وعد بلفور الثاني،
مقالات
وعد بلفور الثاني، "بشرة سوداء، أقنعة بيضاء"
حليم خاتون
30 أيلول 2025 , 19:24 م

كتب الأستاذ حليم خاتون:

تركيا، باكستان، إندونيسيا، السعودية، قطر، مصر، ...

هؤلاء هم بعض من يقف وراء دونالد ترامب في إصدار وعد بلفور الثاني...

خطة ترامب للسلام في غزة ليست أكثر من جزء ثانِِ من وعد بلفور المشؤوم... هي خطة غير مباشرة للقضاء على القضية الفلسطينية...

بعد أن قام بن غوريون بتثبت الكيان على أكثر من ٧٠% من فلسطين التاريخية، ها هو ترامب يمهد لنتنياهو تثبت سلطة الكيان على ما تبقى من فلسطين وكل جنوب سوريا وشريطا من جنوب لبنان...

هذه الدول سوف تلعب نفس الدور المشؤوم الذي لعبه ما سُمِيَ زورا ب "جيش الإنقاذ" في حرب ال٤٨...

منذ أيام والكاتب فراس ياغي يفند خطة ترامب بندا بندا في مقالات نشرت على موقع إضاءات...

كذلك فعل الأستاذ خليل نصرالله؛ وكذلك غيره من الكتاب...

لكن الجميع تقريبا تجنب التشبيه بين ما يريده ترامب في غزة عبر هذه الخطة، وما حصل في جنوب لبنان حيث تمتلك أميركا حرية القتل على اختلاف أشكاله تحت شرعية نواف سلام وجوزيف عون التي أمنتها بغباء شديد قيادة المقاومة الإسلامية في لبنان...

المطلوب من هذه الدول الضغط على المقاومة الفلسطينية للوصول إلى وضع مأساوي شبيه بالوضع في جنوب لبنان...

هذه الدول هي من تحدث عنها فرانس فانون في كتابه" بشرة سوداء، أقنعة بيضاء"...

هؤلاء هم من يعوّل عليهم ترامب في إخراج الكيان من ورطته وعجزه عن إلحاق الهزيمة بالمقاومة الفلسطينية... تماما كما فعلت أميركا وفرنسا في لبنان، حين حوّلا الانتصارات البرية لحزب الله التي استمرت ٦٦ يوما، منع فيها المجاهدون خمس فرق عسكرية اسرائيلية من التمركز في أي نقطة على طول الحدود الجنوبية من لبنان؛ فتم فرض قرار وقف للنار أمّن الحرية لإسرائيل في القتل والتدمير وفرض على المقاومة عبر السلطة اللبنانية العميلة انسحابا شبه كامل من كل منطقة جنوب الليطاني...

هؤلاء من سوف يؤمن لنتنياهو نصرا لم يستطع تحقيقه على أرض الواقع...

تماما كما حصل في لبنان...

وقف إطلاق نار من قِبَل الضحية، وإستمرار إطلاق يد أميركا وإسرائيل في القتل والإبادة، لكن هذه المرة بمظلة عربية إسلامية...

في مسرحية هزلية تضمنت اعتذارا من قطر هو بحد ذاته أكثر قبحا من نتنياهو وترامب وأمير قطر نفسه، ومعهم كل هذه المجموعة سيئة الذكر...

تقول الأخبار الآتية من قطر إن إردوغان دخل على خط الوساطة مع حماس...

الحقيقة هي أن إردوغان الذي لم يتوقف طيلة الحرب عن التجارة بدماء الفلسطينيين بينما كان يؤمن مع معظم هذه الدول النفط والغذاء لإسرائيل تعويضا عن خط الإمداد الإمبريالي عبر البحر الأحمر الذي قطعه أنصار الله في اليمن...

قد يتبادر إلى الذهن إن الدول المذكورة أعلاه هي أسوأ الموجود في الصحّارة العربية الإسلامية المهترئة...

لا، انتظروا قليلا؛ أولاد زايد لا يقبلون إلا صفة الأول دائما في لعب دور "المقاطعجي" عند الإستعمار...

لذلك قام ترامب شخصيا بشكر محمد بن زايد (MBZ)، وأخيه الذي لا يقل عنه عمالة، عبدالله بن زايد (ABZ)...

