الابعاد الاستراتيجية للقضاء على حزب الله،وانصار الله والمقاومة الفلسطينية.
مقالات
الابعاد الاستراتيجية للقضاء على حزب الله،وانصار الله والمقاومة الفلسطينية.
زياد أبو الرجا
8 أيلول 2025 , 12:50 م


* في الوقت الذي انتصرت فيه الثورة الاسلامية الايرانية واطاحت بنظام الشاه يوم الحادي عشر من شباط/فبراير عام ١٩٧٩.قام الاتحاد السوفييتي باحتلال افغانستان في ٢٤ كانون الاول/ديسمبر ١٩٧٩قام الاتحاد في٢٤ كانون.

* قامت الولايات المتحدة بناء على توجيهات مستشار الامن القومي زبينيو بريجنسكي باستخدام التيارات الاسلامية،من خلال التحرش بالاتحاد السوفييتي عن طريق باكستان،من اجل التاثير على الجمهوريات الاسلامية المشكلة لجزء من الاتحاد السوفييتي.هذا التحرش كان هدفه جر الاتحاد السوفييتي لمهاجمة الاسلام السياسي في حرب استنزاف طويلة تنهك قدراته العسكرية والاقتصادية والاهم انها تضعه في مواجهة مع العالم الاسلامي.وهذا ما اكدته الوثاىق التي رفعت عنها السرية التي نشرت وما كتبه محمد حسنين هيكل تحت عنوان: عندما كبرت امريكا في افغانستان.وشرح فيها كيف جّرّ الاتحاد السوفييتي الى حرب افغانستان،وكيف جندت امريكا عن طريق حلفائها الذين جندوا المقاتلين ومولوهم من اجل الذهاب الى افغانستان التي اعلنت ارض جهاد،من قبل مراجع دينية جندت لهذه الغاية.

* هذه الحقاىق اثبتت ان المجاهدين الاسلاميين في افغانستان لم يكونوا سوى ادوات في الاستراتيجية الامريكية،وانهم استخدموا من غير وعي لتدمير المعسكر الاشتراكي لصالح الولايات المتحدة.ما ان انتهت الحرب وخرج السوفيات من افغانستان في الثاني من شهر شباط/ فبراير ١٩٨٩ حتى تركت هذا البلد يتخبط بحروبه الداخلية القبلية والعرقية،دون اهتمام لا بشعبه ولا بمستقبله.فتركت افغانستان فريسة لحروبها الداخلية،ونعمت الولايات المتحدة بخيرات التفرد بالقرار الدولي من خلال سياسة القطبية الواحدة.

* ادرك زعيم القاعدة اسامة بن لادن الخديعة الامريكية.فاتخذ من السودان مقرا له .ذهب قيادي رفيع المستوى.... الى السودان والتقى اسامة بن لادن.اتفق الرجلان على أن اضعاف الولايات المتحدة هو اضعاف لاسرائيل،وتاليا محاربة الولايات المتحدة واجب لاستكمال سياسة المقاومة ضد اسرائيل.كما اتفقا على سياسة مزدوجة تقوم على مفهومي التفكير بشمول التحرك محليا: اي التفكير بشكل شمولي لموازين القوى ولطبيعة التحرك الدولي وموقع اسرائيل على الخارطة الدولية،ومن ثم التحرك ضدها عن طريق المقاومة في لبنان وفلسطين.والمبدأ الثاني يقول: بالتفكير بشمول والتحرك بشمول.اي بطريقة التفكير العالمية ذاتها لموازين القوى ولموقع اسرائيل في المعادلة الدولية والاقليمية،ولكن التحرك بشمول في العالم كله لضرب الحليف الاول لاسرائيل،اي الولايات المتحدة،ويكون النصر الاكبر لو استطاعوا جلب الولايات المتحدة الى حرب تشبه حرب السوفيات في افغانستان.هنا اقترح اسامة بن لادن ان تكون افغانستان مرة أخرى هي مقبرة القوى العظمى،ولكن على ان تكون الولايات المتحدة هي الهدف هذه المرة ويكون السحر الامريكي الذي ادى الى خسارة الاتحاد السوفييتي حربه فى افغانستان وتاليا افول نجمه وانهيار المعسكر الاشتراكي،اي الجهاد الإسلامي،موجها هذه المرة ضد الولايات المتحدة وحلفائها للغرق بدورها في الوحل الافغاني.كما اقترح أن تكون الخطوة التالية لحركته يجب أن تكون اليمن كقاعدة انطلاق نحو تحرير شبه الجزيرة العربية.وضع ذلك اللقاء حجر الأساس لجهادية اسلامية مزدوجة سنية-شيعية عمقها في ايران.

