هل كانت العلة في حرب الإسناد، أم أن التكفيريين نتيجة؟
مقالات
هل كانت العلة في حرب الإسناد، أم أن التكفيريين نتيجة؟
حليم خاتون
22 آب 2025 , 09:55 ص

كتب الأستاذ حليم خاتون:

محور المقاومة في وضع لا يُحسد عليه رغم كل التطبيل حول اكتمال الجهوزية...

هناك من يطبل حول الغموض البنّاء الذي دخل فيه حزب الله بعد سقوط أحمد سعيد اللبناني الذي تفوق على الصحّاف العراقي وعلى أحمد سعيد الأصلي قائد معارك نكسة حزيران يونيو ٦٧ الدونكيشوتية...

نظرة علمية موضوعية لما يجري في الشرق الأوسط تكفي للقول أن جوهر المشكلة لا يزال هو نفسه؛ بل ربما أن الأمور تسير نحو الأسوأ...

المفروض ان هناك صراعا قويا وصل إلى نقطة اللاعودة بين محور الإستعمار الذي تقوده أميركا وتستفيد منه إسرائيل لتحقيق نظرية من الفرات إلى النيل؛ وبين محور "المقاومة" الذي لا يزال يدور حول نفسه بعد حوالي سنتين من معجزة السابع من أكتوبر...

"التكرار يعلّم الحمار"...

لكن محور قضية فلسطين أكثر عنادا من كل حمير الدنيا...

لا يريد هذا المحور أن يتعلم...

لا وقت لا للحمرنة، ولا لاستحمار الناس!

العلاقات الإيرانية السعودية من جهة، وتعويل الكثيرين على معجزة تحصل في العالم العربي رغم علم الجميع أن عصر المعجزات ولّى منذ زمن بعيد، من جهة أخرى؛ كل هذا لا يصب إلا في مزيد من النكسات والهزائم...

تعليم حمار العزف على البيانو، أسهل الف مرة من عملية زرع دماغ حي في جسد ميت...

الأمة العربية جسد ميت منذ زمن طويل...

أي عملية زرع دماغ حي لا يمكن أن تنجح...

هناك ومضات في تاريخ هذه المنطقة ربما كانت تجربة محمد علي في مصر إحداها، لكن جمال عبد الناصر كان أسطعها إلى أن بهرتنا تجربة الإمام الخميني في إيران وتأسيس المقاومة الإسلامية في لبنان قبل انتقال التجربة إلى فلسطين...

لكن هذا الانبهار لم يطل...

حتى عبد الناصر الذي هادن الرجعية العربية بعد ضربات قاصمة تلقاها، كان أكثر حذرا من خلفاء الخميني في إيران الذين يتوضؤون اغتسالا من المبادئ الخمينية الثورية الأولى، قبل صلاة الميت على روح الحرية والتمرد الذي يستوجب إسقاط النظام السعودي لا النظر بالاتجاه الآخر بينما يزيد بن فرحان "فرحان قوي" وهو ينفذ أوامر واشنطن الآتية طازة من أفران تل أبيب لتمزيق آخر عناوين الشرف والكرامة في أمة الاربعمائة مليون حمار التي لا يعرف المرء لماذا جعلها الله على رأس امة المليارين من بغال المسلمين ليس فيهم اي خير يرجى...

هل يمكن أن يكون رجب طيب إردوغان او إقبال علييف او محمد بن سلمان او محمد بن زايد او محمد السادس أو وأو وأو...

هل يمكن أن يكون كل عهرة النظامين الرسميين العربي والإسلامي "خير أمة أخرجت للناس"؟...

هل يمكن أن يكون اربعمائة مليون حمار "عربي" وملياري بغل "مسلم"، هم "خير أمة أُخرجت للناس"...

حتى حجارة الباطون والصخور في كل العالم، وفي الغرب تحديدا، بكت أمام أهوال الإبادة والهولوكست الفلسطيني المعاصر، بينما لا تزال الأفراح في ديار العرب والمسلمين عامرة مع باقة من الأغانى والفن الهابط الذي لا يدفع ثمنه ألا من كان أكثر نذالة وخسة وهبوطا منه من أمثال تركي الشيخ وربعه...

هل يعقل أن يعود الناس إلى سماع تحاليل ومحاضرات محمد حسنين هيكل ليكتشفوا ضحالة فكر معظم ما يُسمى زورا طبقة المثقفين العرب المعاصرين...

مصيبتنا ليست في نواف سلام ولا في جوزيف عون ولا في بقية المتزلفين من عهرة البلاط السعودي؛ مصيبتنا تنحصر في أناس محسوبين على محور مقاومة لا يزال يُمَنّي النفس أن ""يعي السعوديون والخليجيون وغيرهم من عرب العبودية للمال ولما بين الفخذين؛ أن يعي هؤلاء الحقيقة ويعودوا إلى رشدِِ، هم أصلا بعيدون عنه عشرات مليارات السنين الضوئية...""...

