خطة الكولونيل بيترز
مقالات
خطة الكولونيل بيترز". و باكو تصعد في وجه روسيا ربما مقابل ثمن كبير قد وعدت به., لماذا انقلبت "باكو" بهذه السرعة و فجاة و لسبب محلي الطابع على "موسكو" ؟
علي وطفي
2 تموز 2025 , 23:52 م


الأسباب متعددة و متراكمة ، يمكننا اختصارها لعب الدور الذي رفضته جورجيا القوقازية ، أي فتح جبهة مساندة بأوكراينا ضد روسيا رغم شدة ضغوط الغرب عليها ، ام ان الغرب يسعى لتوريط أذربيجان في لعبته... و هل تعتقد باكو انها سوف تخيف موسكو مع استخدام الجالية الأذربيجانية في روسيا بعد ان خف دعم و اللامبالاة الأمريكية في الجبهة الشرقية استعدادًا لحرب قادمة لا محالة مع الصين..؟

ربما تم تهديد النظام في اذربيجان و ربما إغرائه بكل الطرق الممكنة حتى ينخرط كأداة بين القوى العظمى ضد روسيا من هنا نراقب تسارع إنهيار العلاقات بين روسيا و أذربيجان الذي يثير استغراب و حيرةً مُطلقة...

التدهور الذي بدات ملامحه تتبلور عندما تحدت روسيا الغرب الذي ينوي تحويل أوكرانيا إلى خنجر في الخاصرة الروسية و باللجوء إلى الضغط حيث تعتقد باكو بأن روسيا أضعف مما يظن الكثيرون و بالتالي يمكن هزيمتها لكن علييف هو اكثر من يعلم لماذا يتعامل بوتين مع اوكراينا على عكس ما يفعله حكام تل ابيب مع الفلسطينيين و الإيرانيين ، لأنه يعتبر الشعبين شعب واحد ولا يمكنه و لا يريد ان يتصرف بقسوة ضد من يتحدثون اللغة نفسها و نفس المنبه و الديانة و إلا إتبع من البداية سياسة الارض المحروقة.

أمر آخر قد يكون سبب الخلاف في الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها أذربيجان نتيجة الحرب في اوكرانيا حيث لم يكن من الممكن إبرام أي صفقة غاز اذربيجانية مع موسكو ، التي تقاتل في أوكرانيا مع الناتو و مضطرة الآن ان تتجنب تنازلات مالية لشركائها و هي عوامل حاضرة في تدهور العلاقات ، لكنها لا تفسر بشكل منطقي التصرفات التي تعتمدها أذربيجان ضد روسيا.

الجميع بات يعلم ان "لندن'، الراعي الأساسي للنظام في أوكرانيا و ايضا بيدها أموال الاوليغارشية الأذربيجانية في ما يسمى الأفشورا منذ التسعينيات و حتى اموال رئيس اذربيجان نفسه واستثماراته إضافة إلى أن شركة ال PB حصريا تسيطر على موارد و توزيع مشتقات النفط في كل اذربيجان وخارجها من هنا يمكن إستنتاج إيعاذ بريطانيا لفتح الجبهة ضد روسيا على حدودها الجنوبية و داخلها، و إلا يمكن تضع يدها على تلك الاموال ، و ' علييف' معروف انه من مؤيدي دونالد ترامب الذي يريد إنهاء الحرب حتى قبل عودته إلى البيت الأبيض و بالتالي يمكن القول ان واشنطن ايضا ليست بعيدة عن كواليس هكذا قرار..!

دخل في خلاف مع فرنسا و تعتبره ألمانيا دكتاتورا مستبدًا و الجميع في أوروبا يريد التحكم بموارد أذربيجان الرخيصة بعد توسيع صادراتها إلى أوروبا جعل أذربيجان تعتمد اعتمادًا كبيرًا على هذه السوق و هي الان في مأزقً لذلك الغرب بدأ التحكم بسياسة باكو على ما يبدو التي سوف تلقى مصير روسيا نفسها من العقوبات في تصدير غازها إن حاولت التملص.

