قصة مراهقة قادرة على
منوعات
قصة مراهقة قادرة على "السفر العقلي عبر الزمن" تكشف أسرار الذاكرة البشرية
7 أيلول 2025 , 13:06 م

تشبه ذكريات الحياة لدى معظم البشر حبات الرمال، تنفلت من بين الأصابع مهما حاولنا الإمساك بها.د، غير أن قلة نادرة من الناس تعيش تجربة مختلفة تماما، حيث تبقى الأحداث العاطفية عالقة في ذاكرتهم كما يلتصق خيط العنكبوت.
وفي دراسة حالة جديدة، تم توثيق تجربة مراهقة تدعى TL (اسم مستعار حفاظا على هويتها) تمتلك قدرة استثنائية على تذكر كم هائل من تفاصيل حياتها بدقة مذهلة، هذه الحالة النادرة تُعرف بـ فرط التذكر (Hyperthymesia) أو الذاكرة الذاتية الفائقة (HSAM)، ولم يُسجل منها سوى أقل من 100 حالة حول العالم منذ وصفها لأول مرة عام 2006.
- قدرة فريدة على "السفر العقلي عبر الزمن"
تمنح هذه الظاهرة TL قدرة على "إعادة عيش" تفاصيل الماضي وكأنها تحدث أمامها الآن، بل وتمكنها أيضا من "اختبار" أحداث مستقبلية لم تقع بعد، وهو ما يشبه السفر عبر الزمن بعقلها.
تقول فالنتينا لا كورتي، عالمة النفس العصبي والباحثة الرئيسية من جامعة باريس: "الأشخاص المصابون بفرط التذكر يمكنهم أرشفة ذكرياتهم بدقة زمنية مذهلة، حتى إن بعضهم قادر على استرجاع تفاصيل ما قاموا به في يوم محدد قبل سنوات طويلة، مع استحضار المشاعر والأحاسيس المرتبطة به."
- "الغرفة البيضاء": مكتبة عقلية مذهلة
وصفت TL ذاكرتها على أنها غرفة بيضاء ضخمة منخفضة السقف، تحتوي على أرشيف كامل لحياتها، مرتبة بشكل زمني دقيق.
في هذه الغرفة يمكنها أن تستعرض الألعاب التي امتلكتها منذ الطفولة، وكل صورة عائلية بتفاصيلها الدقيقة.
أما الذكريات السلبية، فتُخزن في صندوق داخل الغرفة، مثل ذكرى وفاة جدها.
كما يوجد غرف عقلية أخرى: غرفة "الجليد" لتهدئة الغضب، وغرفة "المشكلات" للتفكير العميق، وحتى غرفة مليئة بالجنود ترتبط بذكرياتها حين غادر والدها للعمل في الجيش.
- حدود وقدرات غير عادية
أثبتت الاختبارات أن ذكريات TL غنية بالتفاصيل السياقية والانفعالية، ما يمنحها إحساسًا قويًا بإعادة التجربة. كما أنها قادرة على "التنبؤ" بالأحداث المستقبلية وكأنها عاشت تفاصيلها مسبقا.
مع ذلك، فإن هذه الذاكرة الاستثنائية ليست دائما نعمة؛ إذ يشير بعض المصابين بفرط التذكر إلى أن تدفق الذكريات المستمر قد يكون مرهقا ومرهقا نفسيا.
- أسئلة مفتوحة أمام العلم
رغم روعة هذه الظاهرة، فإن العلماء لا يزالون يتساءلون:
هل تؤثر الشيخوخة على ذاكرة المصابين بفرط التذكر؟
هل تتغير قدرتهم على السفر العقلي عبر الزمن مع تقدم العمر؟
وهل يمكنهم التحكم في تراكم الذكريات؟
تؤكد لا كورتي أن المجال مفتوح أمام أبحاث مثيرة قد تغير فهمنا للذاكرة البشرية وطبيعة الهوية الإنسانية.

المصدر: sciencealert