مصيبتنا هي ان اكثرنا ثورية أمتلك قدرة تدمير المشروع الاستعماري الغربي وظل يتبع الصبر الاستراتيجي حتى وقعت الواقعة وتحول هذا الصبر وهذه الاستراتيجية إلى وبال ندفع ثمنها كل يوم في غزة وفي لبنان وأهل الضفة نيام...

مصيبتنا هي أن قادة محور المقاومة من إيران إلى العراق إلى لبنان لا يزالون كل على موقفه القائم على استراتيجية خطوة إلى الأمام عشر خطوات إلى الوراء...

يصر الإيراني انه انتصر رغم حجم الخروقات الهائل الذي فاق كل ما كان في لبنان...

تسأله لماذا وافق على وقف النار طالما هو ينتصر؟

يجيب أن أميركا هددت بالحرب الكبرى...

بعد كل التصريحات والتهديدات النارية بإخراج أميركا من غرب آسيا، نخاف من حرب كبرى هي الوسيلة الوحيدة لإخراج أميركا من غرب آسيا هذه...

يبرر الإيراني القبول بوقف النار رغم اليد الايرانية العليا في آخر أيام المعارك بالقول أن إسرائيل تملك ترسانة نووية قد تضرب بها طهران وقم وغيرهما...

تنظر اليه بتعجب كبير وتتساءل ما يمنع تغيير الفتوى وامتلاك النووي، فلا تجد.سوى ضياع كبير في التكتيك والاستراتيجيا...

نفس الاسطوانة في لبنان...

يقولون: طفح الكيل...

لن نسمح.باستمرار الانتهاكات دون رد...

يستمر مسلسل الاستخراء الأميركي ولا يزال خلفاء هوكشتاين مرحبا لهم في عين التينة قبل السراي وقصر بعبدا...

عدنا إلى زمن تفاهة مراكمة القوة...

كأن العدو لا يسبقنا بأشواط سمحنا نحن بها يوم وفرنا الصواريخ ولم نزل غوش دان عن الخريطة...

هددنا قواعد التجسس البريطاني في قبرص، ثم ابتلعنا السنتنا وتركناهم يصطادون القادة في حفلة صيد غزلان وطيور...

سمحنا للقادة أن يتحولوا من أسود إلى أرانب للصيد...

بعد أكثر من سنة على بدء الحرب العالمية الثانية، طلب رئيس ال KGB موعدا طارئا مع رأس الدولة السوفياتية جوزيف ستالين...

كانت التقارير الآتية من برلين تقول ان هتلر فرغ من الجبهة الغربية وقرر التوجه شرقا وإبقاء بريطانيا تحت القصف المدمر اليومي...

وازن ستالين هذه المعلومات وقرر أن العقلانية تقول ان هتلر لا يمكن أن يرتكب هذه الحماقة ويفتح جبهة ثانية بينما هو لا يستطيع إحكام السيطرة على الجبهة الأولى وعلى ما استولى عليه من أوطان...

بعد اقل من شهر عاد رئيس ال KGB وطلب موعدا ملحا بوجوب لقاء الرفيق ستالين...

استمع ستالين إلى كل التقارير الآتية من برلين والتي تؤكد اكتمال الخطط وحشد جيوش كاملة لاجتياح الإتحاد السوفياتي...

وازن ستالين المعطيات وخلص إلى نفس النتائج رافضا تصديق المؤكد...

بعد بضعة أيام، أيقظ رئيس ال KGB جوزيف ستالين ليخبره إن الهجوم الألماني الكبير قد بدأ وإن النازيين اخترقوا الدفاعات السوفياتية بسهولة...

كلفت عقلانية ستالين الإتحاد السوفياتي ٢٧ مليون قتيل أكثر من ثلثيهم من المدنيين...

رغم عظمة السيد نصرالله وبُعد نظره...

لا تختلف عقلانية ستالين عن عقلانية محور المقاومة والصبر الاستراتيجي البائس...

دفع حزب الله بطولات عظيمة كما فعل السوفيات...

لكن الضربات الإسرائيلية الأولى كانت أكثر قساوة من كل ما عهده تاريخ البشر...

استمرار إيران واليمن وحزب الله تحديدا في سياسة النعامة التي تدفن رأسها في الرمال سوف يؤدي، وهو بدأ يؤدي فعلا إلى نفس الأثمان المضاعفة التي دفعها السوفيات...

حربنا أكثر صعوبة لأن قيادة محور المقاومة لا تزال تعيش وهم زرع ادمغة في أجساد الموتى من العرب والمسلمين...

هؤلاء ليسوا سوى زومبي يجب القضاء عليهم قبل الانطلاق للقضاء على الغدة السرطانية نفسها في فلسطين...

المعركة قد تستوجب عشرات الملايين من الشهداء والضحايا...

لكنها حرب ضروس لم يبدأ محور المقاومة بخوضها بالشراسة المطلوبة...

التاريخ لا يرحم...

إما القتال، وإما مزبلة التاريخ...

إيران، استيقظي قبل أن يبتلعك بحر الظلمات الذي ابتلع العرب...


المصدر: موقع إضاءات الإخباري