هل يمكن أن تصبح الفيروسات حليفا جديدا للبشرية في مواجهة أخطر أنواع البكتيريا؟ هذا ما توصلت إليه دراسة علمية حديثة، حيث اكتشف الباحثون أن الفيروسات قادرة على "سرقة" أجزاء جينية من بعضها البعض وتحويلها إلى أدوات فعّالة لمهاجمة أنواع جديدة من البكتيريا، بما في ذلك السلالات المقاومة للمضادات الحيوية.

البكتريوفاجات

البكتريوفاجات — وهي فيروسات تهاجم البكتيريا — تشبه في شكلها حقنة مجهرية: رأس مليء بالحمض النووي وذيل يخترق الخلية البكتيرية، لكن هذه الفيروسات نفسها يمكن أن تتعرض للغزو من عناصر جينية تُعرف باسم cf-PICIs، والتي لا تملك ذيولا، ولتجاوز هذا العيب، تلجأ إلى "سرقة" ذيول البكتريوفاجات الأخرى، مما يؤدي إلى نشوء فيروسات هجينة تحتوي على جيناتها الخاصة داخل رأسها، لكن بذيل "مستعار" يحدد البكتيريا المستهدفة.

الفيروسات والبكتيرياالفيروسات والبكتيريا

هذه "التكتيكات القرصنية" جعلت هذه الفيروسات الهجينة قادرة على إصابة أكثر من 200 نوع من البكتيريا، وفقا لنتائج البحث المنشور في مجلة Cell.

مقاومة البكتيريا

ويقول العلماء من إمبريال كوليدج لندن إن هذه الظاهرة تفسر كيف تنتشر جينات مقاومة المضادات الحيوية بين البكتيريا. وإذا تمكن الباحثون من السيطرة على عناصر cf-PICIs، فقد يصبح بالإمكان استخدامها كسلاح بيولوجي موجه ضد البكتيريا الخطيرة أو لتفكيك الأغشية الحيوية الواقية التي تحميها.

الأمر لا يتوقف عند هذا الحد؛ فقد استعان الباحثون بمنصة الذكاء الاصطناعي من Google Co-Scientist، والتي قامت بتحليل قواعد بيانات ضخمة وتوصلت إلى نفس الفرضيات التي استغرق العلماء سنوات لاكتشافها، المثير أن الذكاء الاصطناعي قدّم مقترحات لتجارب تم تنفيذها لاحقا وأثبتت صحتها، مما يؤكد دوره المتنامي في تسريع الاكتشافات العلمية.

مقاومة السوبر بكتيريا

البروفيسور خوسيه بيناديس وصف هذه العناصر الجينية بأنها "طفيليات الطفيليات"، في إشارة إلى قدرتها على استغلال الفيروسات نفسها، لكن المدهش أن هذه "الخدعة التطورية" التي ساعدت البكتيريا يومًا ما في تطوير مقاومتها، قد تتحول الآن إلى سلاح فعال ضد السوبر بكتيريا التي تهدد حياة الملايين.