حتى لفظ أسمائهم صعب على الرجل الأبيض، فتم اختزالهم بأحرف من خيانة ونذالة وحقارة كل هدفها هو وأد الدولة الفلسطينية قبل ان تولد...

يقوم مشروع ترامب على إسقاط كل المنجزات التي حققها السابع من أكتوبر عبر خطة مبهمة قام بكتابة سطورها صهر ترامب السمسار العقاري اليهودي جاريد كوشنير، ومستشار نتنياهو رون ديرمر، صاحب الفضل في إسقاط سوريا عبر رشوة روسيا وتركيا لإيصال التكفيريين إلى قصر المهاجرين في دمشق...

على هذه المشروع توافق السلفيون (السعودية وكلابها)، والإخوان المسلمون (تركيا وقطر وكلابهم)...

حتى الكلاب في العالمين العربي والإسلامي صار عندهم كلاب أصغر شأنا، وبنفس درجة الحقارة والنذالة...

في كتابه "بشرة سوداء، أقنعة بيضاء"، يصف المناضل فرانس فانون حالة هؤلاء بدقة حين يتحدث عن طبقة العبيد الأسياد التي تتمتع بنوع خاص من السادية حين تقلد أسيادها البيض عبر استعباد شعوبها بقساوة أكبر، ولؤم أكثر...

حكام دول الموز هذه هم أصحاب البشرة السمراء الذين يعملون عبيدا عند السيد الأميركي الأبيض...

هم دونيون يريدون إثبات الذات عبر معاملة الآخرين بدونية أكثر قساوة؛ والمقصود هنا ليس بالطبع جماعات مهرجانات الترفيه، او رجال الأعمال الذين يبيعون امهاتهم مقابل ابتسامة اصحاب الشأن تحت نظرية طاعة اولياء الأمور...

المقصود هنا هم "المعذبون في الأرض"؛ هم الشعوب المستضعفة التي لم يفتح أعينها قادة محور المقاومة ويشرحوا لها أن لا حل إلا بالعنف الثوري الذي تخوضه الآن المقاومة الفلسطينية في غزة...

الإستعمار حركة عنفية في التاريخ؛

لا يمكن إسقاط هذه الحركة العنفية إلا بعنف ثوري مضاد!...

هذا ما فهمته شعوب كثيرة في الصين وفيتنام والجزائر وغيرها...

وهذا ما عمل ابو عمار على تغطيته بشعارات وهمية حول السلاح الديموغرافي وهو يعتقد أنه أكثر ذكاء من الاستعمار والامبريالية...

هذا ما لم يفهمه محور المقاومة حتى اليوم وهو يتوهم أن باستطاعته التفاهم مع هذا الاستعمار وهذه الإمبريالية...

محاولة مد اليد إلى السعودية لن تجلب إلا المزيد من الخيبات؛ لكن يومها سوف يكون السبت قد دخل بطيز اليهودي...

حتى لو سلمت حركة حماس كل السلاح، سوف يلجأ نتنياهو وترامب إلى أي عملية طعن او دهس للعودة إلى حرب مدمرة بهذه الحجة... وسوف يخرج من يقول أن أميركا لا تضمن إسرائيل...

حتى لو بقي سكين مطبخ في بيت فلسطيني، سوف يقوم نتنياهو بالعودة إلى حرب الإبادة وسط صمت كل دول الموز المذكورة أسماؤهم أعلاه...

بل حتى لو لم يكن هناك حتى سكين مطبخ، سوف يقول نتنياهو وترامب أن هناك من "يفكر" بشراء هذا السكين، وتعود الإمبريالية وإسرائيل إلى حرب الإبادة...

لا نتنياهو، ولا ترامب يحتاجان إلى حجة...

إنهم أسياد الإبادة...

الشعوب العربية والإسلامية تتعرض لأبشع أنواع الخداع عبر هذه الدول التي تخبئ ما يقوله ترامب علنا بأنه سوف يعطي إسرائيل غطاء كاملا للإبادة...

وهل هو فعل يوما غير هذا حين تبني إسرائيل في كل عمليات الإبادة، وجرائم الحرب!!!...