* بعد غزو العراق لدولة الكويت اوقفت دول الخليج دعمها المالي لمنظمة التحرير الفلسطينية بضغط من الولايات المتحدة.اضطرت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية تخفيض ميزانيتها إلى النصف.في تلك الفترة قدمت مؤسسة راند RAND الامريكية،وهي المؤسسة التابعة لوزارة الدفاع الامريكية والمعتمدة للابحاث الاستراتيجية التي تعنى بشؤون السياسة الدولية والدفاعية كما بسياسة التنمية الاقتصادية والعلمية والصحية في الولايات المتحدة.جاء في التقرير اقرارا من المركز والباحثين بانه لا مجال لحل مسالة الشرق الأوسط الا بالاعتراف بحق الشعب الفلسطيني باقامة دولة فلسطينية.لم يكن هذا الاعتراف الأول من قبل جهات غربية ولا من قبل الولايات المتحدة،فان مؤتمر البندقية في ايطاليا الذي جمع الدول الصناعية كان قد اشار الى مثل هذا الحق،ولكن دون أن يستتبع ذلك باي قرارات عملية.

* تلقف ياسر عرفات(ابو عمار)هذا التقرير.المهم في التقرير لم يكن الاعتراف بهذا الحق،او هذا الحل من اجل ايجاد مخرج للصراع في المنطقة،المهم في التقرير انه يورد بعض الشروط حيث أنه يشترط ان يتم ذلك عبر المفاوضات وفقط المفاوضات،وانه لا يجب ترك أي مجال للطرف الفلسطيني بان يعتبر ان نتيجة نضاله هي التي جاءت بهذا الحل،ولذلك كان من بين الشروط شرط واضح لا لبس من اهدافه،الا وهو ادانة الكفاح المسلح وكافة اشكال العنف،كما كان هناك توجيه بضرورة أن تكون المفاوضات طويلة الامد لكي تهيء الارضية لكلا الطرفين،للقبول بما كانا يعتبرانه من خطوطهم الحمراء،وبالتالي لكي تنتهي المفاوضات بتنازلات،قد تبدو في المرحلة الأولى مستحيل تقديمها من الاطراف المتنازعة.كان الاصرار على أن تكون المفاوضات طويلة لكي يقبل كل طرف بالتنازل عن ما يعتقده من محرماته وهذا يعني انهم سيستفيدون من المدة الطويلة لتطويع منظمة التحرير الفلسطينية وليس اسرائيل.اعتقد ياسر عرفات(ابو عمار) انه قادر على المناورة دائما،وانه يستطيع ان يخوض كافة المغامرات العسكرية والسياسية ومن خلال المناورة يحصل على شيء ما.

* من البديهي الا تثق الحركات الاسلامية بالحركات اليسارية او العلمانية.وهذا نابع من عقيدتها.ففي الساحة الفلسطينية فرضت قيادة "فتح" في ظل التطورات التي تشهدها ما يفترض أنه ساحة العمل الاساسية في الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين التي اصبحت تشهد نموا للتيارات الاسلامية،حرصت على علاقات طيبة مع قيادة جماعة الإخوان المسلمين حيث رات في الجماعة حليفا لها داخل وخارج الاراضي المحتلة وذلك تبعا لتغير طبيعة التحالفات بين فصاىل منظمة التحرير الفلسطينية ولمواجهة التنظيمات السياسية في الاراضي المحتلة من اجل احتواء التيارات الاسلامية المتنامية وثقلها الجماهيري،وايضا العمل على توظيف قوة الاخوان المسلمين المتزايدة في صراعها مع الفصاىل الفلسطينية اليسارية،فيما كان الاخوان المسلمون دائما يقولون في دوائرهم الخاصة ان "فتح" هي اقرب الفصاىل الى الاخوان المسلمين،وكانوا يرون في "فتح" وان لم تتبنى الاسلام منهجا في عملها،ضمانا في تلك المرحلة لمنع سيادة الفكر اليساري.

في هذا الشان يقول محسن الخزندار ان خليل الوزير ( ابو جهاد ) اتصل مع الشيخ هاشم الخزندار وحثه على الاتصال بالقيادات الشابة من الاخوان المسلمين.وارسل خليل الوزير جوازات سفر يمنية مزورة للشيخ احمد ياسين والاستاذ محمد نوفل وطلب خليل الوزير مقابلتهما في بيروت او اي مكان اخر يرغبان فيه.كان رد محمد نوفل بالاعتذار لاسباب صحية وعائلية اما الشيخ احمد ياسين فقد قام بتقطيع جواز السفر وقال: (( انه لا يتعامل مع الطاغوت ولا يتعامل الا مع جهة تحكم باسم الله ومرجعيتها القران الكريم ولا ياتمن جانب كل العلمانيين)).

