لطالما كان بكاء الطفل إشارة استغاثة طبيعية تدفع الوالدين للتفاعل الفوري، وعلى مدى سنوات، اعتُقد أن سرعة استجابة الأم لبكاء رضيعها هي العامل الأساسي لنموه العاطفي السليم، غير أن دراسة جديدة نشرت في مجلة Developmental Psychology قلبت هذه الفكرة رأسا على عقب، مؤكدة أن طريقة التهدئة أهم من سرعة الاستجابة، وأن الثقافة تلعب دورًا كبيرًا في هذا الاختلاف.
- تفاصيل الدراسة
قاد البحث الدكتور كارلو فريدن من معهد DIPF لعلوم التربية (ألمانيا) بالتعاون مع الأستاذة زانا كلي من جامعة دارم (المملكة المتحدة). وركز المشروع على كيفية اختلاف استجابات الأمهات لبكاء أطفالهن بين بيئات ثقافية متباينة:
المجتمعات الحضرية في بريطانيا ذات أنماط التربية الغربية الحديثة.
القرى الريفية في أوغندا حيث تستمر أساليب الرعاية التقليدية عبر الأجيال.
قام الباحثون بتحليل 147 نوبة بكاء طبيعية عند 82 رضيعا تتراوح أعمارهم بين 3 و6 أشهر، بهدف فهم أساليب التهدئة الأكثر فاعلية.
- نتائج مفاجئة
في بريطانيا: الأمهات غالبا ما كنّ أسرع في الاستجابة، لكن استغرق الأطفال وقتا أطول ليهدأوا.
في أوغندا: رغم أن الأمهات قد يتأخرن نسبيا في الرد، فإن الأطفال كانوا يهدؤون بسرعة أكبر.
هذا التباين أوضح أن النوعية أهم من السرعة، وأن السلوك التهدئي المطبق له أثر أعمق في استقرار الطفل العاطفي.
- التلامس الجسدي مقابل التهدئة اللفظية
لاحظ الباحثون أن الأمهات في بريطانيا يعتمدن في البداية على التلامس الجسدي مثل الرضاعة الطبيعية، لكن مع تقدم عمر الطفل يقل هذا التلامس لصالح الطرق اللفظية.
أما في أوغندا، فظلت الطرق اللمسية مثل الرضاعة الطويلة والحمل الجسدي المباشر هي الوسيلة الأساسية حتى مع كبر سن الرضع.
- لا توجد طريقة واحدة صحيحة
تؤكد الدراسة أن التلامس الجسدي أكثر فاعلية في تهدئة الطفل في لحظات الانزعاج، لكنه ليس بالضرورة الأسلوب "الصحيح" الوحيد، فكل ثقافة تطور استراتيجياتها الخاصة، وما ينجح في بيئة معينة قد لا يكون فعالًا في أخرى. الأهم هو الاستماع للطفل والتكيف مع احتياجاته في السياق الأسري والثقافي.