يُعد حب الشباب من أكثر الأمراض الجلدية شيوعا، إذ يعاني منه ملايين المراهقين في مختلف أنحاء العالم. ورغم أن الأعراض غالبا ما تختفي بحلول منتصف العشرينات، فإن نحو 3% من الأشخاص يظلون يعانون من البثور حتى بعد تجاوزهم سن الثلاثين.

- لماذا يظهر حب الشباب؟

ينتج حب الشباب عندما تفرز الغدد الدهنية كميات زائدة من الزهم، وهي مادة طبيعية تحافظ على ترطيب الجلد والشعر. وعند اختلاط الزهم بخلايا الجلد الميتة، يتشكل انسداد في بصيلات الشعر، سرعان ما يتعرض لعدوى بكتيرية من نوع Cutibacterium acnes، ما يؤدي إلى ظهور البثور.

ورغم وجود خيارات علاجية مثل الكريمات الموضعية، المضادات الحيوية، أو الأدوية القوية مثل إيزوتريتينوين (روأكتان)، إلا أن هذه العلاجات لا تخلو من آثار جانبية خطيرة، كما أن الأعراض قد تعود بمجرد التوقف عن استخدامها.

- لقاح أول بتقنية mRNA

تعمل شركة سانوفي الفرنسية على تطوير لقاح يعتمد على تقنية الحمض النووي الريبي المرسال (mRNA)، وهي التقنية ذاتها المستخدمة في بعض لقاحات "كوفيد-19".

آلية العمل: يستهدف بروتينات البكتيريا المسببة لحب الشباب لتحفيز جهاز المناعة على إنتاج أجسام مضادة طويلة الأمد.

الهدف: الحفاظ على البشرة خالية من البثور ومنع عودة المرض.

الوضع الحالي: يخضع اللقاح حاليا لتجارب سريرية في الولايات المتحدة وسنغافورة بمشاركة مئات المتطوعين، ومن المتوقع إعلان النتائج بحلول عام 2027.

- لقاح ثانٍ يستهدف إنزيم البكتيريا

أما الفريق البحثي في جامعة كاليفورنيا – سان دييغو، فقد طوّر لقاحًا مختلفًا يعتمد على تعطيل إنزيم هيالورونيداز، الذي تستخدمه البكتيريا لتحليل حمض الهيالورونيك المسؤول عن ترطيب الجلد.

النتائج الأولية: أظهرت التجارب على الفئران انخفاض شدة حب الشباب بنسبة 50% بعد الحقن.

الخطوة المقبلة: نقل الأبحاث إلى التجارب السريرية على البشر في السنوات القادمة.

- آمال وتحديات مستقبلية

ترى البروفيسورة أليسون لايتون، خبيرة الأمراض الجلدية، أن هذه اللقاحات قد تقلل من الاعتماد على المضادات الحيوية، وهو ما يساعد في مكافحة مشكلة المقاومة البكتيرية.

يشير خبراء آخرون إلى أن فعالية اللقاحات قد تتطلب جرعات دورية للحفاظ على النتائج.

هناك حاجة للتأكد من أن هذه اللقاحات لا تؤثر سلبا على الميكروبيوم الجلدي المفيد، وهو التوازن الطبيعي للبكتيريا النافعة على سطح الجلد.

- بارقة أمل للمستقبل

رغم أن الطريق لا يزال طويلاً، فإن تطوير هذه اللقاحات يمثل خطوة ثورية في طب الأمراض الجلدية، وقد يكون الحل المنتظر لملايين المراهقين والبالغين الذين يعانون من حب الشباب، مانحا لهم أملا جديدا في الحصول على بشرة صحية خالية من البثور.