أظهرت دراسة جديدة قادها باحثون من مركز ييل لأمراض الربو والمجاري الهوائية ومركز الطب الدقيق الرئوي (P2MED) في قسم الأمراض الصدرية والعناية المركزة وطب النوم بجامعة ييل، أن الربو يتصرف بشكل مختلف بين الذكور والإناث سواء على مستوى الأعراض أو على مستوى التعبير الجيني، وقد نُشرت نتائج الدراسة في المجلة الأمريكية لبيولوجيا الخلايا والجزيئات التنفسية.
الربو ليس مرضا واحدا للجميع
توضح الدكتورة شانون كاي، أستاذة مساعدة في قسم أمراض الرئة بجامعة ييل والباحثة الرئيسية للدراسة:
"الربو شديد التنوع، يبدأ في أوقات مختلفة، يظهر بأعراض مختلفة، ويستجيب للعلاجات بشكل متباين، مما لفت انتباهي خلال التدريب الإكلينيكي هو كيف يؤثر بشكل مختلف على الذكور والإناث."
تحليل ضخم للبيانات الجينية
للتعمق في هذه الفروق، حلل الفريق بيانات تعبير جيني من أكثر من 6000 عينة عبر قواعد بيانات عامة، وأجرى تحليلا تلوّيا (Meta-analysis) يركز على خلايا الدم المناعية.
النتيجة: تم تحديد 61 جينًا يختلف تعبيرها بين الجنسين لدى البالغين المصابين بالربو، العديد منها يرتبط بمسارات مناعية أساسية تشمل الحمضات (Eosinophils)، الخلايا اللمفاوية، والالتهاب من النمط الثاني (Type 2 inflammation).
كما جمع الباحثون بيانات من أكثر من 3500 فرد للتحقق من النتائج، وأثبتت الدراسة في عينة محلية من جامعة ييل أن هذه الجينات المتأثرة بالجنس ترتبط مباشرة بوظائف الرئة وشدة الأعراض.
دور العمر والهرمونات
لم تقتصر الفروق على الذكور والإناث فقط، بل تغيّرت أيضًا مع العمر ونوع الأنسجة. وظهرت أنماط مختلفة لدى الأطفال مقارنة بالبالغين، مما يشير إلى أن الجنس البيولوجي والتغيرات الهرمونية يؤثران في خطر الإصابة بالربو وشدته عبر مراحل الحياة.
تقول كاي: "نلاحظ تغيّر شدة وأعراض الربو خلال البلوغ، الحمل، وانقطاع الطمث، وحتى أثناء الدورة الشهرية، هذا دليل قوي على أن الهرمونات عامل رئيسي في هذه الاختلافات."
نحو علاج مخصص للربو
يرى الباحثون أن هذه النتائج قد تحمل آثارا مهمة على العلاج، فالعلاجات الحديثة للربو، مثل العلاجات البيولوجية (Biologics)، تستهدف أجزاء محددة من الجهاز المناعي. وفهم الملامح المناعية الخاصة بالجنس قد يساعد في اختيار الدواء الأنسب لكل مريض.
توضح كاي: "حتى الآن لا نأخذ الجنس بعين الاعتبار عند وضع خطط علاج الربو. لكن هذه الرؤى قد تكون بداية لطب شخصي أكثر دقة.
رؤية مستقبلية
يشير الدكتور خوسيه غوميز، الأستاذ المشارك بجامعة ييل والمؤلف الكبير للدراسة، إلى أن هدف مركز P2MED هو دمج البيانات الجزيئية عالية الدقة من علم النسخ (Transcriptomics) وعلم الوراثة مع الخصائص الإكلينيكية الدقيقة.
ويضيف: "هذا المشروع مثال على استراتيجيتنا لفهم الآليات الجزيئية للأمراض الرئوية، من خلال تحديد العوامل البيولوجية المسببة للربو يمكننا تجاوز التصنيفات التقليدية وتقديم رؤية أدق لهذا المرض المعقد."
كما أكد أن الأهداف الأساسية تتمثل في ترجمة هذه النتائج إلى أدوات طبية تحسن رعاية المرضى، إضافة إلى فتح المجال لاكتشافات جديدة تقود أبحاث المستقبل.
ما الذي يعنيه ذلك للمرضى؟
تأمل كاي في توسيع نطاق البحث لدراسة التأثير المباشر للهرمونات واستكشاف العلاقة بين الربو والأمراض المصاحبة مثل السمنة.
وتوجه رسالة للمرضى: "الربو لا يظهر بالشكل نفسه عند الجميع، فالجنس والهرمونات يلعبان دورا مهما، وهذه محادثات تستحق أن تُطرح في عيادة الطبيب."