عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين
1-إن تفخيخ أجهزة الـ"بيجر" واستغلالها كأداة قتل فوريّة —بحيث تنفجر بعد ثوانٍ من محاولة الضحية قراءة الرسالة — لا يوازي حدثًا تكتيكيًا فحسب، بل يمثل جريمة مدبّرة تهدف إلى قتل جماعي سريع لمستعملي جهاز النداء( البيجر) وهو ذو إستعمال مدني وعسكري في آن لإحداث رعب سياسي واجتماعي يؤدي إلى تفكيك الحاضنة الشعبية للمقاومة، وخلع قدرات الردع في وقت وجيز جدًا.
2- حوَّلت إسرائيل أجهزة الاتصال المدني/العسكري إلى عبوات مموهة تفجّر عند تفعيلها أو عند حملها أمام الوجه لقراءة رسالة واردة — مما يجعل الفعل قاتلاً في غضون 4–5 ثوانٍ ويؤدي إلى إصابات قاتلة في الرأس وبتر للأطراف حسب كيفية حمل الجهاز، دون الخوض في تفاصيل فنية قد تُستغل.
3- الطابع المَقصود للعملية: إن استهداف الناس عبر خدعة يومية — رسالة تُستقبل ويُفتَح معها المصير — يشي بقصد منهجي لقتل الضحايا، وإحداث رعب جماعي. هذا الأسلوب يحوّل كل فعل مدني بديهي إلى خطر قاتل، ويعكس خطة لاغتيال بنيان اجتماعي كامل لا مجرد خصوم مسلحين.
4- المدى البشري المباشر: فتفخيخ حوالى 4000 جهاز يعني إمكان إحداث موجة وفاةٍ فورية وصادمة: عدد هائل من الضحايا خلال دقائق، إصابات بالغة، وأعداد كبيرة من المعوقين، ما يؤدي إلى انهيار القدرة الطبية الطارئة في لحظات ويحرم المدنيين من أي فرصة إنقاذ فعلية.
5- الآثار الاجتماعية والاقتصادية: مثل هذه الجريمة المدبّرة تفضي إلى ذعرٍ جماعي، هروب واسع، تعطيل للخدمات الحيوية (طاقة، نقل، رعاية صحية)، انهيار نظام المستشفيات الصحي، وزرع الرعب والخوف في الأماكن والمناطق المتضررة بفعل تفجير البيجرات.
6- الدلالة السياسية والاستراتيجية: فاستغلال جهاز نداء يومي للقتل يهدف إلى تحقيق نتيجة عسكرية بالقضاء وبشكل نهائي على عدة تشكيلات من الَمقامة دون إراقة نقطة دم واحدة من الجنود الإسرائيليين وبذلك يتم تحييد عدد كبير من مقاتليها وتجبرها على الإستسلام.
7- التوثيق كخط دفاعٍ أولي وواجب فوري: توثيق كل حادثة (شهادات، وسائط مؤرخة، سجلات طبية)، حفظ بقايا الأجهزة كمادة دليلية، وحماية الشهود. فمن دون أدلة سريعة وموثوقة يُصبح تضييع المسؤولية سهلاً والتسويف ممكناً.
8- البُعد القانوني الدولي: إذا ثبت أن تفخيخ الأجهزة تمّ بقصد استهداف مدنيين بشكل منهجي، فهذه أفعال ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. والمجتمع الدولي مطالب بفتح تحقيق مستقل وفاعل ومحاكمة المخططين والمنفذين دون تأخير أو تسويف إذا إهتَمت الدولة بشؤون مواطنيها.
ولكن وللأسف فإن الدولة لم تشكل َملف متكامل لََمحاكَمة العدو في المحاكم الدولية.
وللأسف ونتيجة للدعم الأميركي غير المحدود لإسرائيل.
فنتنياهو مجرم حرب مدان ولا يزال سيقترف المزيد من جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي للفلسطينيين مع منع الغذاء، الماء، الكهرباء، الطبابة والمدارس َمنذ 721 يومًا تحت أنظار المجتمع الأَممي والدولي والعربي وقد ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 64,964 شهيدًا و 165,312 إصابة وأكثر َمن 15,000 مفقودًا منذ السابع من أكتوبر للعام 2023م.
فهذا العالم المنافق لم يتحرك ضميره الميت ولم يكترث لأكثر من 245.000 بين شهيد و فهل يكترث بحوالي 4000 من جرحى البيجر؟
فحسبنا الله ونعم الوكيل
9- الدور الإعلامي والسياسي بعد الحادث: ستسعى جهات عدة إلى تسييس الحادث لصالحها — تبريره أمنياً، إلصاقه بالخصم، أو استخدامه ذريعةً لتدابير استثنائية. لذلك يجب إطلاق حملة وثائقية متزامنة تفرض رواية مدعومة بالأدلة وتمنع تزوير المشهد.
10- المسؤولية الأخلاقية والإنسانية: لا يمكن أن يُبرَّر استهداف مدنيين بحجة تحقيق أمن استراتيجي أو إنتصار في معركة؛ فكل من يخطط أو يغطّي أو يُسهِم في هذه العملية يتحمّل مسؤولية أخلاقية وجنائية أمام الضحايا والتاريخ. والصمت الدولي أو التسامح أعطى الجناة فرصة الإفلات من العقاب.
11- إنَِّ تحويل جهاز بسيط يُفتَح لقراءة رسالة إلى آلة قتل خلال ثوانٍ هو جريمة. حرب وجريمة ضد الإنسانية؛ بُنيت لتغيّر معادلات القوة بالقوة نفسها — عبر القتل الجماعي والفوضى. والدرس التاريخي (صبرا وشاتيلا وغيرها) يؤكد أن الوقاية القانونية والدبلوماسية والتوثيق الفوري هما الفاصل بين المحاسبة والإفلات من العقاب، وبين صمود المجتمع وانكساره.
واليوم وفي الذكرى السنوية الأولى لجرحى البيجر الكلمة يقول الجرحى: "تعافينا" ،وهذه الكلمة تقول للعدو لقد خسئتم وخسرتم الرهان بتحييدنا، وعدنا إلى الحياة لمتابعة المسيرة الجهادية.
وإنً غدًا لناظره قريب
17 أيلول/ سبتمبر 2025