريا ضد لبنان، إيران سوف تضرب الجولاني ومن يقف خلف الجولاني وهم بيوتهم من زجاج أمام عظمة صواريخ اليمن...
على المقاومة العودة إلى القتال البري الشرس ضد أي تقدم إسرائيلي دون الخوف من طعنات عرب الخيانة في دمشق والرياض وأبو ظبي وحتى الدوحة ومن خلفها أنقرة...
إذا كان هذا ما قاله علي لاريجاني، اهلا وسهلا به...
في أية حالة أخرى غير هذا، يكون مجيء لاريجاني نفسه كما "الضراط على البلاط"...
المواقف الإيرانية السابقة بعد المجد الذي ساهمت في صنعه بين ١٩٨٢ و٢٠٢٤؛ كانت السبب في إحباط حلّ على كل مقاومات المنطقة في لبنان وفلسطين وسوريا...
من يجادل في هذا الأمر عليه فقط زيارة مناطق بيئة المقاومة ليرى علامات هذا الإحباط...
نحن؛ عرب أوروبا؛ نحن رومانسيون...
يسارنا يعيش ثورة غيفارا...
لكن حتى اليمين العربي الجالس على كنبة في العواصم الأوروبية؛ ينزل بين الحين والآخر إلى المظاهرات يهتف لغزة...
ربما خجلا أمام صحوة الضمير العالمي الذي يجتاح الغرب هذه الأيام في حين تغط شعوب عربية بأمها وأبيها في نومة أهل الكهف، في وقت يتمايل اشباه الذكور في حضارات الترفيه والحشيش والكبتاغون على ألحان تركي الشيخ والمحمدَين اللعينين في الرياض وأبو ظبي...
نسبة الالتزام مع لائحة الBDS لمقاطعة منتجات الشركات الداعمة لدولة الإستيطان في أوروبا كبيرة جدا...
قد يظن المرء ان خرق المقاطعة يقتصر على دويلات الاعتدال والمشيخات التي تستحق بجدارة الدخول هي نفسها في لائحة المقاطعة...
في غزة، المقاطعة ليست مطلوبة...
الناس تموت هناك جوعا وعطشا...
في الضفة، يعيش الفلسطينيون في كوكب آخر ينتظرون يوم الذبح على يد سموتريتش كما قطيع الغنم الذي لا حول له ولا قوة...
هناك، في الضفة، منتجات إسرائيل نفسها هي التي تؤمن كلفة أدوات الذبح، ولا حاجة إلى تبرعات الشركات الداعمة...
يستهلك الفلسطينيون حتى ما هو غير ضروري من منتجات إسرائيل وكأن إسرائيل تربخ على صدور شعوب أخرى وليس على صدورهم هم...
في لبنان... هنا النكتة...
المقاطعة غير مطلوبة من سمير جعجع او سامي الجميل أو خالد الضاهر...
اشرف ريفي باع نفسه للشيطان منذ دخل حلقة نهب الدولة اللبنانية في الأملاك البحرية الموضوع يد النهب عليها؛ بينما فؤاد مخزومي يسن أسنانه كي يكون العبد الطيّع لإبن سلمان الأجرب...
هؤلاء جذورهم في العمالة عميقة جدا؛
كلٌ حسب موقعه في المعادلات الأميركية...
لكن المضحك المبكي هو أن شعب المقاومة في الجنوب والضاحية والبقاع لا يعيش ابدا في زمن مقاطعة منتجات الشركات الداعمة للكيان الصهيوني...
بينما ستار بوكس وماكدونالدز تخسر في أوروبا والعالم، تفرّخ هذه الأماكن في لبنان كما في دول الموز من مشيخات وجمهوريات الأقزام...
يخرج فلسطيني معاق عقليا من مخيم برج البراجنة ويقول لك أن تنكة بيبسي لن تُسقط إسرائيل...
كل الدكاكين والمحلات في مناطق بيئة المقاومة تحتوي على كل ماركات الشركات الموضوعة على لائحة ال BDS...
هذا عار لا تشعر به البيئة...
لن يموت الناس جوعا او عطشا من عدم استهلاك منتجات الشركات التي تموّل تسليح إسرائيل لقتلنا واحتلالنا...
فلافل أبو رامي في صيدا ممكن تناولها دون ميرندا او بيبسي او سفن أب...
صور الشهداء على أبواب السوبرماركت والجدران المحيطة بينما في الداخل تباع كل الماركات التي ساهمت في قتل هؤلاء الشهداء...
تقول لي ارملة شهيد انها تبيع عبوات مياه نستلة لأنها محبطة بعد اغتيال السيد نصرالله...
عذر أقبح من ذنب!
هل يفهم لاريجاني أن مجيئه إلى لبنان مطلوب لرفع المعنويات وليس لقيادة الإحباط الناتج عن السياسات العقيمة أثناء الحرب التي شنها الناتو إلى جانب إسرائيل بينما كانت إيران تعد العصى التي تنقض على رؤوسنا وبينما تساهم الصين وروسيا من حيث لا تدريان، في زيادة قوة الامبريالية الأميركية...