يسعى الأزواج عبر التاريخ إلى معرفة كيفية إنجاب ذكر أو أنثى، مستعينين بالخرافات والتقاويم القمرية والجداول الصينية القديمة ونصائح الأجداد، إلا أن العلم الحديث حسم الأمر بشكل قاطع: تحديد جنس المولود يعتمد على الأب، إذ تحمل الحيوانات المنوية نوعين من الكروموسومات — X و Y — لتحدد فيما إذا كان الجنين سيكون ذكرا أم أنثى.
الكروموسومات ودور الأب في تحديد الجنس
بحسب الدراسات العلمية الحديثة، فإن الحيوان المنوي الذي يحمل كروموسوم Y يؤدي إلى ولادة ذكر، بينما الحيوان المنوي الحامل لـ كروموسوم X يؤدي إلى ولادة أنثى، ويشير البروفيسور كونستانتين كروتوفيسكي، عالم الوراثة من جامعة غوتنغن والجامعة الفيدرالية السيبيرية، إلى أن الحيوانات المنوية التي تحمل الكروموسوم Y تتحرك بسرعة أكبر، لكنها تعيش فترة أقصر مقارنة بتلك الحاملة للكروموسوم X.
تأثير الوسط المهبلي في بقاء الحيوانات المنوية
توضح الدراسات أن الوسط الحمضي في المهبل يُضعف الحيوانات المنوية الحاملة لـ Y، بينما الوسط القلوي — الذي يزداد خلال فترة الإباضة — يرفع فرص بقائها على قيد الحياة، كما أن نسبة الحيوانات المنوية الذكرية والأنثوية قد تختلف بين الرجال، فقد وجدت دراسة أمريكية أن بعض الرجال لديهم نسبة أعلى من الحيوانات المنوية الأنثوية أو العكس، وهو ما يفسر أحيانا ولادة معظم الأبناء من جنس واحد في بعض الأسر.
رحلة صعبة نحو البويضة
أثناء عملية الجماع، يُطلق الرجل من 60 إلى 200 مليون حيوان منوي، لكن معظمها يموت قبل الوصول إلى البويضة بسبب العوامل البيولوجية والبيئية، وحدها قلة قليلة تستطيع الوصول إلى قناة فالوب حيث تنتظر البويضة، وهناك يبدأ السباق الأخير، إذ تتعاون أعداد كبيرة من الحيوانات المنوية على اختراق غلاف البويضة، ليتمكن واحد فقط من تخصيبها وتحديد جنس المولود.
تطور الأعضاء التناسلية في الجنين
في الأسابيع الخمسة الأولى من الحمل، يكون الجنين في حالة حيادية من حيث الجنس، حيث يمتلك قنوات تناسلية أولية يمكن أن تتطور لاحقا إلى أعضاء ذكورية أو أنثوية. وعند وجود كروموسوم Y يبدأ عمل الجين SRY في الأسبوع السادس أو السابع، ليحفّز نمو الخصيتين ويحدد المسار الذكري، أما في حال غياب هذا الجين، فتنمو الأعضاء الأنثوية تلقائيا.
متى يظهر جنس الجنين في الفحوص الطبية؟
يمكن تمييز الأعضاء التناسلية للجنين عبر فحص الأشعة فوق الصوتية (السونار) بدءا من الأسبوع الثاني عشر من الحمل تقريبًا، بينما يظل الجنين حتى ذلك الحين في حالة "بيولوجية محايدة".