كتب الدكتور محمد صادق الحسيني:
لا تراهنوا كثيرا على اجتماعات الدوحة وامثالها… فالعطب عميق وجذوره ممتدة لقرن واكثر من الزمان .. وفاقد الشي لا يعطيه…!
فالحكام العرب المجتمعين في الدوحة انما هم نتاج دولة الاستقلال الوهمي والتجزئة المجهرية العرببة التي تم تصنيعها في مطابخ سايكس بيكو ومعادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية والذين هم الوكيل الذي تركه الاستعمار في مكانه ليقوم مقامه بعد رحيل جيوشه بسبب زيادة تكاليف بقاء جنوده في بلادنا.
فلقد تم التقسيم الذي نعيشه اليوم في الوطن العربي ورسمت الحدود فيه بما يناسب مصالح الاستعمار ولتبقى حالة التبعية له مستمرة، فزايدت هذه "الدولة" على مصالح سيدها الاستعماري وحققت له أكثر مما طلبه منها، بل أكثر مما حققه هو لنفسه عندما كانت جيوشه تحتل بلادنا.
ولهذا فإن الخيانة وبيع السيادة في المزاد والسباق في سوق التبعية هي جزء من بنية "دولة التجزئة" وليست مجرد صفة طارئة أو هوى حاكم أو أمر متعلق بانتمائه الفكري، فكل الطيف العقائدي في بلادنا يمكنه الانسجام مع هذه الخيانة كما أثبتت الوقائع بسبب قبوله واستسلامه لالتزامات " دولة التجزئة" القطرية.
،فدولة التجزئة هذه خلقت واعد كل شي فيها لتكون ضعيفة البنية ولا تستطيع الدفاع عن وجودها ولا إطعام مواطنيها ولا كفاية حاجاتهم.
وكان هذا هو المقصود من رسم حدودها لتبقى ضعيفة هزيلة ومجرد حصة في القسمة الاستعمارية، ومن ثم تضطر إلى التعلق بأهداب الأقوياء لضمان وجودها واستمرارها وتموينها،
حيث أن تقسيم بلادنا جعل الموارد البشرية في مكان غير مكان الموارد المالية غير مكان الموارد الزراعية، فضلاً عن كون الحاكم ينصب بقوة الخارج وليس بدعم داخلي بسبب ضعف البنى الداخلية.
وهو لذلك مضطر لاسترضاء مراكز القوى العالمية التي تكون هي سبب تنصيبه، فليس الأمر مجرد اعتراف بجميل ما، ولا بكون ثقافة الطبقة الحاكمة ثقافة أجنبية تابعة، هذه مجرد أسباب إضافية لكون الخيانة جزءاً من بنية هذه الدولة
والحاكم الذي لا ينسجم مع متطلبات التجزئة أو يحاول فرض إرادته العابرة لحدودها عليها فإن مصيره الزوال كي تبقى الدولة بالبنية الاستعمارية المطلوبة التي تفرضها مراكز القوى الغربية في مقابل ضعف البنى الداخلية.
لذلك لا حل ولا مناص ولا خلاص لهذه المعادلة الظالمة الا بالمقاومة .. المقاومة ثقافة وارادة وعقيدة واعدادا وبنية وحتى شكلا متفاوتا تماما عن اشكال نشوء هذه الاقطار منذ بداية القرن العشرين او تحديدا بعد سايكس بيكو.
المقاومة الفلسطينية او الثورة الفلسطينية في الواقع ومن ثم المقاومات العربية واكثرها تجليا وتبلورا لارادة مناهضة الاستعمار والصهيونية اي المقاومة الاسلامية ورديفاتها في لبنان وغير لبنان ، هي الطريق الوحيد لاخروج من شرنقة الدولة القطرية - دولة التجزئة- وصولا الى تحرر وتحرير الانسان العربي من سلطة الهيمنة العالمية بقبادة الشيطان الاكبر الذي يسمي نفسه الولايات المتحدة الامريكية ..
وهذا الطريق هو الذي ادركه القائد الشجاع والفطن يخيى السنوار وبنى عليه ارتكازات انتفاضة او طوفان الاقصى..
ذلك انه لولا طوفان الاقصى لما كان بالامكان تبلور وحدة الدم ووحدة الساحات بشكل عملي وواضح ومعارك الاسناد التي بدأت في لبنان وتعززت في اليمن المنصور بالله.
والتي هي ايضا اي طوفان الاقصى ، قد استطاعت عمليا ربط معارك التحرير العالمية التي اطلقت شرارتها ايران الاسلام منذ نحو نصف قرن بثورة الامام الخميني الكبير وصولا الى المعركة الانسانية المفتوحة على المستوى العالمي دفاعا عن حرية الانسان وتحرير فلسطين ( فري فري بالاستاين) المعركة التي بات افقها ينفتح على امكانية سقوط دول عظمى وانهيارها كالولايات المتحدة فضلا عن ازالة الغدة السرطانية المسماة" اسرائيل" من جسم الوطن العربي.
ما يحصل الان محليا في كل قطر من اقطارنا وفي منطقتنا العربية والاسلامية وصولا الى المسرح الدولي انما هو تحول جذري واساسي تمر فيه الانسانية الان في لحظة تاريخية انتقالية من عالم شيطاني احادي الى عالم متعدد الاقطاب تكون نتائجه الاولى:
سقوط معادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية و انتقال مركز ثقل العالم من الغرب الى الشرق…
وعندها ستتساقط سائر المعادلات الظالمة الاخرى ومنها دول الاستقلال الوهمية اي _وكلاء الاستعمار_ الواحدة بعد الاخر حتى نصل الى اوج تحرر الانسانية بازالة الغدة السرطانية واستعادة فلسطيننا من النهر الى البحر.
اقدارهم يركلون ويرحلون واقدارنا القوة الضاربة الباقية الطاهرة.
*عالم ينهار*
*عالم ينهض*
*بعدنا طيبين قولوا الله*