*كذلك الحال بالنسبة للجمهورية الاسلامية الايرانية عندما تاكدت من أن ياسر عرفات لم يعد يؤمن بالكفاح المسلح والثورة وقد ولج باب التسويات الامريكية المطروحة لم تعد تثق بمنظمة التحرير الفلسطينية واخذت تتعامل مع الحركات الاسلامية الفلسطينية الجهاد الإسلامي وحركة حماس ووجهت الدعوات إلى رمضان عبد الله امين عام حركة الجهاد الاسلامي وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس .وقاما بالتنسيق في طهران مع فيلق القدس والجهات الحكومية الاخرى المعنية بالأمر وفي مقدمها وزارة الخارجية.

* شكلت الجهادية المزدوجة تهديدا وجوديا للمصالح الامريكية في الشرق الأوسط فدأبت على شق تنظيم القاعدة باختراقه من الداخل في العراق،وتمكنت من اغتيال ابو مصعب الزرقاوي وتنصيب ابو عمر البغدادي الذي كانت قد هياته داخل السجن ليحل محله،وينقل المقاومة الى ما سمي تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام( داعش )هذا التنظيم اعترفت هيلاري كلينتون انه صناعة الولايات المتحدة.ثم انتقلت إلى لبنان لتنفيذ مخطط الشرق الأوسط الجديد بناء على رؤية كونداليسا رايس بالقضاء على حزب الله في لبنان.حيث شن الجيش الإسرائيلي الحرب في تموز/ يوليو عام ٢٠٠٦ وفشل فيه جيش الكيان فشلا ذريعا..

بقيت الجهادية المزدوجة الشيعية-السنية ممثلة بحزب الله في لبنان وانتصار الله في اليمن وحركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس في فلسطين.ونظرا لانعدام الثقة بين "فتح" الممسكة بخناق منظمة التحرير الفلسطينية وحركة حماس التي قامت بالانقلاب على السلطة الفلسطينية في غزة وسيطرت عليها.خلق هذا الوضع المستجد ان احكمت اسراىيل قبضتها على الضفة الغربية المحتلة وجعلت منها سجنا مفتوحا مع الاردن فيما جعلت من قطاع غزة سجنا مغلقا ومخنوقا.وشنت عليه قبل وبعد الانقلاب اكثر من عشرين حملة عسكرية استهدفت اكثر ما استهدفته المدنيين الأبرياء.

بعد طوفان الاقصى ودخول جبهات الاسناد التي اثبتت فيها الجهادية المزدوجة فاعليتها .جندت الولايات المتحدة كل طاقتها وحلف الاطلسي الذي قامت قواته الجوية بشن اكثر من الف غارة يوميا وعلى مدى عدة اشهر للقضاء على حزب الله وتدمير ترسانته الصاروخية.جندت اسرائيل اكثر من سبعة فرق عسكرية وعلى مدى شهرين لم تتمكن من اجتياز الحافة.لجات الولايات المتحدة الى السياسة للحصول على ما عجزت عن تحصيله في الميدان.فعادت الى القرار ١٧٠١ ونجحت في ايصال قاىد الجيش الى قصر بعبدا و نواف سلام الى رئاسة الحكومة.وحرضت الاحزاب والمنظمات اللبنانية العميلة واجهزة الاعلام بكافة اشكالها ضد حزب الله ومطالبته بتسليم سلاحه.ولزيادة الضغط على حزب الله دفعت الجولاني قاىد النصرةسابقا وهيئة تحرير الشام الذي اوصلته الى قصر المهاجرين في دمشق الذي خلع عمامته ولبس البدلة وربطة العنق باخراج تركي امريكي.ويهدد البقاع الشرقي العمق الجغرافي لحزب الله.والاستمرار في حرب الابادة الجماعية والتطهير والتجويع في قطاع غزة.للقضاء على المقاومة الفلسطينية بالاضافة الى الحرب على انصار الله في اليمن.لسان حال الولايات المتحدة واسرائيل يقول:ان الحرب يجب ان تستمر حتى بلوغ نهايتها المنطقية في القضاء المبرم على كل اشكال ومظاهر والاهم فكر المقاومة.فلا جهادية مزدوجة ولا فردية.المطلوب شرق اوسط خال من المقاومات ومن الجيوش العربية القوية.

مهندس زياد ابو الرجا