لماذا فشل الرهان على الضفة؟            
مقالات
لماذا فشل الرهان على الضفة؟            
م. زياد أبو الرجا
19 آب 2025 , 17:02 م

لماذا فشل الرهان على الضفة؟                    

-                        ---------------------------------

*بعد عملية طوفان الاقصى في السابع من تشرين الاول/ اكتوبر ٢٠٢٣ وانضمام جبهات الاسناد من لبنان واليمن والعراق.كثر الحديث عن استنهاض الضفة الغربية وانضمامها الى جبهات الاسناد.ومما شجع المحللين السياسيين على الاسهاب  في رهانهم هي المقاومات في مخيمات جينين وطولكرم ونابلس والفارعة.كل مخيم من هذه المخيمات لا تتعدى مساحته الكيلومتر المربع الا قليلا.ويقطنها اقل من خمسين الف مواطن من لاجئي ١٩٤٨.لعبت حركة الجهاد الاسلامي وحماس الدور الكبير في المقاومة البطولية لهذه المخيمات الصغيرة والمحاصرة..

انضم الشيخ صالح العاروري الى حركة حماس الفلسطينية التي انسلخت عن حماس الاخوانية وقادت عملية طوفان الاقصى.كان العاروري يقيم في تركيا وقد اغضب انحيازه الاتراك فقاموا بابلاغه بانهم لم يعد بامكانهم ضمان امنه الشخصي،وعليه ان يغادر تركيا عندما حاول الخروج جوا منعته السلطات التركية لانها وضعته في  دائرة الاستهداف.دخل الى سورية مهربا عن طريق البر ومنها الى لبنان.واستلم ملف الضفة الغربية واصبح مسؤولا عن تهريب السلاح من سورية عبر الاردن الى شمال فلسطين.العاروري تربطه علاقات جيدة مع العشائر والقبائل الاردنية.نجح في تهريب كميات من السلاح وبناء على ذلك راهن المتابعون على استنهاض الضفة.لكن فاتهم ان الظروف الذاتية والموضوعية للشعب الفلسطيني غير ناضجة ولا مؤهلة لاستلام السلاح، وانحصر الموضوع على بعض كوادر من حماس والجهاد الاسلامي ( اما فصائل الكومبارس الاخرى فلا وجود لها اساسا )ورغم كل المحاولات الحثيثة لم يتسع نطاق المقاومة المسلحة في الضفة وبقي حكرا على المخيمات المذكورة الا في حالات ما سمي بالذئاب المنفردة.ومع استشهاد الشيخ صالح العاروري في لبنان وضعت اسرائيل حدا لهذا الحلم.سبق لي وان كتبت بان هذه المخيمات لا يمكن التعويل عليها في استنهاض الضفة الغربية.

استخدم جيش الكيان القوة المفرطة بحق المخيمات، واوغل في قتل المقاومين واعتقال المواطنين ودمر البيوت والبنية التحتية المتهالكة اصلا.كان الاجرام الاسرائيلي في هذه المخيمات بمثابة الرسالة الحية لاهل الضفة الغربية بان مصيرهم ومصير مدنهم وبلداتهم وقراهم سيكون نفس مصير غزة وهذه المخيمات.وان عليهم ان يحسنوا التصرف والسلوك في هذا السجن المفتوح ، والا سيتحول الى السجن المغلق كما هو الحال في غزة.المثل الفلسطيني المعروف يقول:(( المقروص يخاف من جرّ الحبل )).

ادى فشل رهان طوباويو الفصائل الفلسطينية على استنهاض الضفة الغربية،وقصر وعيهم عن فهم وتقييم الظروف الذاتية والموضوعية لفلسطينيّي(( البانتوستانات))التي تخضع  لسيطرة جيش الاحتلال والذي شدد من قبضته عليها بعد عملية طوفان الاقصى.واضاف الى ذلك تدريب وتسليح المستوطنين الذين يعيثون في الضفة خرابا ودمارا وترويعا ونهبا للممتلكات وقطع اشجار الزيتون بقيادة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش في الوقت الذي يتولى فيه بنعمير قيادة قطعان المستوطنين بالتعدي اسبوعيا على الاقصى وقبة الصخرة معراج رسول المسلمين النائمين القاعدين الخانعين.

ثم ياتيك من يعفي الكيان من مسؤولياته عن كل هذا ويقول لك:((  ان قوات امن السلطة تمنع جحافل المقاومين من التحرك في الضفة ))!!

ان الاغلبية الصامتة غير راضية عن اداء السلطة وهذا حقها.لكن هذا لا يدفعها الى القفز في الفراغ دون ان تعرف اين ستحط اقدامها.لقد بالغ الطوباويون والمصابون بمرض الطفولة اليساري والخيالي في رؤيتهم وتقييمهم لفلسطينيي الضفة الغربية واخذوا يوجهون سهام التخوين  والارتزاق لكل من يعمل في السلطة.( رجل الامن، المعلم في المدرسة، المحاضر في الجامعة، الطبيب والممرض ورجال الاسعاف، المهندس،وكل العاملين في شؤون تصريف الاعمال التي تمس حياة المواطن اليومية )

الوضع الراهن في الضفة يضع السلطة الفلسطينية بين نارين.نار العجز عن مواجهة عملية التهويد للضفة الغربية ونار خطة الكيان في الاستغناء عنها واعفائها من دورها المرحلي.

يا ايها الشعب الفلسطيني لا تكن عونا للاحتلال على هدم الكيانية الفلسطينية التي تمثلنا.

مهندس زياد ابو الرجا     

المصدر: موقع إضاءات الإخباري