كما ان وضع ارمينيا و التوترات على حدود روسيا الجنوبية لن يسمح لموسكو، في ظل الحرب الأوكرانية بتقديم مساعدة عسكرية " ليريفان" الخاضعة ايضاً اسيطرة حليف غربي(فرنسا) في حال تعرضها لهجوم من أذربيجان وبدعم من حايفتها تركيا التي تسعى لنفس الهدف ولتقليص ما تبقى من مساحة أرمينيا إلى النصف، و ربما محيها نهائيا و إضافة إلى تموضع جمهورية داغستان المسلمة الروسية الأكثر اضطرابًا في روسيا على حدود أذربيجان، هذا كله قد يمنح "علييف" ورقة ضغط على موسكو، من الواضح أن هذه الخطوة تتطلب دعم جدي من الغرب ، و عقد صفقة تبادل المساعدة المتقابلة.

اذا السر يكمن في خريطة "الكولونيل بيترز" و إغراء "باكو" بمشروع يجعل من 'علييف" شخصية تاريخية لا تتكرر في تاريخ الشعب الاذربيجاني كموحد الامة ارضا و شعبا.

الكولونيل رالف بيترز"، ضابط مخابرات أمريكي مخضرم و ظهر مخططه للعلن في عام 2006 مشروع "الشرق الأوسط الكبير الجديد" الخطة الاسطورة ، و هو تماماً ما تنفذه الولايات المتحدة و إسرائيل و تقوم على ثلاث اهداف : دعم الأكراد في انشاء دولتهم ، السعي إلى تفكيك إيران و اضعاف دول في الشرق الاوسط و ما يجاوره التي لا تخصع لسياسة الغرب

من هنا كان انتظار انهيار إيران من خلال الإطاحة بنظامها السياسي أحد أهداف العدوان على إيران بل الهدف الوحيد برأيي ، و لاتنسى اتهام طهران باكو بالفعل بمساعدة إسرائيل مجددًا على ضرب الأراضي الإيرانية من المعلوم تعاون تل أبيب الوثيق مع أذربيجان في مجالات عديدة ، بما في ذلك المجال العسكري و التجسسي، و تزود باكو بأنظمة أسلحة و غيرها من المعدات ، هذا ما أكده السفير الإيراني السابق لدى أذربيجان، " محسن باك أيين"، إطلاق طائرات إسرائيلية مسيرة من الأراضي الأذربيجانية ، هي معلومات وردت من باكو و عمليات تجسس و استخباراتية ضد إيران خلال حرب ناغورني كاراباخ دون إذن أو تنسيق مع أذربيجان ، خلال هذه الفترة أسقطت إيران طائرة إسرائيلية مسيرة ، كما قامت إسرائيل باختراق أجهزة الاستخبارات الأذربيجانية دون علم السلطات لدخول المجال الجوي الإيراني و حذّرت حينها إيران أذربيجان و أكد مسؤولون اذربيجانيون كبار ذلك. و أضاف السفير أن إيران تجري تحقيق بشأن ما إذا كانت أذربيجان قد ساعدت إسرائيل في هجمات خلال العدوان الاخير و إذا تأكد ذلك ، سوف تضطر اتخاذ إجراءات صارمة ضد باكو

على ما تسرب اليوم و هو غاية في الاهمية بأن الخطوط الحمر قد الغيت من قاموس الصين و روسيا العسكرين مع طهران و على ما يبدو اول صفقة طائرات مقاتلة SU- 57 تتكون من خمسين طائرة بعد صفقة ال ميغ - 35 تشق طريقها إلى طهران و انظمة دفاع جوي صينية أيضاً لابد من دعم إيران لتبقى لاعب مهم و ذو فعالية في وجه ما يتم حياكته في تلك المنطقة الهامة من آسيا الوسطى.

