برّاك يُجَسِّدُ التهديد المكشوف للأمن والسلم الدوليين
مقالات
برّاك يُجَسِّدُ التهديد المكشوف للأمن والسلم الدوليين
عدنان علامه
23 أيلول 2025 , 11:30 ص


عدنان علامه - عضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين

1- مقدمة حول تصريح برَّاك التحريضي

إنَّ تصريح طوم براك يتجاوز كونه مداخلة تحليلية، أو تقييمًا للواقع الأمني؛ إنه تحريض مباشر على تقويض سيادة لبنان، وشرعنة استخدام القوة خارج الأطر القانونية الدولية، ويأتي في سياق إقليمي متفجر حيث كل كلمة قد تُترجَم إلى رصاصة أو غارة أو عملية إبادة.

2- الإطار القانوني الدولِيّ الواضح

إنَّ مبدأ حظر استعمال القوة الوارد في ميثاق الأمم المتحدة (المادة 2/4)، يمنع أي تهديد أو استخدام للقوة ضد سيادة دولة أخرى، إلا بموجب إذن أممي أو دفاع مشروع واضح؛ فدعوة نزع السلاح بالقوة أو التهويل بعمل عسكري تخرج الأفعال عن هذا الإطار وتضعها في خانة مخالفة القانون الدولي.

3- القرار 1701 والالتزامات المعلنة

إن قرارات وقف الأعمال العدائية التي وُضعت بعد عدوان ال 66 يومًا َبموجب القرار 1701ظ وضعت آليات ومددًا لوقف الاعتداءات وحفظ السلام؛ وتقويض هذه الآليات عبر خطاب يشرعن «الاستباحة» أو يطالَب بتجاهل بنودها، يفرِّغ القرار من مضمونه ويشجّع إضعاف آليات حفظ السلام الدولية.

4- التحريض السياسي والادعاءات غير الموثّقة

إن إتهام حزب الله ببناء قوة جديدة، أو حصوله على تمويل، دون عرض أدلة موثوقة أو دعوة لآليات تحقيق مستقلة يُحوّل الادعاء إلى ذرائع لشنّ هجمات. فالوسيط النزيه يطالب بالتحقيقات والشفافية، ولا يروّج لتحريض يسبق التحقيق.

5- التهديدات والتهويل كأدوات ضغط

إنّ ربط كلام براك بتصريحاته حول عدم تدخل الولايات المتحدة، وامتلاك إسرائيل "حرية" العمل، يخلق حالة من الإحباط القانوني داخل المؤسسات الدولية ويشجّع الفعل الأحادي،، وهذا بالضبط ما يؤدي إلى تفاقم الأزمة وإرتكاب جرائم حرب ومجازر ضد السكان المدنيين.

6- مسؤولية الوسيط الأخلاقية والقانونية

إن الوسيط المؤتمن على نزع التصعيد، عليه أن يعزز مؤسسات الوساطة والآليات القانونية، ويطالِب بتفعيلها؛ وبدلًا َمن ذلك، تحوّل إلى مبعِث تهديدات، ويصبّ الزيت على نار الانقسام الداخلي، ويضعف قدرة الدولة اللبنانية على ضبط الساحة وفق القانون.

7- أثر التصريحات على النسيج الداخلي اللبناني

إنَّ الدعوات العلنية لنزع السلاح بالقوّة، أو بتشريعات سياسية تُعمّق المخاوف من فتنة داخلية أو حرب أهلية، خصوصًا حين يقولها مسؤول دولي أو من يحظى بغطاء خارجي، وهو ما يهدد السلم الأهلي ويستهدف المدنيين قبل الأهداف العسكرية.

8- دلائل التضليل والشبهات حول التمويل والقرار السياسي

القول بإن حزب الله يتلقى مبالغ طائلة، دون تقديم أدلة رسمية وتقارير دولية موثوقة، يشي بخلفيات سياسية تهدف إلى تبرير إجراءات أحادية؛ فالمراجعة يجب أن تتضمن طلبًا لشفافية كاملة والتحقيق من جهات محايدة.

9- مسؤولية المجتمع الدولي

على الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمفوضية العليا لحقوق الإنسان التدخّل الفوري لدرء أي مسار يؤدي إلى انتهاكات، وفتح آلية مراقبة مستقلة لأي توسعات عسكرية أو تهديدات تمسّ المدنيين، وتذكير الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الدولي وتحديدًا القرار 1701.

10 -مآلات خطرة إذا استمر الصمت

إن ستمرار هذا الخطاب دون رد دولي واضح، يعني تزايد إحتمال ضربات إستباقية، توسع رقعة القصف، ومسارات إنتقامية تطال السكان المدنيين، كما حدث في مساحات أخرى؛ فالصمت الدولي هنا شريك في النتائج.

11- مطلب المحاسبة والاقتراحات العملية

نطالب بصدور بيان دولي واضح يدين تصريحات براك ويدعو إلى وقف أي تحريض على استخدام القوة، وإطلاق تحقيق دولي في أي مسؤولية سياسية أو دعوة لاعتداء. كما نقترح إحالة أي أدلة تُقدَّم إلى محكمة دولية أو لجنة تحقيق أممية لضمان مساءلة من يشرّع العنف.

لطوم براك لم يعد وسيطًا محايدًا، بل صار صوتًا يشرعن إخلالًا بالقانون الدولي والسلم الأهلي؛ فتصريحاته تُعرّض لبنان لشَلّ السيادة ولقتل المدنيين. وعلى المجتمع الدولي أن يتخذ موقفًا فوريًا: رفض التحريض، تفعيل قرارات الأمم المتحدة، وفتح ملفات محاسبة لكل من يسهّل أو يروّج لاستخدام القوة خارج القانون. لأن السكوت هنا يساوي مشاركة فعلية في الجريمة.

وإنَّ غدًا لناظره قريب

23 أيلول/سبتمبر 2025