الكشف عن أسرار أحجار التنين في أرمينيا أحجار التنين
دراسات و أبحاث
الكشف عن أسرار أحجار التنين في أرمينيا أحجار التنين
25 أيلول 2025 , 13:56 م

كشفت دراسة حديثة أجراها علماء من جامعة يريفان الحكومية ومعهد الآثار والإثنوغرافيا التابع للأكاديمية الوطنية للعلوم في أرمينيا عن أسرار جديدة لما يُعرف بـ"أحجار التنين" أو "فيشاب"، وهي نصب تذكارية حجرية ضخمة تعود إلى الفترة بين 4200 و4000 قبل الميلاد، أي إلى عصر النحاس (الأنيوثي).

لطالما اعتُقد أن هذه الأحجار العملاقة ذات النقوش الحيوانية الغامضة كانت جزءاً من طقوس وثنية مفقودة، لكن البحث الحديث يثبت أنها كانت جزءاً أساسياً من نظام إدارة المياه والطقوس المرتبطة بها.

أحجار مرتبطة بالمياه والري

قام الباحثون بتحليل 115 حجراً منتشرة في المرتفعات الأرمينية، باستخدام تقنيات التأريخ بالكربون المشع، والتحليل المكاني، والقياسات الدقيقة.

النتائج أظهرت أن هذه الأحجار وضعت بشكل متعمد بجوار الأنهار، والبحيرات، والقنوات المائية القديمة. ويُعتقد أنها كانت بمثابة علامات مقدسة ضمن شبكة معقدة لإدارة الموارد المائية.

أشكال أحجار التنين المختلفة ودلالاتها الرمزية

صنّف العلماء الأحجار إلى مجموعتين رئيسيتين:

أحجار على شكل أسماك: تقع في مناطق مرتفعة تصل إلى 3000 متر فوق سطح البحر، بالقرب من ينابيع المياه الطبيعية.

أحجار على شكل جلد ثور: وُجدت بكثرة في الوديان المتوسطة الارتفاع، حيث كانت المياه تُستخدم في الزراعة.

هذا التوزيع المكاني يعكس الفهم العميق للأرمن القدماء لدور المياه كعنصر مقدس ومصدر رئيسي للحياة.

استمرارية دينية وثقافية عبر العصور

تُظهر الاكتشافات أن هذه الأحجار لم تكن مجرد معالم من الماضي، بل استمرت أهميتها عبر العصور. ففي موقع تيرينكاتار، حيث توجد أكبر مجموعة من "أحجار التنين"، أضافت مملكة أورارتو نقوشاً مسمارية لاحقاً، بينما نحتت المجتمعات المسيحية رموزاً وصلباناً عليها بعد قرون عديدة.

هذا يثبت أن المكانة الروحية لهذه الأحجار ظلت حيّة رغم تغيّر الأديان والثقافات.

دلالة عالمية على رؤية الإنسان القديم

يشير العلماء إلى أن "أحجار التنين" تشبه في أهميتها مواقع أثرية كبرى مثل ستونهنج في بريطانيا، حيث تعكس جميعها توجهاً إنسانياً مشتركاً نحو بناء منشآت ضخمة مرتبطة بالطقوس المقدسة والموارد الطبيعية.

رمز أبدي للماء والحياة

بالنسبة للإنسان القديم الذي نحت هذه الأحجار قبل أكثر من ستة آلاف عام، لم تكن مجرد إبداعات هندسية، بل رموزاً مقدسة تجسد العلاقة بين الجبال والمياه والحياة البشرية، وتجعلنا نعيد التفكير في مدى عمق الوعي الديني والثقافي لدى الحضارات الأولى.