و هناك امر خطير لم يلتفت إليه الكثيرون ، هو مقتل الرئيس الايراني اللغز .. من المعروف في يوم الحادثة كان هناك زيارة رسمية اإلى ارمينيا من اجل افتتاح قسم مهم من طريق (شمال - جنوب ) لكن اصرار رئيس النظام الاذربيجاني على حضور افتتاح لا بأهمية السد العالي و لا سد النهضة بين البلدين ،و أن يكون الوفد على مستوى اقل , لكن في الساعات الاخيرة تم احراج الإيرانيين كون الرئيس الاذربيجاني قرر الحضور شخصيا و بالتالي توجب حضور الرئيس الإيراني رئيسي و تأجيل زيارة ارمينيا .!!

بالعودة إلى تدهور العلاقات المفاجئ بين باكو و موسكو ايضا يطرح تساؤلات عن مصير مشروع الخط البري و خط سكك القطار النقل بين روسيا و إيران، و هو جزء مهم من "ممر الشمال- الجنوب" الدولي و الخروج من تحت سيطرة و تحكم الغرب في طرق و عمليات التصدير و الاستيراد.

اذا يمكن بسهولة بالنظر إلى تلك الخريطة و استنتاج بماذا وعدت أذربيجان ؟ ربما "أذربيجان الشرقية الإيرانية" التي تشكل حوالي نصف أراضي أذربيجان التاريخية التي كانت جزءًا من دولتين في الماضي هما روسيا و إيران ، روسيا خرجت و بقيت إيران و الامر الاهم كيف ينعكس هذا كله على راعي النظام الإقليمي لفي باكو المتمثل بحليفه رجب طيب أردوغان ، فبحسب الخريطة حتما ستفقد تركيا جزءًا من أراضيها الحالية لصالح دولة كردستان المستقلة و ربما جورجيا ، التي لا تحظى بتأييد الغرب اليوم ، قد تذهب مضطرة لمنح باكو جزءًا من أراضيها التي يعيش فيها اذربيجانيون و هم أكبر أقلية قومية فيها بسبب الخوفً من رجل له هكذا دعم من رعاة دوليين و إقليميين أقوياء .

لذلك اليوم تعتبر أذربيجان نفسها قوة إقليمية بعد إنتصارها

و استرجاع إقليم 'كاراباخ" و تزايد القوة العسكرية و الدعم التركي ، كل هذا يعزز طموحاتها هذه و أي حادث سواء كان عملية خاصة ضد جماعة او مخالفين للقانون الروسي من الاذربيجانيين و هم مواطنون روس بالمناسبة اي انه شان داخلي أو حتى ضربة صاروخية للقوات الروسية على مصفاة نفط في أوكرانيا قد تكون سبب عند باكو للتصعيد.

اما هدوء الكرملين و عدم إستعجاله الرد و التصعيد الإعلامي المقابل على هذه التصرفات رغم الحملة الإعلامية الدولية من الغرب على روسيا و بدون سبب استراتيجي او خارجي مؤثر ، ربما تريد موسكو الرد، ليس بالقول، بل بالفعل إذا استخدمت باكو الجالية الاذربيجانية كأداة ضغط فإن روسيا لديها رد مماثل في تعزيز الرقابة على نشاط الاذربيجانيين و الخدمات اللوجستية كتحويل الاموال إلى الخارج و إلى اذربيجان تحديداً و شركات البناء كل شيء في حدود القانون و رجال الأعمال الأذربيجانيون في روسيا مؤثرين و أثرياء و مصلحتهم في علاقات مستقرة ، تستطيع روسيا التصرف بشكل منهجي غير هستيري و تهديدات علنية بجانب الدبلوماسية في المرحلة الحالية... و قد لا يتم وقف التصعيد انصياعا للخطط البريطانية ، لكن كما هو معروف عند السوفيت سابقا و الروس حاليا مقولة : "الانتقام طبق لا يُقدم إلا باردا ".

المصدر: موفع إضاءات الإخباري